برز امس في الاحتفالات في ذكرى عاشوراء التي اقيمت في بيروت وخصوصاً الاحتفال الحاشد الذي اقامه"حزب الله"، موقف سياسي مقابل للموقف الذي عكسته الحشود الغفيرة التي شاركت في جنازة رئيس الوزراء السابق الشهيد رفيق الحريري وكذلك المواقف التي اعلنتها المعارضة اللبنانية. ففي الوقت الذي هتفت الجماهير التي شاركت في تشييع جنازة الرئيس الحريري بخروج القوات السورية من لبنان، دعا الأمين العام ل"حزب الله"في الاحتفال الكبير الذي اقيم في الضاحية الجنوبية للعاصمة، الى"التحاور والتلاقي ولو كنا في حال غضب او تشنّج او توتر"، مشيراً الى ان"المخرج الوحيد لما نحن فيه هو ان نذهب الى الانتخابات وأن نعالج الوجود السوري من خلال الحوار وليس من خلال التقاتل والاحتكام الى الشارع لأن في لبنان كل الناس عندها شارع وكل الناس تستطيع ان تنزل مظاهرات". ودعا نصر الله الى التعاطي مع قتل الرئيس الحريري بمسؤولية، مؤكداً للعالم ان المقاومة"هي خيار امتنا مهما وصفها الأعداء بالإرهاب". وقال:"اجتمعنا في هذا العام لحماية المقاومة وحماية الوطن، وبالمقاومة يحمى الوطن وبالوحدة الوطنية وبالتآلف والتلاقي تحمى المقاومة، والمقاومة درع هذا الوطن وحصنه الى جانب الجيش والدولة والشعب". وأضاف:"اتينا لنؤكد من خلال هذا الحشد الكبير والصادق التزامنا بهذا الخيار الذي نؤمن به من موقع المسؤولية. ولنؤكد للعالم ان المقاومة حاضرة في وجدان شعبها". وأشار الى انه في هذا العام"يشغلنا الوضع اللبناني بشدة ويضع البلد كله على خط القلق، ويحمّلنا جميعاً في لبنان، القوى السياسية والدولة والموالاة والمعارضة والطوائف والأحزاب والفئات وأفراد شعبنا واحداً واحداً، مسؤولية استثنائية وتاريخية وكبيرة عن المرحلة التي نعيشها، ونحن بالتأكيد، مدعوون لتحمل هذه المسؤولية بعيداً من الانفعالات والعواطف والعصبيات الحزبية والمذهبية والطائفية والمناطقية، لأنه لو انهار السقف سينهار على رؤوس الجميع، ولو ذهبنا الى الخراب، فإن الجميع سيكون خاسراً ولن يكون هناك رابح إن تركنا الساحة لانفعالاتنا وغضبنا وعواطفنا، او إذا اعتبر اي واحد منا ان الفرصة مواتية للاقتناص على مستوى المكاسب والمغانم الشخصية او الفئوية". واعتبر ان"الكل في لبنان يقف هذه الأيام امام هول ما حصل في الأيام الأخيرة من حادث دموي ادى الى استشهاد الرئيس رفيق الحريري وجملة من مرافقيه ومن المواطنين، والمطلوب تعاط مسؤول مع هذه القضية بما يطمئن عائلته ومحبيه وكل الشعب اللبناني". وأضاف ان المطلب"هو التحقيق الجدي والصادق والمخلص والأمين والسريع والمتابعة المسؤولة لهذا الملف". وأكد ان"ليس امام اللبنانيين لمعالجة ازماتهم ومشكلاتهم سوى التحاور"، مشيراً الى ان"لا يجوز ان نعيد اخطاء الماضي، يجب ان نستفيد من كل التجارب الماضية". ودعا الى"ألاّ يرتكب اي منا هذا الخطأ من جديد، لا يجوز من جديد ان يعزل فريق لبناني فريقاً لبنانياً آخر ويقاطعه مهما كانت الخلافات، لا يجوز ان تعزل الموالاة المعارضة ولا يجوز ان تعزل المعارضة الموالاة، ولا هذه القوة تلك القوة، ولا هذه المجموعة تلك المجموعة، لا خيار امامنا إذا كنا حريصين على