شهدت اليونان امس، كارثة جوية مأسوية أودت بحياة 122 مسافراً بينهم ثمانية اطفال، وذلك بتحطم طائرة قبرصية كانت تقلهم من لارنكا الى اثينا، في حادث نجم عن مشكلات تقنية لم تتضح كل ملابساتها. وتحطمت الطائرة التابعة لشركة"هيليويس"في منطقة جبلية شمال العاصمة اليونانية، وسط تكهنات بتعرضها لمشكلات في نظام الضغط في مقصورة الركاب وقمرة القيادة، قبل دقائق من الموعد المحدد لهبوطها. وأفادت التقارير ان الطيار ابلغ برج المراقبة ان الطائرة تعاني عطلاً في نظام تكييف الهواء، قبل انقطاع الاتصالات معه، فيما كان يحلق على ارتفاع 35 ألف قدم في طريقه الى اثينا، حيث كان مقرراً ان يتوقف قبل اقلاعه مجدداً الى العاصمة التشيخية براغ. وأفاد طيارا مقاتلتين من طراز"اف-16"يونانيتين ارسلتا لتفقد الطائرة في الجو قبل تحطمها، انهما لم يتمكنا من مشاهدة الطيار الذي كان فقد وعيه في قمرته، فيما بدا مساعده وقد أغمي عليه. وبثت شبكات تلفزيونية ان أحد الركاب نجح في ارسال رسالة قصيرة عبر هاتفه المحمول الى أحد أقاربه، قال فيها:"لون وجه الطيار أصبح أزرقاً... اننا نتجمد... وداعاً". وأوضح ناطق باسم الشرطة اليونانية أن الطائرة من طراز"بوينغ 737"كانت تقل طاقماً من 7 أفراد و115 راكباً غالبيتهم من القبارصة، وبينهم 59 شخصاً وثمانية أطفال متوجهين الى اثينا، و48 راكباً آخرين كانوا سيواصلون الرحلة الى براغ. وتولى عمال الانقاذ البحث عن الجثث بين أنقاض الطائرة التي تناثر حطامها فوق مساحة واسعة من منطقة جبلية غير مأهولة، تبعد نحو 40 كيلومتراً الى شمال اثينا. وشوهد دخان اسود كثيف يتصاعد في المنطقة بسبب حرائق محدودة تسبب فيها الحادث، واستدعيت طائرات ومروحيات خاصة لاخماد النار. وأفاد شاهد انه رأى"جثثاً متناثرة في المكان كان أصحابها جميعاً يرتدون اقنعة تنفس على وجوههم". وزاد:"انفصل ذيل الطائرة لدى تحطمها، فيما تدحرجت اجزاء اخرى منها الى اسفل تل على بعد نحو 500 متر من الذيل". وتردد ان الطائرة كانت تقل 80 طفلاً عائدين من اجازة، لكن وزير الداخلية القبرصي اندرياس خريستو نفى ذلك، فيما قال رئيس الوزراء التشيخي جيري بروبيك ان عدد الأطفال بين المسافرين لم يتجاوز ثمانية. وفي وقت بدأ الخبراء فحص محتوى صندوقي اجهزة تسجيل الصوت وسير الرحلة بعد العثور عليهما وسط الحطام، قال الناطق باسم الحكومة اليونانية ثيودوروس روسوبولوس ان فرضية عطل في نظام الضغط والتكييف الهوائي مرجحة. وذكر مسؤول قبرصي ان المؤشرات الأولية من السلطات اليونانية تدل على ان الحادث لم ينتج من عمل ارهابي. في المقابل، شدد الخبير الفرنسي في التحقيقات في الحوادث، الطيار فرنسوا غرنجييه على أن العطل في نظام الضغط في الطائرة لا يمكن ان يسبب سقوطها. وقال إن"فقدان الضغط يعني فقدان قدرة الركاب على التنفس من دون مساعدة اضافية، لذلك تسقط اقنعة الاوكسيجين في شكل آلي لتسمح لهم بالتنفس، الى ان تهبط الطائرة الى علو يلائم التنفس الطبيعي". وأكد الخبير انه لا يمكنه تفسير الحادث، لأن فقدان الضغط او الهواء"لا يؤثر في أي شكل في بنية الطائرة وقدرتها على التحليق"، خصوصاً ان الطيارين مزودون بدائرة خاصة للأوكسيجين مستقلة عن نظام الركاب"لذلك يستطيع الطيارون الحصول عليه ولو واجه الركاب صعوبة، وبالتالي قيادة الطائرة الى حين هبوطها". وفيما أعلنت الحكومة القبرصية الحداد ثلاثة أيام، أكد ناطق باسم الحكومة اليونانية أن الطيارين اللذين كانا يقودان مقاتلتي"اف-16"شاهدا في قمرة القيادة في الطائرة المنكوبة، شخصين كانا"يريدان استعادة السيطرة على الطائرة كما يبدو". وقال روسوبولوس بعد اجتماع استمر أربع ساعات برئاسة رئيس الوزراء اليوناني كوستاس كرمنليس، إن الطيارين شاهدا قبيل سقوط الطائرة"مساعد الطيار منحنياً الى أمام وربما فاقداً الوعي، والطيار غائباً عن مكانه"، بينما كانت اقنعة الأوكسيجين مشغلة في القمرة. وتابع انهما"شاهدا شخصين في مركز القيادة لم يعرف هل كانا من أفراد الطاقم أو راكبين يحاولان استعادة السيطرة على الطائرة". وأشار روسوبولوس الى"حادث مأسوي"، مؤكداً أن"ليس هناك أي مؤشر الى قرصنة جوية أو عمل ارهابي".