يتركز الجدل الدائر في لبنان وخارجه حول موضوع الوجود العسكري والأمني السوري في لبنان، وتبعات انتهاء هذا الوجود، إلى حد كبير، على الجوانب الاستراتيجية والسياسية والأمنية، مع إهمال شبه كلي للجانب الاقتصادي والمعيشي. وقد يمكن تفهم ذلك في ضوء استمرار التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، الحدث الذي مثل أكثر العوامل حسماً لمصير هذا الوجود. إلا أن تفهم الأمر لا يعني تبريره، ذلك لأن جريمة الاغتيال لم تستهدف الرجل بقدر ما استهدفت حلمه ورؤيته الاقتصادية والاجتماعية. ونظراً لأن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية يعتمد على توفير بيئة إدارية وسياسية مساعدة، فقد اصطدمت هذه الرؤية بقوى عدة متضررة. وليس من المبالغة القول، إن الشعب اللبناني، بمختلف فئاته، الذي انتفض لجريمة الاغتيال، لم يفعل ذلك استنكاراً وإدانة للجريمة فحسب، بل أيضاً دفاعاً عن هذه الرؤية التي جسدها إلى حد كبير الرئيس الشهيد والتي كانت أيضاً رؤيتهم والرابط الموضوعي والوجداني بينهم وبينه. فقد كانت الحقيقة التي تداعت أمامها، لوهلة، الانتماءات الطائفية والمذهبية واصطفافاتها الحزبية المتنوعة. فإلى أي مدى قد تسهم التطورات التي شهدها لبنان خلال الشهور القليلة الماضية، وتحديداً انحسار الوجود السوري العسكري والأمني إلى ما وراء الحدود، في تعزيز مقومات النمو الاقتصادي والاجتماعي؟ وما هي العقبات التي زالت؟ وتلك المتبقية منها؟ هذا ما نود تناوله في ما يأتي، مستفيدين في شكل خاص من مؤشر الحرية الاقتصادية الذي تنشره سنوياً مؤسسة هاريتيج، والذي يقوّم الحرية الاقتصادية لمعظم دول العالم، ويعتبر مرجعاً مهماً للمستثمرين عند تكوين قراراتهم الاستثمارية في بلد معين. التنمية الاقتصادية في لبنان : وضعها الراهن واتجاهاتها المستقبلية حقق الاقتصاد اللبناني انتعاشاً يستحق الإعجاب منذ إطلاق برنامج الأفق 2000"Horizon 2000"في عام 1993. وهو برنامج إعادة الإعمار المقدر حجمه بنحو 20 بليون دولار. إلا أن عملية إعادة الإعمار لم تتوافر لها البيئة الأمنية والسياسية الملائمة بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي لجزء كبير من جنوبلبنان وما ولده من أعمال عنف وعدم استقرار حتى اندحاره في عام 2000. هذا إضافة إلى استمرار التواجد العسكري السوري على رغم تزايد الدعوات بين اللبنانيين إلى ترشيد هذا الوجود، خصوصاً بعد أن فقد معظم مبرراته بعد الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب. كما لم تتوافر بيئة الأعمال المحفزة للتنمية الاقتصادية. وقد أدى ذلك إلى مضاعفة تكلفة عملية إعادة إعمار ما دمرته الحرب اللبنانية والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة مما سبب عجزاً في الموازنة دفع بالدين العام إلى بلوغ نسبة 185 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2003. ولمواجهة عبء الدين الثقيل، تبنت الحكومة برنامج إصلاح مالي ركز على الإصلاحات الضريبية، والتخصيص، وترشيد المصاريف وتحسين إدارة الدين. إلا أن وتيرة الإصلاح كانت بطيئة جداً. كما أن خطط رئيس الوزراء رفيق الحريري للإصلاح الاقتصادي تراجعت بسبب مناكفات السلطة التنفيذية. وبالتالي، مع شلل السياسة الاقتصادية، لم تستطع الحكومة الوفاء بالتزاماتها نحو مؤتمر باريس - 2. ويجدر في هذا الصدد ملاحظة الآتي: أولاً: إن الوجود العسكري السوري، وبغض النظر عن دوره أو الصيغ المنظمة له، يعتبر عاملاً سلبياً في ما يتعلق بالتنمية الاقتصادية بحكم تأثيره على بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار. كما أن الاحتلال