لم يكن طريق الحرير القديم لتجارة الحرير فقط بين الصين ودول العالم الأخرى، بل كان طريقاً لتجارة المواد المختلفة نما كثيراً، ولكن سرعان ما تضاءلت أهميته عندما بدأت التجارة تشق طريقها من طريق البحر، وكذلك عندما أخذت السلالات الحاكمة قديماً في الصين بعزل نفسها وتجارتها عن أنحاء العالم، وخصوصاً الغربي منه، الذي بدأ في الوقت نفسه يطور نفسه على نحو كبير. أما اليوم فهناك "طرق حرير جديدة" بين الصين ودول العالم بكل اتجاهاتها، أهمها "طريق الحرير الأميركي". اذ ان الملابس والأقمشة والمنتجات الصينية الأخرى تغزو أسواق أميركا منذ السبعينات، خصوصاً ان هذه السوق تعد الأكبر في العالم. وهناك "طريق الحرير الأوروبي" الذي لا يقل أهمية عن قرينه الأميركي. أما طريق الحرير الجديد فيمر اليوم عبر دبي التي فتحت ذراعيها لتنين الصين ليغزو بمنتجاته مدينة دبي ومنها لينطلق إلى أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا ودول آسيا الوسطى. فسوق مرشد القديم والشهير الذي يقع وسط دبي يعتبر القلب النابض لتجارة الجملة في دبي. وكان التجار الهنود وبعدهم الإيرانيون يسيطرون على هذه السوق، لكنه اليوم تحت رحمة التجار والمصنعين الصينيين الذين استأجروا المحال في معظم أنحاء السوق، وبدأ نفوذهم يظهر جلياً فيه. وأخيراً فتحت حكومة دبي الآفاق لتعاون جديد مع الصين عندما أعطت موافقتها على بناء "سوق التنين الصيني" في المدينة الدولية الجديدة في دبي. وافتتحت السوق في كانون الأول ديسمبر الماضي بطول 1.2 كلم ويحتوي على أربعة آلاف محل تجاري. وقد بدأ التجار والمصنعون الصينيون يعرضون منتجاتهم المختلفة فيها. وهكذا بدل الذهاب للتبضع في الصين جلبت دبيالصين إليها، وهذا سيسهل على التجار من الشرق الأوسط وأفريقيا ودول اخرى أن يعقدوا صفقاتهم في دبي من دون الحاجة إلى الترجمة كما يفعلون عند ذهابهم إلى الصين، اذ ان الشركات الصينية في دبي عينت موظفين يتكلمون الإنكليزية والعربية. أما أسعار المنتجات الصينية في دبي فقد تكون أرخص في بعض الأحيان من مثيلاتها في الصين، كما أن الميزة الأخرى هي مشاهدة البضاعة بنفسك ومن ثم تدفع قيمتها وتقوم بشحنها في اليوم التالي لتصل إلى السوق المستهدف خلال أيام، خصوصاً أن دبي لها خطوط بحرية وبرية وجوية مكثفة مع دول الشرق الأوسط وأفريقيا، مما يجعل من طريق الحرير عبر دبي فاعلاً وناجحاً على حد سواء. رئيس "مجموعة إنتر" العراق.