أعلنت طهران الاتفاق على العودة إلى المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي في شأن الملف النووي الإيراني في غضون أسبوعين، بعدما سعت واشنطن إلى زيادة الضغط الدولي عليها، ودعوة دول أخرى إلى الرد على سياساتها"المتشددة". وأفاد وزير الخارجية الإيراني منو شهر متقي في ختام لقاء مع نظيره التركي عبدالله غل في أنقرة:"ستبدأ المفاوضات التمهيدية بين إيران والاتحاد الأوروبي في غضون أسبوعين، وسيجري مسؤولون مباحثات حول المواضيع المدرجة على جدول أعمال المفاوضات ثم ستبدأ الاجتماعات على المستوى الوزاري". ولم يوضح الوزير مكان المفاوضات مع الدول الأوروبية الثلاث الأعضاء في الاتحاد الأوروبي فرنسا وألمانيا وبريطانيا التي تعهدت إجراء مباحثات مطولة مع إيران حول برنامجها النووي. إلا أن ديبلوماسياً غربياً في فيينا رجّح ان تجرى المحادثات في منتصف الشهر الجاري او في نهاية كانون الثاني يناير المقبل. وأضاف أن زمان ومكان اللقاء لم يتحددا. وقد يعقد في موسكو أو جنيف او فيينا او بروكسيل. وذكر ديبلوماسي تركي رفيع المستوى، طلب عدم الكشف عن هويته، أن غل حضّ إيران على التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإيجاد مخرج للجدل المتعلق ببرنامجها النووي والذي تشتبه الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي في انه يخفي برنامجاً للتسلح النووي. وأضاف أن غل قال لمتقي"لا يستطيع أحد الاعتراض على مبادرات سلمية في القطاع النووي لكن هذه القضية تثير بعض القلق بالنسبة إلى الاستقرار في المنطقة". وكان وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أعلن أن الثلاثي الأوروبي المفاوض لن يستأنف المحادثات مع إيران إلا إذا أشارت الأخيرة إلى أنها تريد حقاً تبديد مخاوف المجتمع الدولي بخصوص برنامجها النووي. ولفت إلى أن استئناف المحادثات"مرهون بان ترسل إيران إشارات تفيد بأنها ستقبل حلاً يتيح لها الحصول على الطاقة النووية السلمية، لكنه يستبعد إمكان أن تحقق إيران دورة الوقود الكاملة". ويبدي القادة الإيرانيون تصميماً متجدداً في وجه الضغوط الغربية في شأن برنامجهم النووي، ما يترك هامشاً ضئيلاً للتوصل الى تسوية مع الاوروبيين خلال المفاوضات التي ستستأنف في منتصف الشهر الجاري. وقال الرئيس الإيراني المتشدد محمود أحمدي نجاد:"قلنا للغربيين اننا سنقاوم حتى النهاية من أجل السيطرة على التكنولوجيا النووية المدنية ولن نتخلى عن حقنا". وسانده مسؤول الملف النووي الايراني علي لاريجاني في كلمة امام المسؤولين السياسيين في الحرس الثوري، مؤكداً ان"على الغربيين ان يعتادوا الموقف الجديد"الايراني الحازم. في غضون ذلك، أكدت أوساط مقربة من لاريجاني ل"الحياة"أن إيران ترحب بالعودة إلى طاولة المفاوضات مع الترويكا الأوروبية لكن ضمن أطر واضحة، وان لدى طهران ثلاثة شروط لاستئناف المفاوضات هي: أولاً، ان تكون هذه المفاوضات في إطار مقررات الوكالة ونظامها الأساسي. ثانياً، ان تكون في اطار معاهدة ال"ان بي تي"، ثالثاً، ان تكون في اطار البروتوكول الإضافي الذي نفذته الحكومة الايرانية طوعاً وإن لم تعلن عن إقراره". واشنطن ويأتي هذا التطور بعدما اعتبر مساعد وزيرة الخارجية الأميركية نيكولاس بيرنز إيران"الدولة الوحيدة في المنطقة الخارجة عن النهج الإقليمي"، وأكد أن"لصبرنا حدوداً"في التعامل مع طهران، في إشارة إلى خيار تحويل الملف النووي إلى مجلس الأمن، ومن دون استبعاد ضربة عسكرية للمنشآت النووية. وقبيل توجهه إلى روسيا، انتقد بيرنز بشدة سياسة إيران في العراق"وتقويض سيادته"من خلال"دعمها بعض المجموعات المتمردة وتحريض طوائف ضد أخرى"، كما هاجم صلتها وتمويلها لمجموعات إرهابية وإيواء عناصر من تنظيم"القاعدة". وهاجم بيرنز في خطاب ألقاه في كلية العلاقات الدولية في جامعة جون هوبكنز سياسة الرئيس أحمدي نجاد الخارجية واعتمادها"الأيديولوجية والمواجهة"، ملوّحاً ب"إحالة الملف النووي الإيراني على مجلس الأمن"، مطالباً طهران ب"ضمانات موضوعية وتعاون جدي يظهر الغايات السلمية لاستعمال الطاقة النووية"، لتفادي إحالة الملف على مجلس الأمن. وأكد أن السياسة الأميركية"لم تتغير حيال إيران وليس هناك حوار طبيعي بين البلدين"وحصر قناة الحوار بالحكومة السويسرية. وجدد بيرنز التزام واشنطن بسياسة العقوبات تجاه ايران، وقال إنه"يعود إلى طهران تغيير سياستها"ووقف دعمها ل"مجموعات إرهابية"مثل حزب الله والجهاد الإسلامي اللتين"تهددان الاستقرار والسلام في لبنان والأراضي الفسلطينية وإسرائيل". كما اتهمها بإيواء"مسؤولين من تنظيم القاعدة الإرهابي"، مشيراً إلى أنه على إيران أن"تتعلم من التاريخ في الشرق الأوسط أن الأنظمة القمعية محتمة بالزوال"، ونوّه بالتجربة اللبنانية"وزوال الاحتلال السوري بعد 29 عاماً". وفي الشأن العراقي، اعتبر بيرنز أن إيران"تقوض السيادة العراقية"عبر دعم مجموعات متمردة و"تحريض الخط الطائفي"، داعياً طهران إلى إدانة علنية للمجموعات"الإرهابية"والأشخاص"المتورطين"معها، وتسليم الولاياتالمتحدة عناصر تنظيم"القاعدة". وفي فيينا أ ف ب، أعلن السفير الأميركي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية جورج شالت ان بلاده تأمل في ان تستأنف ايران المفاوضات النووية وان"تتفاوض بجدية"، مضيفاً:"بات للإيرانيين فرصة للقيام بذلك. المسألة هي أن نعرف ما إذا كانت الحكومة الإيرانية ستفعل ما هو في مصلحة شعبها او ما اذا كانت ستستمر في الطريق الذي تسلكه في هذا الوقت".