الإسرائيلي، والمقاومة اللبنانية التي دحرت هذا الاحتلال مدعومة من الشرعية الدولية، إضافة الى التواجد الفلسطيني المسلح، جميعها تمثل عوامل معيقة للتنمية بغض النظر عن تباين أغراضها ومواقعها. ثانياً: قد لا يبدو التقدم المحرز في عملية إعادة الأعمار، منسجماً مع الطرح الذي يرى أهمية الاستقرار كشرط ضروري من شروط النمو الاقتصادي. إلا أن هذا الانطباع ليس صحيحاً، نظراً لأن تلك العوامل تساهم في رفع درجة مخاطر الاستثمار المنعكسة في ارتفاع تكلفة التمويل. ثالثاً: تجدر أيضاً الاشارة الى أن معظم الاستثمارات التي أدت إلى الانتعاش الاقتصادي المشار إليه أعلاه، كانت استثمارات عامة تركزت في إعادة بناء التجهيزات الأساسية والخدمات العامة. أي أن استثمارات القطاع الخاص التي تعتبر أشد حساسية لمخاطر الاستثمار، كانت متواضعة نسبياً. رابعاً: تعود المناكفات التي ساهمت في عدم وفاء الحكومة بالالتزامات التي قطعتها على نفسها في مؤتمر"باريس - 2"، إلى الانقسام الحاد في السلطة التنفيذية، خصوصاً بعد عام 1998. وقد ساهمت السلطة السورية المهيمنة أمنياً وعسكرياً في شكل مباشر وغير مباشر في هذه الانقسامات حيث لم تكن محايدة. إن التحليل الموضوعي يشير إلى دور مؤثر لسورية في مسار السياسة الاقتصادية، سواء من خلال وصايتها الأمنية أو من تشابكات علاقاتها اللبنانية. غير أن تحديد مدى الاختلافات في هذا الدور وتأثيراته يمكن مقاربتها في شكل أفضل من خلال تناول بعض أبعاد مؤشر الحرية الاقتصادية التي تتأثر بالبيئة الأمنية والسياسية ومن أبرزها: السياسة التجارية يعتبر لبنان من الدول التي تعتمد مستوى معتدلاً من الحماية الجمركية، حيث تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن المتوسط المرجح للرسوم الجمركية بلغ 8 في المئة في عام 2002، منخفضاً من 12 في المئة في السنة السابقة. إلا أن الصادرات والواردات اللبنانية تخضع لعدد من الحواجز غير الجمركية التي تفرضها جهات حكومية عدة. وتشمل هذه الحواجز: منع بعض الواردات، وإجراءات الترخيص، والحصص، والتأشيرات، والشهادات البيطرية، والشهادات الصحية وغيرها. وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أن نظام الجمارك اللبنانية قد خضع خلال السنوات القليلة الماضية إلى عملية إصلاح وتطوير مهمة بقيادة رئيس الوزراء الحالي فؤاد السنيوره، عندما كان وزيراً للمالية. رافقتها إصلاحات مماثلة في مصلحة الضرائب. ولا شك في أن وتيرة ونطاق تلك الإصلاحات تأثرت بالظروف السلبية الناتجة عن الوجود السوري وتأثيره على انسجام السلطة التنفيذية. كما أن قدرة الحكومة على اتخاذ القرارات الصعبة وتنفيذها تأثرت بهذه الظروف. وبالتالي يتوقع أن تتطور الأمور إلى الأحسن في هذا المجال. إلا أن أي تقدم يتم إحرازه على هذا الصعيد سيبقى في إطار تطوير الإجراءات وتعزيز الشفافية، لكنه لن يسهم بشكل كامل في تحفيز ودفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية ما لم يتم ربط السياسة المالية بشكل أوثق بعملية التنمية. تتأثر السياسة المالية، بطبيعة الحال، بمتطلبات الإنفاق الحكومي وخدمة الدين العام. إلا أن الموازنة ما زالت تعد خارج إطار خطة أو برنامج اقتصادي واجتماعي شامل. فلو نُظر إلى موضوع الرسوم الجمركية والإجراءات الأخرى المؤثرة على حركة الواردات من منظور التنمية، لوجدنا أن تلك الرسوم والإجراءات، مع أنها توفر إيراداً للموازنة، فإنها في الوقت ذاته تعتبر معوقاً لنمو القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني. ذلك لأنها تحمي الإنتاج الوطني من المنافسة الخارجية وبالتالي تدفع نحو خفض إنتاجيته. وفي