من يظن ان لسورية علاقة من قريب أو من بعيد باغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري هو من المخطئين. هذا مع الاقرار بأن مقتله سيريح سورية من خصم قوي جداً، كان له حضوره الفاعل والمؤثر، وأحياناً الحاسم في الحياة الاقتصادية والسياسية والبرلمانية اللبنانية. فالرسالة التي تحملها العملية موجهة بالذات للوجود السوري في لبنان، وللرأي العام اللبناني لإثارته ضد سورية، ومن أجل تطبيق القرار 1559 الذي يدعو سورية للرحيل عن لبنان، على رغم أن وجودها فيه ليس احتلالاً، بل ضمن اتفاقات لبنانية - سورية بغض النظر عن نوعية تلك الاتفاقات والظروف التي أجريت فيها. ويأتي اغتيال باني لبنان ما بعد الحرب الأهلية المدمرة، بعد تصريحات مشبوهة لبعض أقطاب المعارضة اللبنانية هاجمت اتفاق الطائف، وشككت فيه. مع العلم أن الراحل رفيق الحريري كان انتقد تلك التصريحات، واعتبرها في غير محلها. ومعروف عن الحريري إصراره على تطبيق القرار 1559، ومعارضته الشديدة لدمشق وعلاقته الوطيدة والشخصية بالرئيس جاك شيراك. وقد شهد لبنان الصغير، في السابق، حملة اغتيالات سياسية استهدفت أركان حكمه، وقادة أحزابه، ورجالات القرار والسياسة وأصحاب التأثير الديني والطائفي والحزبي في بلد الأرز. وقد اتهمت سورية بالوقوف وراء بعضها، لكن معظمها كان من فعل اللبنانيين أنفسهم، أو من طرف جهات أخرى مثل"اسرائيل"، وغيرها كانت لهم علاقة بما يدور في لبنان، أو كانت لهم مصلحة في استمرار دوامة الموت والحرب فيه. عملية اغتيال الرئيس الحريري، بكل ما فيها من بشاعة، تعتبر موجهة ضد وحدة لبنان واستقراره وأمنه الوطني ومصالحه العليا. ويجب أن تكون رسالة لكل اللبنانيين من أجل تماسكهم وتكاتفهم ووحدتهم حفاظاً على وطنهم، والسلم المدني، والحياة الديموقراطية في بلد عانى الويلات بسبب تدخل الآخرين, ولأسباب محلية كان يجب دفنها بعد انتهاء مرحلة الحرب وبداية زمن السلم والبناء. أما الوجود السوري في لبنان فليس وجوداً أبدياً، ويجب أن ينتهي بانتهاء أسبابه، مع العلم أن عملية اغتيال الحريري ستسرع في ذلك، لأن الحليفتين المتباعدتين الولاياتالمتحدة وفرنسا اصبحتا في تنافس علني على إنهاء الوجود السوري في لبنان. هذا إضافة الى تدخل"اسرائيل"الدائم على الخط وفي شكل علني قبيح. أوسلو - نضال حمد [email protected]