بدأ فريق الادعاء في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في شأن جريمة اغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري عرض 4 تسجيلات صوتية للقاء جمع الحريري مع مسؤول الاستخبارات السورية في لبنان رستم غزالة والصحافي شارل أيوب في 9 كانون الثاني (يناير) عام 2005. وسمعت التسجيلات للمرة الأولى، لكن التسجيلات تضمنت عبارات غير مفهومة في شكل واضح للمستمع العادي (عبر شاشات التلفزة) فيما توافر للمحكمة تفريغ للتسجيلات. وتحدث الشاهد النائب غازي يوسف عن المرحلة التي كان العمل فيها جارياً على وضع ما سمي قانون فرنجية الانتخابي الذي كان يهدف إلى إسقاط الرئيس الحريري في انتخابات ربيع 2005 لو قدر لها أن تجرى. وأشار يوسف إلى أن الحريري كان مؤمناً بالفوز بالانتخابات في بيروت بغض النظر عن التقسيمات وكان يردد أنه سيخوض الانتخابات في كل لبنان متحالفاً مع وليد جنبلاط وبكركي. وقال: «عندما كان لا يزال رئيساً للوزراء كان أعطى رعايته لمؤتمر كان سيعقد في شباط (فبراير) آنذاك لخريجي معهد في فرنسا، وصديقي جو عيسى الخوري الذي كان رئيساً لخريجي ذلك المعهد أتى ليسأله سياسياً ماذا يحصل، وقال للرئيس نحن في منطقة الأشرفية كمسيحيين لا نعرف موقعك من «لقاء البريستول» فضحك الرئيس: ماذا تريدون أكثر من أن باسل (فليحان) موجود في البريستول؟ يعني أنا موجود وليس الحريري من يذهب إلى البريستول بل البريستول عند رفيق الحريري». وأضاف يوسف إن «الحريري قال إننا نناقش قانون انتخابات ومع أي قانون كان، سأخوض الانتخابات النيابية في كل لبنان مع المعارضة، انتظر شهر زمان وستراني على درج بكركي يدي بيد وليد جنبلاط والبطريرك ولوائح مشتركة لأن هذه الطريقة الوحيدة لأن نفوز بالانتخابات وليخرج السوري من لبنان، وليس هناك خلاص للبنان إذا بقي السوري يتدخل في شؤوننا». وقال: «كلام مماثل لهذا الكلام كان يقوله الحريري في اجتماعاته مع ممثلين لمناطق ولأصحاب قرار انتخابي وهذا الكلام هناك من نقله إلى الأجهزة الأمنية السورية اللبنانية وكانوا على معرفة أن الحريري لم يكن بوارد إعطاء تنازلات وكانوا على علم أنه يحضر لانتخابات نيابية مع المعارضة في كل لبنان من أجل الانتصار بانقلاب ديموقراطي من داخل البلد بأكثرية نيابية تعيد القرار اللبناني إلى اللبنانيين». وعما إذا كان يجتمع بأعضاء من «حزب الله» بعد التمديد للحود، قال: «كان يجتمع مع السيد حسن نصرالله. كنت أعلم بهذه الزيارات بعد حدوثها وكان هناك قبل التمديد زيارات روتينية مرة كل شهرين، أما بعد محاولة اغتيال حماده فتكثفت الوتيرة في زيارة نصرالله وأصبحت زيارات عديدة تكون أكثر من مرة أو مرتين أو 3 في الشهر الواحد». وعن اعتماد هذا النهج، قال: «لم أكن أعلم فحوى الحديث ولكن من البديهي أن هذه المرحلة، مرحلة الانتخابات ومرحلة ما بعد محاولة اغتيال حمادة، وكنا نعلم أن السيارة خرجت من الضاحية، كاراج الخنسا، وهي المنطقة تحت نفوذ من حزب الله وأعتقد أن الحريري في اجتماعاته كان يريد أن يتجنب أعمالاً عنفية. لا أعتقد أنه كان قد حقق أي هدف من أهداف كان يريد تحقيقها مع الحزب ومصطفى ناصر كان المعتمد بين الحريري ونصرالله». ولفت إلى أن «سعد الحريري طلب مني بعد الانتخابات النيابية عام 2005 الاجتماع مع نصرالله وكان هناك طرح أن أتبوأ منصب وزير خارجية في الحكومة العتيدة وبناء لطلب من نصرالله أراد التعرف علي أولاً ليطمئن قلبه، وذهبت مع الوسيط ناصر الذي أخدني بسيارته الخاصة وذهبنا في شوارع عدة لا أعرفها ودخلنا من خلال بعض الأبنية ووصلنا إلى منطقة محظورة وكان اللقاء الوحيد معه. ونتيجة للاجتماع، لم أعين وزيراً في الحكومة. تطرقنا للحديث مع نصرالله إلى بعض الأمور العامة التي تتعلق بلبنان وكان هناك نوع من الاستجواب عما كنت فعلت في الماضي وبعض الأمور المتعلقة بمستقبل البلد وعملي مع