أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق تسلم 178 شكوى تتعلق بسير العملية الانتخابية التي انتهت أول من أمس. وفيما بدأت صباح امس، وسط اجراءات امنية مشددة، نقل صناديق الاقتراع من المراكز التي انتهت فيها عملية عد وفرز اصوات الناخبين الى المركز الوطني للمفوضية داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد، اعلنت البعثة الدولية لمراقبة الانتخابات العراقية التي راقبت سير الانتخابات ان هذه العملية"كانت مطابقة عموماً للمعايير الدولية". وشارك اكثر من عشرة ملايين عراقي في الانتخابات، بنسبة 70 في المئة من عدد الناخبين، فيما أدلى 320 ألف عراقي في الخارج بأصواتهم. وقال عز الدين المحمدي، المسؤول في المفوضية في مؤتمر صحافي"وصلت لمركز الشكاوى التابع للمفوضية لغاية اليوم أمس 178 شكوى تتعلق بالدعاية الانتخابية غير القانونية". واوضح ان"هذه الشكاوى تتعلق باستخدام الرموز الدينية وتمزيق الصور والبوسترات واستخدام العنف من جانب رجال الشرطة او الجيش او المفوضية وخرق الصمت الاعلامي بالاضافة الى شكاوى اخرى متفرقة". واضاف المحمدي ان المفوضية"بدأت بدراسة هذه الشكاوى"مشيرا الى"وجود ثلاث لجان قانونية تدرس الشكاوى التي تتلقاها المفوضية خلال الفترة القانونية للطعون وهي ثلاثة ايام بعد الاقتراع لاتخاذ القرار المناسب بشأنها". وقال ان"المفوضية ستتعامل فقط مع الشكاوى التي لها سند قانوني ودلائل مادية". واعترف المحمدي بحصول خروقات عدة اثناء الانتخابات سواء في الحملات الانتخابية او في يوم الاقتراع وان الشكاوى التي تلقتها المفوضية وستتلقاها خلال الفترة القانونية للطعونات وهي ثلاثة ايام عقب يوم الاقتراع ستتم مناقشتها في اللجنة القانونية قبل اتخاذ اية اجراءات بحق المخالفين. واكد المسؤول في المفوضية"ورود خروقات خاصة في بعض المناطق حصلت فيها اشكالات وتدخل من جانب قوات الشرطة"مشيرا الى ان"اللجان اذا ما تأكدت من تأثير هذه الخروقات على نتائج الانتخابات في تلك المناطق فستتخذ قرارات حاسمة بشأنها"من دون ان يعطي المزيد من التفاصيل. لكنه نفى تصريحات احمد الجلبي نائب رئيس الوزراء ورئيس قائمة 569 بسرقة صناديق الاقتراع في كركوك، وذكر ان المفوضية لم تسجل مثل هذا الحادث وطالب الجلبي بتقديم شكوى في حال توفر ما يثبت ذلك. من جانب آخر، اشار المحمدي الى ان"هناك تسعة ائتلافات خرقت الصمت الاعلامي ما حدا بالمفوضية الى فرض غرامة مالية عليها بلغت خمسة ملايين دينار عراقي لكل ائتلاف"اي ما يعادل 3500 دولار اميركي. الى ذلك، قال فريد ايار عضو مجلس المفوضية ل"الحياة"انه في حال وجود اشكالات وشبهات على أي من صناديق الاقتراع ونتائجها ستضطر المفوضية لاعادة فرز الأصوات وعدها. واوضح أن ما يؤخر اعلان النتائج هو الوقت الذي ستستغرقه عمليات عد وفرز الأصوات خارج العراق بعد نقلها الى بغداد، مستبعداً اعلان النتائج النهائية قبل نهاية هذا الشهر. وذكر اللواء ابدى قادر رئيس اللجنة العليا لأمن الانتخابات ان"اللجنة وفرت من ضمن الخطة الامنية لحماية الانتخابات، قوة خاصة لتوفير الحماية الكافية لعناصر وسيارات الشركات التي تنقل صناديق الاقتراع من المحافظات الى بغداد لضمان وصولها الى المقر الوطني للمفوضية