تبدأ الفضائيات العربية اليوم بث كليب "بهواك، شو مغيّرة" للمغنية اللبنانية نجوى كرم. وقبل سنة ونصف السنة، كانت كرم اتخذت قراراً بعدم تصوير أي أغنية بعد الفشل والانتقاد الذي لقيه فيديو كليب أغنيتها "أوعى تكون زعلت". يومها قالت كرم: "فلك الكليب ليس فلكي، وأنا شخصياً كرهت الغناء بطريقة الفيديو كليب لأن هذه الطريقة تركز الاهتمام على أغنية واحدة فقط في الألبوم وتهمل بقية الأغاني، ولن أقدم بعد اليوم أغاني تتطلب تصوير كليب، فالكليب له نمط غنائي خاص لا يتناسب مع خطي الغنائي، وبالنسبة إلي شخصياً أنا غير ناجحة في التمثيل". بعد عام من هذا التصريح، عدلت نجوى كرم عن قرارها وأطلت على جمهورها بكليب مصور لأغنية "ليش مغرّب" الذي أخرجه سعيد الماروق، وتناول في فكرته المشكلات السياسية والحياتية التي يواجهها الشباب اللبناني وتدفعه إلى الهجرة. ظهورها في هذا الكليب الراقي - كما تقول - دفعها إلى إعادة النظر في موضوع "اعتزال" الأغاني المصورة وجعلها تشعر بالحنين لتجربة الكليبات الناجحة، فقررت تكرار التجربة مرة ثانية مع المخرج نفسه. وطالما أن الكليب يركز على أغنية واحدة ويهمل بقية أغاني الألبوم كما صرّحت سابقاً، ارتأت نجوى كرم أن تجمع أغنيتين من ألبومها الأخير وتصورهما في كليب واحد، فاختارت "بهواك" وأغنية "شو مغيّرة"، مع موازنة مفتوحة تخطت في نهاية الأمر مبلغ 200 ألف دولار أميركي، كما قالت بعض المصادر ل"الحياة". قد تستحق أغنية العودة المصورة لنجوى كرم المبلغ، طالما أن نتيجة العمل ستقدم صورة جديدة تعيد البريق إلى النجمة الغائبة منذ أشهر طويلة عن "فلك الكليب". لكن ما حصل هو العكس تماماً، فالقصة الغريبة للكليب الغريب تصوّر نجوى كرم بدور مطربة آتية من الفضاء بثياب عصرية جداً تصل إلى مدينة سكانها مأخوذون بالحياة العملية، ولدى سماعهم صوتها وغناءها ينتبهون إلى الفرح، ثم تصحبهم إلى حفلة على شاطىء البحر قبل أن تعود مرة أخرى من حيث أتت. هذه هي باختصار فكرة كليب "بهواك، شو مغيّرة" للمخرج سعيد الماروق التي وافقت نجوى كرم على تجسيدها وتصويرها بعد غياب. كليب بلقطتين فقط، الأولى صورت على أحد الأرصفة في شارع الحمراء في بيروت، واللقطة الأخرى صورت على شاطىء مدينة جبيل . لكن المُشاهد لن يدرك ذلك بسبب الخدع السينمائية والمؤثرات الخاصة الصوتية والمرئية التي استعملت بسبب وبدون سبب يذكر، ونفذت بالكامل في العاصمة الفرنسية باريس، لأن فكرة الكليب مقتبسة بأكملها من فيلم Fifth Element The للمخرج لوك بيسون والذي عرض عام 1997. المفارقات في هذا العمل كثيرة، أولها مدة الكليب الطويلة وعدم المزج بين الأغنيتين بطريقة موسيقية، إذ تنتهي الأغنية الأولى ويسود الصمت قبل أن تبدأ الأغنية الثانية، وثانيهما التناقض التام بين كلام الأغنيتين والصورة المرافقة لهما، وثالثهما، وهو الأهم، أن نجوى كرم التي سبق وأعلنت فشلها في مجال التمثيل، تكرر الخطأ نفسه هذه المرة أيضاً، إذ أنها لم تقم بأي مجهود تمثيلي يذكر، واكتفت بتصوير جميع لقطاتها بطريقة "الكروما" داخل الاستديو، وقام بعدها الماروق بتوظيف هذه المشاهد ودمجها مع اللقطات الخارجية التي صورها لاحقاً، فأتت صورتها جامدة وغير متجانسة وغير معنية بما يجرى حولها من أحداث، حتى أن صورتها لا تظهر في الكليب إلا بمرافقة صوتها في الأغنية، فيما تتتابع المشاهد الفانتازية على وقع موسيقى الأغنيتين. لا يبدو أن نجوى كرم استفادت في هذا الكليب من أخطاء الماضي، وليتها لم ترجع عن قرارها السابق، مكتفية بالمكانة التي حققتها.