ربطت في اليومين الماضيين بين تحقيقين أميركيين رسميين، يبدو الواحد منهما مفصولاً عن الآخر، وقلت ان الجامع بينهما هو ان عصابة اسرائيل في الادارة الاميركية وحولها، على رغم كل كوارث الحرب على العراق، تدفع الامور نحو حرب على ايران، يفضل ان تشنها الولاياتالمتحدة، واذا تعذر ذلك، تضرب اسرائيل المنشآت النووية الايرانية. في اليومين الماضيين واليوم لم استعمل مصدراً واحداً للمعلومات غير أميركي، وأكثر ما توكأت كان، على معلومات رسمية توافرت من خلال التحقيقين القضائيين والمعلومات المرافقة. دوغ ايرلاند، وهو مدير مجلة انترنت وخبير في المحافظين الجدد، يقول: "ان ما لم تذكره الصحف في نشرها قرار اتهام المسؤولين من ايباك اللذين تسلما وثائق سرية من الجاسوس لاسرائيل المتهم لاري فرانكلن هو ان تجسسهما كان في الاساس للمساعدة في إعداد هجوم اسرائيلي على ايران، لذلك اعيد مسؤول بارز في السفارة الاسرائيلية من واشنطن الى اسرائيل قبل ان تطاله أيدي المحققين الاميركيين. والمحافظون الجدد في البنتاغون يطالبون منذ مدة بهجوم على ايران لتدمير منشآتها النووية". أزيد من مصادر اميركية اخرى ان مكتب نائب الرئيس ديك تشيني هو الذي طلب وضع خطط لضربة محتملة لايران، وان محققين من مكتب التحقيق الفيديرالي ذهبوا الى اسرائيل لمتابعة الجواسيس هناك، واستجواب من تسمح الحكومة الاسرائيلية باستجوابه. كيف يمكن ان يدمر العراق، وان يقتل ابناؤه وبناته، وينهب ويمص دمه، بمساعدة من المحافظين الجدد العراقيين، وان تخسر القوات الاميركية ما يقارب من 1900 رجل وامرأة، ثم يطالب المحافظون الجدد بحرب على ايران او ضربة جوية شاملة؟ يحتاج الامر الى تلك الوقاحة الهائلة التي تحدثت عنها غير مرة، والى تجمد الحسّ الانساني، فلا يعني له شيئاً موت العراقيين كل يوم، ومعهم اميركيون ارسلوا الى حرب غير شرعية، وغير مبررة، ثبت الآن ان كل اسبابها كاذب كلياً. اختار اليوم أمثلة على وقاحة المحافظين الجدد وكذبهم في شكل لم يطلع بمثله دعاة النازية او الإعلام الاسود السوفياتي في ايام الحرب الباردة. وعندي طرف الطوف الجليدي، كما يقولون، أو "من الجمل ودنه"، كما نقول نحن: - كارل زينسمايستر كتب في موقع مؤسسة اميركان انتربرايز، معقل المحافظين الجدد، على الانترنت مقالاً في نهاية حزيران يونيو الماضي يقول: الحرب انتهت وقد انتصرنا. كيف انتصروا؟ منذ "الانتصار" زادت المقاومة اضعافاً باعتراف القادة العسكريين الاميركيين في الميدان، وزادت الخسائر الاميركية، حتى ان وزير الدفاع دونالد رامسفيلد اخذ يتحدث عن حرب 12 سنة، في حين ان مكتب الموازنة التابع للكونغرس نفسه قدر ان نفقات الحرب قد ترتفع الى 700 بليون دولار. وبلغ من تدهور الوضع ان حكومة ابراهيم الجعفري اصبحت تطالب الاميركيين بوضع جدول للانسحاب، مع ادراكها ان استمرار الوجود الاميركي يزيد المقاومة ولا يضعفها. - مايكل ليدين، العميل الاسرائيلي مدى الحياة والمتهم دائماً في عمله لاسرائيل وليس في فضيحة ايران / كونترا وحدها، يكتب بين حين وآخر، بتلك الوقاحة المتناهية. وهو كتب اخيراً مقالاً بعنوان "تحالف الشر" تحدث فيه عن قادة الارهاب في ايران وسورية والمملكة العربية السعودية. وقطعاً فقادة الارهاب في حكومة اسرائيل، والارهابي الاول هو آرييل شارون ومعه قتلة النساء والاطفال حوله. وطلع ليدين في مقال عن ايران بعنوان نووي اتبعه بعنوان فرعي يقول: "حان الوقت لاطاحة مدبري الارهاب في ايران". وحجة ليدين عجيبة حتى من محافظ جديد - قديم، ووقح دائماً، فهو يقول ان نظام الملالي في ايران يهرب السلاح الى العراق لقتل الشيعة، ودليله ان ابو مصعب الزرقاوي، وهو سنّي، "لا يتردد في قتل السنيين عندما تتاح له الفرصة". - دانيال بايبس، وهو أكثر تطرفاً واسرائيلية من ليدين، اذا كان هذا ممكناً، كتب مقالاً بعنوان "اليوم غزة، غداً القدس" معارضاً الانسحاب من قطاع غزة ومحذراً من النتائج. طبعاً القرارات الدولية كلها واتفاقات السلام تعطي الفلسطينيين القدسالشرقية او العربية، ولكن بايبس لا يعطي ما لا يملك اصلاً، ومقاله بذيء اختار منه احتجاجه ان ترحّل اسرائيل "مواطنيها من دين واحد من بيوتهم الشرعية"، كذا حرفياً، وان الفلسطينيين سيقبلون هدية الانسحاب من دون اعتراف بالجميل وسيركزون على الاراضي حيث لم تنسحب اسرائيل. وهكذا فالانسحاب "هدية" والبيوت "شرعية"، ولا اريد ان ارد بتطرف مماثل فأسكت عنه. - تشارلز كراوتهامر يسيء الى "واشنطن بوست" الراقية عندما يلوث صفحاتها بعنصريته، وهو كتب يقول: "أولاً لبنان، ثم سورية. لبنان هو التالي لأن من الواضح انه مستعد للديموقراطية فقد مارس نوعاً منها 30 سنة بعد نهاية الاستعمار... ثم تأتي سورية بسبب انكشافها، فقد اضعف الانسحاب من لبنان نظام الاسد، وبسبب اهميتها الاستراتيجية...". ما سبق ليس افكاراً ومقالات، وانما هو الارهاب الآخر الذي يحمي ارهاب اسرائيل، ويوقع الولاياتالمتحدة في مصيدة العراق، فيسعى محور الشر الاسرائيلي الى ايقاعها في ايران ايضاً.