لبنان سوى ان نجلس مع بعضنا ونتكلم مع بعضنا ونتناقش مع بعضنا في خياراتنا ونبحث عن حل. لا التدويل يعالج قضيتنا ومحنتنا في لبنان بل يزيدها تعقيداً، ولا اللجوء الى الخارج. إنني بكل صدق وإخلاص أقدر انفعال وغضب وعواطف بعض القادة السياسيين في لبنان لما جرى من عمليات في الآونة الأخيرة، ما زلنا جميعاً نجهل فاعليها ولا نعرف مرتكبيها، انني إذ أقدر هذا الانفعال وهذا الغضب وهذه العاطفة الصادقة، اتوجه الى كل السادة في المعارضة وعلى رأسهم الزعيم الكبير وليد جنبلاط، وأقول لهم ايها السادة ايها الأخوة في بلدنا وفي وطننا لا يجوز ان نعالج مشكلتنا بمزيد من الانفعال ومزيد من السخط ومزيد من التصعيد، ولا يجوز إن كنتم تصفون ما هو قائم في لبنان بانتداب سوري ان نستبدله بانتداب آخر، وأنا لا اريد ان اناقش الآن في هذه التسمية. الجميع مدعو لأن يلتقي ولنوفر هذا البلد آمن بمعنى ان فيه سلماً اهلياً وان إرادة اهله هي ارادة تجتنب وتتجنب الذهاب الى استعمال العنف في حل القضايا السياسية على المستوى الشعبي، ولكن استمرار الوضع القائم، بالتأكيد، فيه خسائر سياسية واقتصادية ومعنوية ونفسية، اللبنانيون جميعاً قلقون في هذه المرحلة، تعالوا لنوفر كل هذه الخسائر ولنذهب الى حيث يجب ان نذهب، الى الطاولة، والى حيث سنذهب في نهاية المطاف، لأن في هذا البلد اثبتت كل التجارب وعلى مدى القرون الماضية كلها انه بلد الجميع لا يستطيع احد ان يشطب احداً، ولا يستطيع احد ان يلغي احداً ولا يستطيع احد ان يتجاهل احداً. إذا كانت هذه هي حقائق التاريخ والمجتمع والسياسة والتركيبة اللبنانية، لماذا لا نستفيد من كل تجارب الماضي؟". واعتبر نصر الله ان"المخرج الوحيد لما نحن فيه، هو ان نذهب الى الانتخابات، اذا كنا نتحدث عن بلد ديموقراطي ومجتمع ديموقراطي وآليات ديموقراطية لمعالجة المسائل الأساسية في البلد، فلنذهب الى الانتخابات، دعوا الاستفتاء جانباً وأنا طرحته فقط من قبيل ان اردتم نحن موافقون، دعوه جانباً، بالتأكيد ليست هناك مصلحة في لبنان ان يحتكم اي منا الى الشارع بحسم مسائل اساسية وخصوصاً ان شارعنا يسارع الى الخطاب الطائفي والشعارات الطائفية واستحضار الضغائن والأحقاد الطائفية". وأضاف:"نحن نطالب بإجراء الانتخابات في موعدها المقرر إلا اذا اجمع اللبنانيون على تأجيلها لبعض الوقت، فلا نخالف إجماعاً ولكن الأصل والصحيح هو اجراء الانتخابات في موعدها المحدد". وعن القرار 1559، قال نصر الله:"بعضنا يتصور ان هذا القرار سيحقق للبنان سيادة وحرية واستقلالاً"، وتساءل:"كيف يصنع هذا القرار سيادة؟ وكيف يأتينا بالاستقلال وكيف يصنع لنا الحرية؟". وأضاف:"في المقابل هناك وجهة نظر اخرى تقول هذا القرار يضيع البلد ويخربه ويجعله مرهوناً لقوى دولية ولقوى معادية على المستوى الإقليمي، اعني اسرائيل بالتحديد. البعض يقول ويستدل ان المطالب المذكورة في القرار 1559 هي مطالب اسرائيلية بالكامل". وأكد نصر الله قائلاً:"التخوين نرفضه ولغة الدمى والعملاء نرفضها نحن جميعاً لبنانيون معنيون بمصير بلدنا ومعنيون بأن ندرس وبأن نتأمل وبأن لا نقع في فخ احد لا في فخ اسرائيل ولا في فخ اميركا