ما أشبه اليوم بالبارحة. فقد تحول اليوم الثاني لتقبل التعازي بالشهيد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في دارته في قريطم، الى تشييع رمزي نظراً الى استمرار تدفق المعزين بعشرات الآلاف من بيروت والمناطق اللبنانية كافة، وقد اضطرت غالبيتهم للانتظار أكثر من ساعتين ليتاح لها تقديم التعازي الى شقيق الفقيد شفيق، وأولاده بهاء الدين وسعد الدين وأيمن وفهد. والمشهد كان يتكرر في الصالون الكبير في الطابق الخامس الذي خصص لاستقبال المعزيات اللواتي توافدن لتعزية شقيقته النائب بهية الحريري يحيط بها عدد من أفراد الأسرة وعائلات المرافقين الشهداء، فيما بقيت زوجة الرئيس السيدة نازك تتقبل التعازي في الطابق السابع تحيط بها ابنتاها جومانة وهند. وإزاء تدفق المعزين بهذه الاعداد الضخمة اضطرت عائلة الحريري الى استحداث امكنة جديدة في الحديقة التي تقع في وسط القصر لاستقبال المعزين والمعزيات. وكان لافتاً امس، ان المعزين حولوا المناسبة الى تظاهرات وراحوا يهتفون للرئيس الشهيد ورفاقه ويدعون المشاركين في العزاء الى استبدال ألبسة بيض بألبستهم السود "احتفاء بالرئيس الحبيب الذي انتقل الى الجنة". كما هتف عدد كبير منهم ضد رموز السلطة. وتسبب الحشد الذي ضاقت به ساحات القصر والشوارع المؤدية اليه، في حصول حالات اغماء كثيرة استدعت تدخل الفرق الصحية للمعالجة. كما ادى التدافع في الحديقة الى اصابة اشخاص برضوض بسيطة جراء انزلاقهم وهم يحاولون حجز امكنة تتيح لهم الوصول الى عائلة الفقيد التي توزعت على كل الامكنة لتقبل التعازي. ومع ان أسرة الفقيد تمالكت اعصابها وتصرفت برباطة جأش وبلياقة إزاء عدد من خصوم الحريري السياسيين الذين حضروا للتعزية فإن عشرات المعزين وبعيداً من أعين العاملين في القصر اخذوا يتوجهون من هؤلاء بكلام غلب عليه اللوم بسبب مواقفهم منه، من دون ان يفسدوا طابع الحزن الذي فرضته المناسبة، لا سيما ان تعليمات أسرة الشهيد كانت واضحة للجميع بضرورة الحفاظ على الطابع الشعبي للعزاء مع التأكيد ان أبواب القصر ليست موصدة في وجه من يريد من الوزراء والنواب والشخصيات السياسية الحضور للتعزية.