استطاع ماجد المهندس أن يسهم في تثبيت مكانة الأغنية العراقية ومقاماتها في الوسط الغنائي. فهو يعتبر انه مع كاظم الساهر والمطربين العراقيين الآخرين يقفون على خط متوازٍ من أجل الأغنية العراقية، وهو لا يتوانى عن تقديم أغنية مشتركة تضامناً مع أهله في العراق إذا سنحت ظروف غيره، ولا يعتقد بأن أحداً يرفض هذا التعاون. حال المطرب ماجد المهندس كغيره من المطربين العراقيين الذي لا يتخلون عن الشجن والحزن في أغنياته لأنه متأثر بتاريخ بلاد ما بين النهرين وحضارتها التي تأثرت على مدى قرون بالظروف الصعبة ولا تزال تعاني. "الحياة"التقت المهندس وكان الحوار التالي: ماذا يتضمن ألبومك الجديد. ومع من تعاملت فيه؟ - يتضمن العمل 11 أغنية تعاملت فيها مع الشعراء فايق حسن الذي كتب لي ست أغان، وكريم العراقي، وعلي العيساوي، وحسين البصري. ولدي خمس ألحان من أحمد حسن كميم ولحن من علي سرحان ولحن من ناصر الحربي وأربعة ألحان لي. أما الموزعون فهم من العراق ومصر. معظم ألبوماتك تتضمن ألحاناً خاصة، ألا تخشى التكرار؟ -خوفي من التكرار هو الذي يمنعني من توقيع الألبوم كاملاًَ باسمي. لذا تراني أعطي الفرصة لملحن آخر. أبقى أحياناً ثمانية أشهر كي ألحن تقريباً 15 عملاً، فاختار منها أجمل الألحان وأحرص على أن تكون غير متشابهة وأقدمها في الألبوم، كما أختار ألحاناً من ملحنين آخرين يقدمون ما هو غير موجود عندي. وإذا سمعت الألبوم ستجد أن أغنية"غاب القمر"، وهي من اللون الشعبي العراقي و"واحشني موت"تختلفان على صعيد النغم والمقام والأداء والإيقاع. لماذا تطغى على الأغاني العراقية تعابير الحزن والشجن؟ - تأثر شعبنا، عبر العصور، بظروف صعبة، فمررنا بنكسات حقيقية أثرت فينا، فانعكس الأمر على الفن العراقي بدءاً من الشاعر والمغني اللذين يشكلان جزءاً من المجتمع الكبير. عاشت البلاد من زمن هولاكو حزناً دائماً وحروباً. كمطرب عراقي كيف تنظر إلى الوضع الراهن في العراق؟ - الوضع في بلادنا صعب جداً. وما نستطيع فعله هو أن ندعو لأهلنا وشعبنا بالسلام. أنا واحد من الشعب ولا أنقطع عنه، ونحن كفنانين في الخارج نحاول تقديم الدعم لعائلاتنا وأهلنا. أنا مثلاً المعيل الوحيد لعائلتي، أعمل في الخارج لكي يعيشوا، وأدعو لهم بأن يزيل الله عنهم هذه الغيمة التي يعيشون تحتها، وتنجلي الأمور. عندما يمرّ بلد ما في وقت عصيب، يتكاتف فنانوه لتقديم عمل وطني مشترك. لماذا لا نرى المطربين العراقيين مثل ماجد المهندس وكاظم الساهر وإلهام المدفعي ورضا العبدالله وغيرهم يتكاتفون لتقديم عمل للعراق. لماذا يغني كل منكم على ليلاه؟ - ربما الظروف لم تجمعنا. جئت من باريس منذ سنتين ولم يوجه لي أحد دعوة الى المشاركة في عمل مشترك، سوى الملحن شاكر حسن الذي لحن لراشد الماجد أغنية"شلونا منها". طرح عليّ قبل مدّة أن نقدم عملاً عراقياً مشتركاً فيه خمسة أو ستة فنانين عراقيين، وفي رأيي يجب أن نقدم عملاً على غرار ما حصل في أوبريت"الحلم العربي"أو كما يفعل الفنانون اللبنانيون عندما يحصل أي حدث سعيد أو حزين، وأنا أوافق مسبقاً على تقديم عمل مشترك. ابتعاد قسري صورت كليب لأغنيتي"واحشني موت"و"قوة قوة"فهل ستصور أغنية جديدة؟ - صارت الأغنية المصوّرة عاملاً مهماً في تسويق الفنان والألبوم، وهي تلعب دوراً كبيراً في زمن الفضائيات والانفتاح الإعلامي، ويجب أن تكتمل الأغنية في الألبوم والإذاعات والصورة مع بعضها بعضاً، لذا أجد من الضرورة تصوير اكبر عدد من الأغاني. قدمت في أغنية"واحشني موت"صورة الوداع، وفي"قوة قوة"اقتربت من الرقص والإيقاع. وهناك نيّة لتصوير أغنية ثالثة في صورة مختلفة. كيف جاء اختيارك للتعامل مع المخرجة التركية تولاي؟ - سبق وتعاملت معها منذ ثلاث سنوات في أغنية"دقات قلبي". وأحببت روح العمل عندها ورؤيتها الإخراجية قريبة منا. فهي ليست أوروبية صرفاً أو شرقية صرفً، بل تملك خصوصية في التقطيع والكادرات والألوان. لماذا ابتعدت فترة عن الإعلام؟ - لم يكن الابتعاد عشوائياً بل كان بسبب ظروف إنتاجية بحتة. مررت في فترة، لم يكن لدي خلالها إمكان تسجيل أي أغنية أو تصويرها. كما تلقيت عرضاً غير مناسباً من شركة إنتاج، ولم أر في مستوى طموحي فلم اقبل، فضلاً عن تعرضي لظروف صحية صعبة. فسافرت إلى باريس وبقيت هناك سنتين، اعتبرتها فترة هروب وراحة. ألم تشعر بأن ابتعادك هذا أثر سلباً في مشوارك الفني؟ - كان علي أن أحسم أمري: فإما أن أبقى من دون القيام بأي عمل، أو أبتعد قليلاً طلباً للراحة. فكان السفر هو الحل. تغني منذ عشر سنوات، ألا تجد أنك تأخرت قليلاً عن تحقيق مكانة متقدمة في الساحة الفنية؟ - لست مستعجلاً على المراتب فكل شيء يأتي في وقته. سأعطيك مثلاً: هل حصد كاظم الساهر شهرته بين ليلة وضحاها؟ كان يغني منذ العام 1980. لكن نجمه لم يسطع قبل العام 1989، حينما غنّى"عبرت الشط"و"سلمتك بيد الله"و"الحياة بيدا". ذكرت إحدى المطبوعات أن تعاملك مع كريم العراقي أثار حفيظة كاظم الساهر، وقد يقاطعه لأنه يعطيك أنت ورضا العبدالله، ما هو ردك؟ - كريم العراقي شاعر لكل المطربين وليس هناك لأحد أحقية بامتلاك كريم العراقي. كما ان هذا الكلام غير صحيح، لأن كاظم الساهر أكبر من هذه التفاصيل. فأنا أعرفه عن قرب، عاشرته وجلست معه، هو إنسان صاحب قلب كبير يقدم لنا النصائح ويدعمنا ويسأل عنا كثيراً. أعطى كريم العراقي للطيفة وصابر الرباعي وقدم لي ولرضا العبدالله. في الوقت نفسه، أعطى كاظم في خط متوازي. أتصور أن كاظم أكبر من هذه الأمور. تغازل كثيراً كاظم الساهر لماذا؟ - هو صديق وفنان كبير. لا أغازله بل أقول الحقيقة. هل تجد صعوبة في تحديد اختياراتك؟ - سأصوّر أغنية جديدة. وبدأت تسجيل أغاني الألبوم المقبل، وسيستغرق الأمر أكثر من تسعة أشهر. وسأفعل ما قمت به في الألبوم السابق الذي سجلت منه 18 أغنية وشطبت سبعاً. لذا اختار مجموعة جديدة لأتمكن من اختيار الأغنية الأفضل. قد تحصل أخطاء تقنية في التسجيل أو لا يلتقي التوزيع مع الأغنية فأضطر لإعادتها. قد تكون الأغنية جميلة كلاماً ولحناً وعند التنفيذ قد نجدها بعيدة عمّا نريد. كما إنني سجلت أغنيتين في دبي.