ولا في اي فخ ينصب لنا". وقال:"قرار الشعب اللبناني في اي مسألة، في العلاقات مع سورية في الموقف منها في الموقف من وجود قواتها على الأراضي اللبنانية او بعض الأراضي اللبنانية يجب ان نعالجه من خلال الحوار او من خلال مؤسساتنا الدستورية وليس من خلال التقاتل". فضل الله: اثارة الاجواء المذهبية حرام وحذر السيد محمد حسين فضل الله من"الذين يصنعون التوتر الانفعالي في الواقع اللبناني"، مؤكداً ان"هؤلاء يخونون الامة لأن التوتر عندما يتعاظم يقود الى الفتنة او الحرب وعلينا ان نعمل جميعاً لتحصين الساحة في حركة المسؤولية والوعي بعيداً من الاهتزازات الانفعالية". وأكد تحريم إثارة الاجواء المذهبية وبخاصة بين السنّة والشيعة، مشيراً الى ان الذين يعملون لذلك"يخونون الأمة في واقعها ومستقبل أجيالها، لأنهم يقطعون أوصالها لحساب المشاريع الأميركية في المنطقة ويجعلون الأمة لا تنطلق من الموقف الواحد والموقع الواحد في مواجهة الاخطار". وقال ان"التراشق بالكلمات الحادة والمثيرة للغرائز من شأنه ان يؤسس للحقد في نفوس الناس لمصلحة انتخابية هنا وطائفية هناك"، وقال:"هناك قضايا تختلفون عليها داخلية وخارجية، ولكل واحد وجهة نظر، فلماذا تغلقون أبواب الحوار؟ إن الذي يخاف من الحوار فإنه يخاف ان يكتشف انه مخطئ". وخلص الى القول:"ان الذين يصنعون التوتر الانفعالي في الأمة يخونون الأمة. نقولها للمعارضة وللموالاة، لأن هذه اللغة عندما تتعاظم فإنها تقود للحرب والفتنة". وقال النائب والوزير السابق محمد يوسف بيضون رئيس"الجمعية الخيرية الإسلامية العاملية"إن"أشد العواقب تتوالى علينا، وهل اشد من اغتيال الاعتدال في بلد أساسه الاعتدال وقاعدته حين نجا مروان حمادة وسقط رفيقه، اغتيل رفيق الحريري ومعه رفاقه وآخرون، ألم يكن الاعتدال هو المستهدف؟ أليس من الظلم ان ينتزع رجل من قومه بفظاعة لا توصف ويقتل كبير القادة، وما أقل القادة؟". قبلان يدعو لتطبيق الطائف نصاً وروحاً كرر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان شجبه وإدانته للجريمة التي اغتالت الرئيس الشهيد رفيق الحريري وقال:"وهي بذلك تحاول ان تغتال جميع اللبنانيين واعادة الوطن الى حال النزف والتمزق وكأن نار الفتنة لا تزال تجد من يوقدها، ونسأل الله اللطف والهدى للجميع. وندعو اللبنانيين جميعاً الى وحدة الصف والى جمع الكلمة، وندعوهم الى عدم السقوط مجدداً في التشرذم والانقسام، وعدم اتاحة الفرصة امام اعداء لبنان بالانقضاض عليه مجدداً، هذا امتحان صعب ايها الاخوة اللبنانيون جميعاً تأذوا من هذه الجريمة، لقد اصابت كل بيت وكل مؤمن بوحدة لبنان وشعبه وبصيغة عيشه المشترك. ولبنان سيبقى اكبر من كل محاولات التهديم والنيل منه، وسيبقى وفياً لدماء الشهداء الذين استشهدوا دفاعاً عن عزة هذا البلد وكرامته وعروبته التي نرفض التشكيك فيها والانقلاب عليها مهما تأتت الظروف". وقال انه لا يريد ان يتحدث عن المعارضة والموالاة، مناشداً الجميع"التعاون معاً لتطبيق اتفاق الطائف نصاً وروحاً وسد كل الثغرات والمنافذ التي يمكن ان تكون مادة استغلال يستفيد منها كل من لا يريد الأمن والاستقرار لهذا البلد".