من دون تلاعب او سرقة". معايير دولية وفي عمان اعلنت البعثة الدولية لمراقبة الانتخابات العراقية التي راقبت الخميس سير الانتخابات التشريعية في العراق، ان هذه العملية"كانت متوافقة عموما مع المعايير الدولية". وذكرت في بيان انها استندت الى"تقارير اولية تلقتها من عدد من المصادر من ضمنها الخبراء في الانتخابات والمكتب الميداني للبعثة في العراق والمراقبون الدوليون والمحليون". واضاف البيان ان"التقارير الاولية اشارت الى مشاركة اعداد كبيرة من العراقيين في الاقتراع على نحو ربما يفوق نسب الاقتراع المسجلة في انتخابات كانون الثاني او الاستفتاء الدستوري في تشرين الاول اكتوبر". وجاء في البيان ان"بعض المناطق لم تتلق مواد انتخاب مناسبة الامر الذي منع بعض مراكز الاقتراع من فتح ابوابه في الموعد المحدد لذلك". واشادت البعثة الدولية بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق والخارج"على نجاحها في اداء دورها في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها العراق". واضافت ان"اجراء ثلاث عمليات اقتراع في سنة واحدة يعتبر بحد ذاته تحديا كبيرا حتى بالنسبة الى الديموقراطيات الراسخة". وعلى رغم ذلك أعلن بعض القوى السياسية ان الانتخابات شابتها بعض الخروقات. فقد اصدرت"جبهة الحوار الوطني"بزعامة صالح المطلك بياناً ذكرت فيه انه لم يسمح لمراقبي القائمة في منطقة الهاشمية 160 كلم جنوب بغداد بالدخول الى المراكز الانتخابية اضافة الى اعتقال احد مراقبيها في منطقة الاسكندرية جنوب بغداد ومنع الباقين من دخول 4 مراكز انتخابية واطلاق النار على مؤيدي القائمة في محافظة بابل 100 كلم جنوب بغداد واتهم البيان"الائتلاف الموحد"بالوقوف وراء هذه الحوادث. وذكرت وجدان ميخائيل، المرشحة على قائمة اياد علاوي ان مراقبي القائمة سجلوا خروقات في الناصرية والبصرة والعمارة وكربلاء والكوت منها اجبار بعض الاشخاص الناخبين على انتخاب قائمة بعينها او حجب الاستمارات عن الناخبين في حال رغبة هؤلاء في اختيار القوائم العلمانية. وفي الموصل 500 كلم شمال بغداد ذكر محمد ابراهيم المراقب في مركز حمورابي الانتخابي في قضاء الشيخان ل"الحياة"ان مجموعة من قوات البيشمركة الكردية اقتحمت المركز وطردت كل مراقبي الكيانات السياسية، متهماً مدير المركز الانتخابي في وانه القريبة من سد الموصل بتوجيه الناخبين لاختيار قائمة محددة. واتهم الناخبون في منطقة تلكيف الموصل مدير المركز الانتخابي بتخفيف الحبر بالماء وافساح المجال امام بعض الاحزاب لتكرار التصويت اكثر من مرة لصالح قوائمها. وفي محافظة ديالى 70 كلم شمال بغداد سجلت الكيانات السياسية عدة خروقات. واعترف حمدي الجنابي رئيس مفوضية الانتخابات في المحافظة بهذه الخروقات، مؤكدا انها بدأت منذ الساعات الاولى للتصويت في قرية قره بته من خلال منع ممثلي الكيانات السياسية من دخول المراكز الانتخابية لمدة ساعة وبعد دخولهم وجدوا صناديق مليئة بالاوراق المؤشرة. وفي قرية بابا شيخ ام الحنطة الكردية منعت الشرطة الناخبين العرب من دخول القرية للتصويت. وفي خانقين المدينة الحدودية مع ايران اشار الجنابي الى قيام عناصر الجيش بالتصويت في المركز رقم 6 من دون احضار اية وثائق في حين كانوا