قلت مرة لمارتن انديك ونحن نسير لتسجيل برنامج لمحطة «الجزيرة» في الدوحة إن عندي نظرية عن اليهود. ولعله اعتقد أنني سأطلع بشيء لا سامي وهو يسألني بتردد: ما هي؟ قلت: اليهودي الطيب احسن واحد في العالم، واليهودي السيئ اسوأ واحد في العالم. جماعات السلام الاسرائيلية واليهودية الأخرى تضم بعض انشط طلاب السلام في العالم كله، ثم هناك اسوأ أنواع البشر من ارهابيين في الحكومة الاسرائيلية وأنصارهم في الادارة الاميركية وحولها وفي الميديا. هناك كتاب جديد قرأت عرضاً سلبياً له وطلبته، من تأليف ماكس بلومنتال عنوانه «جوليات» هو ادانة كاملة لإسرائيل مع ان الكاتب كما يدل اسمه يهودي. الكتاب يتألف من 73 فصلاً كل منها يشير الى خطأ اسرائيلي او خطيئة او جريمة، وعناوين الفصول مأخوذة من حوادث مشهورة في تاريخ اليهود، وتحتاج الى شرح ليفهمها القارئ العربي غير صاحب الاختصاص. في المقابل، هناك شيلدون ادلسون وهو بليونير صاحب كازينو قمار يؤيد يمين اليمين الاميركي. وقرأت اخيراً انه زار جامعة يهودية في نيويورك واقترح فيها ان تضرب الولاياتالمتحدةايران بالسلاح النووي. هو يقول انه ارهابي وحمار في آن لأن استعمال السلاح النووي في المواجهة الاميركية (نيابة عن اسرائيل) مع ايران مستحيل. ثم يقول انه اسرائيلي وليس اميركياً، فليس للولايات المتحدة مصلحة في استعداء 1,5 بليون مسلم عليها مقابل ستة ملايين مستوطن. بما ان شيلدون حمار فتصريحاته عادة تفضح نفسها. وأجد ان الاذى الحقيقي يأتي من الذين وصلوا الى الادارة الاميركية لخدمة اسرائيل، وقد سجلت اسماءهم مرة بعد مرة، فأختار اليوم نموذجاً عنهم هو دانيال بايبس، احد دعاة الحرب على العراق، وإيران وسورية وكل بلادنا، فهو مجبول بالتطرف الاسرائيلي، وكلامه يكاد يكون مضحكاً لولا ارهاب حكومة نتانياهو وما يرافقه من قتل وتدمير واحتلال وتشريد. يبدو ان زميلاً كبيراً في مجلس كارنيغي انتقده لأنه لا ينتقد اسرائيل، فردّ بوقاحة: انا لا انتقد السياسة الاسرائيلية؟ وأعطى امثلة. قال انه انتقد اتفاقات اوسلو، اي انه يقول انه متطرف ضد عملية السلام. وقال انه عارض الانسحاب «الأحادي» من لبنان وغزة. ماذا يريد هذا العميل الاسرائيلي؟ أن ينسحب اللبنانيون والغزاويون ايضاً من بلادهم؟ وقال انه انتقد اعادة الجولان تقريباً مقابل قطعة من ورق، وأقول ان الجولان كله لسورية وإسرائيل كلها في ارض فلسطين. وقال انه طلب ألا تذهب الاونروا الى الضفة الغربية وغزة. وأسأل هل يريد ان تساعد اونروا مجرمي الحرب في الحكومة الاسرائيلية على قتل مزيد من الاطفال الفلسطينيين (1500 قاصر فلسطيني مقابل 135 قاصراً يهودياً منذ 29/9/2000)؟ وقال انه انتقد اطلاق مدانين، بينهم ارهابيون، فعادوا الى الاراضي الفلسطينية. وأقول ان كل فلسطيني طالب حرية وكل عضو في حكومة اسرائيل وجيشها الارهابي مجرم قاتل وعدو الانسانية، مثل دانيال بايبس نفسه. وقرأت مقالاً آخر لهذا المتطرف يخشى فيه ان تصبح روسيا دولة مسلمة. هو يحاول تخويف المسيحيين، وكل ما عنده ان معدل الولادة للروسية المسيحية هو 1,1 مقابل 2,3 طفل للروسية المسلمة. غير ان روسيا تضم 144 مليون نسمة، والمسلمون فيها لا يتجاوزون 15 في المئة من عدد السكان على اعلى تقدير لذلك، فالمتطرف بايبس لا يمكن ان يكون خائفاً وإنما هو يريد ان يخيف الروس. ارلين كوشنر حاولت ان تزايد على بايبس في الوقاحة، فتحدثت عن حقوق اسرائيل مستشهدة بتقرير ليفي الاسرائيلي... يعني استشهدت بمن هو مثلها. انا طالب تاريخ، وما اعرف هو ان أنبياء التوراة كذبة ولم يوجدوا يوماً في بلادنا ولا آثار لهم اطلاقاً في فلسطين، وحتما لا ممالك، ولكن بالتأكيد كان هناك يهود. والحرم الشريف افضل مثال، ففيه المسجد الاقصى وقبة الصخرة، إلا ان اليهود يسمونه جبل الهيكل، من دون ان يوجد فيه اي أثر على هيكل اول او ثانٍ. المتطرفون خليط من كذب وجريمة، غير ان هناك في المقابل يهوداً كثيرين يريدون السلام. [email protected]