ضوء محدودية حجم السوق الداخلية اللبنانية، فإن التوجه الاستراتيجي الصحيح للإنتاج الوطني يجدر أن يكون نحو الأسواق الخارجية الذي يؤدي بدوره إلى نمو هذا الإنتاج. من جهة أخرى، فإن زيادة المنافسة في السوق المحلية سيؤدي إلى خفض أسعار السلع والمنتجات على المستهلك. العبء المالي الحكومي يتمثل العبء المالي الحكومي لغرض هذا العرض بثلاثة عناصر رئيسة هي: معدل ضريبة الدخل، ومعدل ضريبة الشركات، والوزن النسبي للمصروفات الحكومية ونموها. بالنسبة الى ضريبة الدخل فان مستواها البالغ 20 في المئة في حدها الأقصى يعتبر منخفضاً قياساً الى الممارسات العالمية. وكذلك بالنسبة الى ضريبة الشركات البالغ معدلها 15 في المئة فقط، وهو معدل ثابت ومستقل عن معدل الأرباح. أما المصاريف الحكومية فتشير التقديرات الى أنها نمت بمعدل مرتفع قدره 3.3 في المئة عام 2002، لتشكل نسبة 39.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ويمكن في هذا الصدد إبداء الملاحظات الآتية: أولاً: إن كانت ضريبة الدخل تبدو مناسبة في ضوء الأوضاع الاقتصادية لأكثرية اللبنانيين، لا سيما أن شريحة الدخل الخفيض معفية من هذه الضريبة، فإن معدل الضريبة على الشركات هو أقل مما يمكن توقعه في بلد يرزح تحت مديونية عالية. ويبدو أن الدافع الأساسي خلف اعتماد ضريبة مسطحة بمعدل خفيض نسبياً كان تحفيز الاستثمار. إلا أن السياسة الضريبية، وهي إحدى الدعائم الرئيسة للبيئة الاستثمارية، جاءت يتيمة في غياب الدعائم الأخرى الضرورية والمكملة لتوفير بيئة محفزة للاستثمار، من أهمها الاستقرار الأمني والسياسي، وكفاءة الإدارة العامة، وتنافسية الخدمات سواء بتكلفتها أو كفاءتها. لذا، فإن الفصل في عملية التنمية الاقتصادية، بين الشأن الاقتصادي من جهة والشأن الأمني والسياسي من جهة أخرى ليس عملياً، إذ أن الشأنين متكاملان. وإن كان الوجود العسكري والأمني السوري قد ساهم في الدفع نحو الفصل بينهما، فإن انتهاء هذا الوجود، لن يؤدي إلى بروز استراتيجية تنموية متكاملة ما دامت عوامل عدم الاستقرار قائمة. وبالتالي فإن مسألة تحقيق السيادة والتحرير، وإزالة المظاهر المسلحة تحتل أولوية، ويجدر تسويتها في أقرب وقت ممكن لكي يتسنى وضع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية على مسارها الصحيح والمستدام. ثانياً: أما بالنسبة الى العبء النسبي الكبير للمصاريف الحكومية، فإنه ناجم عن تضخم الإدارة العامة وتدني إنتاجيتها، وهي سمة ميزت لبنان منذ عهود الاستقلال الأولى. وهناك عوامل عدة خلف هذه الظاهرة أهمها: أن الإدارة اللبنانية لم تشهد عملية إعادة هيكلة وإصلاح جذرية منذ الاستقلال. حيث إن عمليات الإصلاح التي جُربت كانت جميعها تصطدم عاجلاً أم آجلاً بصخرة المحاصصة الطائفية والسياسية. كما ساهم في تضخم القطاع العام التراجع في النمو الاقتصادي منذ بداية الحرب الأهلية حتى اليوم، خصوصاً نمو القطاع الخاص. وبالتالي أصبح القطاع العام الملاذ الأخير للتوظيف داخل الوطن وإلا الهجرة إلى الخارج. بناء على ما سبق، يمكن الاستنتاج أن انتهاء الهيمنة السورية لن يؤدي إلى تحسن في هذا البعد الأساسي من أبعاد الحرية الاقتصادية، ما لم تتم معالجة العوامل الأساسية وراء هذا الوضع. وما يعقد الأمر، هي أن أي عملية إصلاح إدارية ومؤسسية جدية يجب أن تتجاوز الطائفية السياسية وتأثيراتها المتعددة الجوانب على الإدارة العامة، وإلا ستكون نتائجها محدودة جداً، وأقل من المطلوب لتحفيز النمو الاقتصادي المستدام. وتجدر الإشارة الى أن مقاربة عملية الإصلاح من خلال التخلص من الفاسدين، كما جربت مراراً في الماضي ومن دون نجاح يذكر، وكما هو مطروح من بعض الأوساط حالياً، لن تنجح ما لم تأت في إطار عملية إعادة هيكلة جذرية وشاملة. تدخل الدولة في الاقتصاد بناء على تقارير البنك الدولي، شكل الاستهلاك الحكومي نسبة 13.