رفيق الحريري وتطلعاته إلى لبنان بلد مستقل ولست من الأشخاص الذين يغيرون قناعاتهم وكنت صريحاً بالنسبة إلى لبنان حر مستقل وممثل خير تمثيل في العالم واجتمعت بعدها مع سعد الحريري وقلت له مستحيل أن يوافق على غازي يوسف النائب الشيعي في كتلة المستقبل وزيراً للخارجية». الشبكة الاستخبارية ولفت يوسف إلى أنه بعد «انسحاب السوريين من لبنان في عام 2005 أصبحت العلاقة بين حزب الله وسورية وثيقة أكثر». وقال: «كلنا يعلم أن مصدر السلاح للحزب هو إيراني-سوري وأصبح لحزب الله وجود مسلح في بيروت واستبدلت استخباراته بالوجود السوري». وعن الشبكة الاستخبارية السورية و»حزب الله»، قال: «كانت مطبقة الحكم، مُحكمة، تتَّصل بأدق التفاصيل بأحياء بيروت الكبرى ولها مكاتب أساسية في بيروت وفرعية في الشوارع وكان لها مخبرون وكل ما يجول في أي حي كانوا على علم به. كان هناك آذان تسمع على الحائط». وانتقل الادعاء إلى عرض تسجيلات كان المحققون في المحكمة عرضوها على الشاهد لاجتماع دار بين الحريري وغزالة وأيوب. وتحدث الادعاء عن 4 ملفات صوتية استخرجت من شريطي كاسيت. وكانت لجنة التحقيق المستقلة التابعة للأمم المتحدة حصلت على هذه التسجيلات من رئيس الأمن الخاص للحريري وسام الحسن عام 2005. وقال الادعاء إن «النصوص المدونة كانت أفضل نتيجة توصلنا إليها لكن التسجيلات هي ذات نوعية متدنية مقارنة بإفادة مسجّلة بسبب طبيعة طريقة تسجيلها». وفي عرض الادعاء لمقتطفات من التسجيلات، يقول أيوب: «عام 98 قبل انتخاب لحود بثلاث أشهر أو بشهر قال لي (الحريري) سيأتي الرئيس لحود قلت له اخترب بيتك إذا أتى، وحياة أولادي أتكلم كلام حرفي، سيأتي شخص يشغّلنا كلنا سوا... هناك رغبة وإرادة عند دولته بعلاقة جيدة وممتازة مع سورية ورأيت أن الكلام معك سيادة العميد (غزالة) فيه كل رغبة وتجاوب وأعتقد البلد سيمشي في صفحة جديدة بعد الذي مر به». وأكمل الشريط بصوت غزالة الذي قال: «دولة الرئيس صديق وحليف لسورية وللجميع من أيام القائد الخالد وصولاً للرئيس بشار الأسد... وهو صديق لسورية وللشعب السوري ودولة الرئيس أنا سامع منو أنني يا أخي أنا أبي أتى مع جدي طفلاً إلى سورية. وهو لا يعتبر نفسه بعيداً عن هذا النسيج ولا عن هذه التركيبة السياسية، وسامع من دولة الرئيس 100 مرة أني أنا أحكم لبنان ولكن لولا سورية لا أحكم ولا يمكن استمر بالحكم إذا لم تكن سورية راضية... ونحن... نحمل له كل مودة وكل خير في مسيرة العلاقة بين الدولة ومسيرة العمل السياسي وفي الدول تحصل عثرات... وتحصل نتوءات. فهذا عمل سياسي وهذه مجتمعات». وقال الحريري: «صحيح». وقال غزالة في تسجيل آخر: «الأمر طبيعي هناك تباينات، لاسيما أن لبنان بلد صعب فيه كل التناقضات الدينية، الشرائحية والاجتماعية والعرقية والسياسية، لبنان تركيبته كلها كانت مجموعة تناقضات رُكِبت على بعضها من العهد العثماني وصولاً إلى الانتداب الفرنسي وكان آخر انتظام للحياة السياسية بين اللبنانيين هو اتفاق الطائف». وهنا عقب أيوب بالقول: «يقولون ولد هذا الاتفاق ميتاً، إذا ولد ميتاً وكل يوم يصدر بيان تأييد له في العالم العربي». وقال غزالة: «نكن لدولة الرئيس كل احترام لو حصلت بعض التباينات والأمور، أي خلاف تكتيكي حله سهل... هناك خلافات دائماً بين الدول والأحزاب. والذي حصل ليس عقائدياً بل تكتيكي على بعض الأمور التفصيلية وبال 12 سنة التي عشناهم سوا وأنا شاهد حي مع دولة الرئيس ولم نشهد إلا كل تجاوب ومحبة وكل ائتلاف قوي... لذلك سنتعاون لمسعى أخوة، أنت قلبك طيب ونحن نحبك دولة الرئيس... هناك بعض الأمور تعالج بالحوار البناء والصادق وبالإرادة الطيّبة ولا شيء يستوجب خلاف». وقال الحريري: «... نحن لا نرضى أن تدقها شوكة لسورية حتى لو تباينا معها بالرأي». وعرض شريط آخر مما قال الحريري فيه ب»أنا لا أقبل رئاسة الحكومة إلا بالتوافق مع الشام...».