قد صوتوا في 12 من هذا الشهر. اما في منطقة بلدروز فقد منعت الشرطة العراقية دخول ممثلي"جبهة التوافق العراقية"السنية الى المركز بحجة عدم وضوح هوياتهم. ومنع احد الضباط نقل محطتي اقتراع الى قرية كصيبة، واتهم الجنابي قوات الامن الكردية باطلاق العيارات النارية في الهواء واخافة الناخبين العرب في قرية قرة تبه بعد تجمعهم امام مراكز صدى التأميم والشهامة والشرقاط. في الانبار ذكر الشيخ اسامة الجرعان، شيخ عشيرة الكرابلة في القائم، ان مفوضية الانتخابات لم تفتح سوى 5 مراكز انتخابية من اصل 18 مركزاً في مدينة القائم، واتهم الجماعات المسلحة بسرقة عدد من صناديق الاقتراع من هذه المراكز. الى ذلك، أعلن أيار ان عدد المشاركين في الانتخابات تراوح بين عشرة ملايين و11 مليون شخص من اصل عدد اجمالي من الناخبين يقارب 15 مليوناً. واذا تأكد عدد الذين صوتوا فإنه يمثل نسبة مشاركة تبلغ 70 في المئة، ويزيد عن نسبة المشاركة في الانتخابات العامة التي جرت في الثلاثين من كانون الثاني يناير وبلغت 59 في المئة وعن نسبة المشاركة في الاستفتاء على مسودة الدستور العراقي في 15 تشرين الاول اكتوبر الماضي التي بلغت 63 في المئة. واعلنت رئيسة اللجنة المكلفة تنظيم الانتخابات العراقية في الخارج حمدية الحسيني أمس في عمان ان 320 ألف عراقي في الخارج أدلوا بأصواتهم، من أصل مليون ناخب، لافتة الى ان 59 ألف ناخب في ايران يشكلون العدد الاكبر. وقالت الحسيني في مؤتمر صحافي ان"الانتخابات في الدول ال15 التي اقيمت فيها مراكز اقتراع للعراقيين تمت من دون مشاكل". واوضحت ان ثلاث دول حلت في المرتبة الثانية بعد ايران من حيث كثافة الاقتراع وهي الاردن والسويد وبريطانيا، وقد صوت في كل منها 31 الف ناخب. وتابعت ان 28500 عراقي صوتوا في الولاياتالمتحدة وبلغ عدد الناخبين في المانيا 27500 وفي سورية 24500 وفي الامارات العربية المتحدة 17500 وفي تركيا 16 الفا وفي هولندا 14500 وفي الدنمارك 13500 وفي استراليا 12 الفا وفي كندا تسعة الاف وفي لبنان 3500 وفي النمسا 1500. من جهة أخرى، اعتبر وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ان الانتخابات كانت"آخر مسمار يدق في نعش الديكتاتورية"في العراق. وعن تشكيلة الحكومة العراقية المقبلة، توقع زيباري ان يكون"اصعب"مما كان عليه تشكيل الحكومة الحالية. وقال:"هذه المرة قد لا يكون باستطاعة قائمتين تشكيل حكومة لهذا فإنه من الضروري ان تشارك ثلاث او اربع قوائم في تحالف واحد لتشكيل الحكومة". من جانبه، لمح رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته ابراهيم الجعفري مساء الخميس الى انه سيمنح الى انصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر دوراً سياسياً في حال فوز لائحة"الائتلاف". وقال الجعفري في حديث بثه تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي ان انصار الصدر الذين يشغلون مناصب في البرلمان الحالي والحكومة"يقومون بدورهم بشكل جيد من وجهة النظر السياسية". وردا على سؤال عن امكان مشاركتهم في الحكومة الجديدة، قال الجعفري"اعتقد انهم كسب لنا". واضاف"عندما يحمل السياسيون اقلامهم او يشاركون في الحكومة فليس هناك اي خطر بأن يحملوا السلاح بدلا من القلم".