رحلت صاحبة الفيلم السينمائي الوحيد، واللحن النسائي العربي اليتيم، وابنة البلدين العربيين مصر ولبنان الفنانة لور دكاش عن عمر يناهز 88 عاما أول من أمس. رحلت في صمت وهدوء... حتّى أن أهل الوسط الفني أنفسهم لم يعلموا بالخبر إلا بعد مرور يوم كامل... وأقيمت أمس مراسم تشييع المطربة اللبنانيّة الأصل التي تعدّ من أبرز أصوات جيلها، بعد الصلاة على جثمانها في الكنيسة المارونية في حي مصر الجديدة القاهري... وكانت لور تقطن في فيلا قديمة من أبرز فيلات هذا الحي الفخم وقد عاشت دكاش سنواتها الأخيرة في هدوء تام، وحيدة في فيلتها تاركة وراءها فيلماً سينمائياً واحداً، ولحنا نسائياً هو الوحيد في العالم العربي، وعدداً من الأغاني العربية المميزة الراسخة في التراث الغنائي العربي... ولدت دكاش في 24 اذار مارس 1917. وفي سن الثامنة اكتشف والدها عشقها للغناء فأهداها عودا واحضر لها مدرسا ليعلمها الموسيقى، فتعلمت الكثير من الادوار والاغاني التي لحنها او اداها فنان الشعب سيد درويش. تعرفت إلى الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب ولما تبلغ الخامسة عشرة، خلال تصوير مشاهد من فيلمه"الوردة البيضاء"في لبنان. وفي العام 1945 انتقلت إلى مصر حيث استقرت، والتقت بعبد الوهاب للمرة الثانية. وكانت الفترة التي حضرت فيها الفنانة الى مصر، شهدت ظهور عدد كبير من الفنانين"الشوام"، أي القادمين من بلاد الشام مثل أسمهان وشقيقها فريد الأطرش وسعاد محمد ونور الهدى وآخرين. حكاية الشهرة أما حكاية لور دكاش مع الشهرة فتعود الى العام 1939 حين قدّمت أغنيتها"آمنت بالله"التي لحنها فريد غصن... ومنذ العام 1945، فتحت الإذاعة المصرية أبوابها لهذه الفنانة الاستثنائيّة التي كانت تعزف على العود وتلحّن، إضافة إلى احترافها فنّ الغناء... ومن أبرز أغانيها"لا مستحيل"،"انا طبعي كدة"،"أغاريد"،"اغار من ذكر هواك"و"وأنا قلت لك الحب نعيم"والأغنية الأخيرة من ألحان محمد الموجي... وقدّمت بعض الأناشيد الدينية مثل"الله اكبر"و"ربي". وكانت آخر اغانيها اغنية"مستحيل تقدر تنسيني الليالي". وقامت الفنانة خلال مشوارها الفني ببطولة فيلم واحد هو فيلم"الموسيقار"من إخراج سيد زيادة العام 1946 الى جانب دور صغير في فيلم"يا تحب يا تقب"1994، وفيه أدّت أغنيتها الشهيرة"آمنت بالله". الجنسية المصرية والشباب وكما عاشت لور وحيدة آخر أيّامها، ماتت وحيدة أيضاً... والغريب أن نقابة الموسيقيين المصريين لم يصلها خبر الوفاة إلا عندما اتصل بعض الصحافيين طلباً لمعلومات عن الراحلة. وأعلن نقيب المهن الموسيقية حسن ابو السعود، ان اعضاء مجلس ادارة النقابة وقفوا دقيقة حدادا على الراحلة، مشيرا الى ان الفنانة الراحلة"كانت تتميز بصوت قوي ولها تاريخ حافل في الغناء والتلحين". فيما ذكّر الملحن حلمي أمين إنها كانت تخصص دخل غالبية أعمالها الفنية للأغراض الخيرية. وقد حصلت دكاش على الجنسية المصرية بعد زواجها من مهندس مصري... والطريف أن كثيراً من محبّي صوتها وأغنياتها في مصر، يعتقدون أن اسمها"لورد دكاش"! وقد أثر غيابها التام عن الساحة الفنية في السنوات الأخيرة على شعبيتها، ولا سيما بين الأجيال الشابة، إذ أن الغالبية العظمى من الشباب لا تعرفها.