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2002. كما أن في عام 2003، وبناء على بيانات وزارة المال اللبنانية، شكلت إيرادات الدولة من مرافق مملوكة لها وممتلكات أخرى نسبة 18.8 في المئة من إجمالي إيراداتها. تشير هذه الأرقام إلى مستوى"معتدل"من تدخل الدولة في الاقتصاد، كما أن تلك المؤشرات آيلة إلى انخفض في المستقبل نظراً لارتباطها الوثيق بعملية التخصيص التي تشكل جزءاً من الالتزامات السابقة للبنان، في إطار مؤتمر باريس - 2، والتي يتوقع أن يعاد التأكيد عليها في المؤتمر الدولي المزمع عقده قريباً لدعم لبنان. ولا شك في أن الوجود السوري وتأثيره على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، كان له الأثر الكبير في تخلف لبنان عن الوفاء بالتزاماته. إلا أن سياسة التخصيص هي موضع تباين في الرأي بين القوى السياسية اللبنانية، ما يرفع من درجة اللايقين حولها، وسيؤدي إلى خفض عوائدها. وقد يكون من المفيد في هذا السياق توضيح أهداف عملية التخصيص وشروط نجاحها، خصوصاً أن نتائج التجارب العالمية المتعددة في التخصيص متباينة جداً: أولاً: إن الهدف الأساسي والمبدئي من تخصيص المرافق الحكومية، هو تحسين إنتاجيتها وكفايتها نحو تعزيز الإنتاجية الكلية للاقتصاد وبالتالي تحفيز نموه. وإن كان تخفيف الأعباء عن موازنة الدولة هو الهدف السائد اليوم، فإنه يجدر أن يبقى هدفاً ثانوياً لأسباب عدة أبرزها: * يفترض تخصيص المرافق الخاسرة التي تشكل عبئاً على موازنة الدولة فقط، بينما الغرض من التخصيص هو خفض تدخل الدولة في الاقتصاد. * ان احتمال نجاح عملية تخصيص تقوم على التخلي عن المرافق الخاسرة فقط هو ضعيف جداً، ويمثل سياسة غير واقعية لا تسهم في تعزيز ثقة المستثمرين. * إن نقل مرافق عامة متدنية الكفاية والإنتاجية إلى القطاع الخاص عملية محفوفة بالمخاطر، نظراً لأن الأعباء التي كانت تتحملها الدولة قبل التخصيص، ستنتقل، ليس إلى المالك الجديد، بل إلى المستهلك في حال لم تحقق عملية التخصيص هدفها الأساسي. ثانياً: لكي يتم تحقيق أهداف عملية التخصيص، لا بد من توفير منظم مستقل وفعال يمنع الممارسات الاحتكارية، في الخدمات ذات الطبيعة الاحتكارية ويضمن المنافسة الصحيحة في النشاطات القابلة للمنافسة. ونظراً لأن الهيئة المنظمة تعتبر هيئة قضائية، فإن شرط استقلالها لا يمكن ضمانه إلا إذا كانت مسؤولة تجاه أعلى سلطة في النظام السياسي. وهذه السلطة في النظام البرلماني اللبناني هي السلطة التشريعية القادرة وحدها على توفير هذا الشرط. إلا أن قدرة السلطة التشريعية على ذلك تعتمد بشكل أساسي على فعاليتها. غير أن هذه الفعالية محكومة بدورها بكفايتها التمثيلية للشعب اللبناني وعلاقاتها ببقية السلطات. وفي ضوء البنية الطائفية للتمثيل النيابي الموقت الدائم المناقضة تماماً للمبدأ الديموقراطي الأساسي في المساواة بين الناس بمعزل عن انتماءاتهم الدينية وأصولهم الإثنية وجنسهم، إضافة الى التداخل بين السلطات المعطل لعملية ضبط بعضها البعض والمخل في التوازن المطلوب في ما بينها، فمن الصعب جداً توفير الشروط المطلوبة للهيئة المنظمة ما لم يتم تجاوز الطائفية السياسية، وتعزيز مبدأ فصل السلطات. إن انتهاء الوجود السوري لن يوفر عوامل الاستقرار المنشود لتحفيز الاستثمار وتحقيق التنمية المستدامة، ما دام على الأرض اللبنانية تواجد أمني وعسكري غير رسمي، سواء كان شرعياً أم لا. ومع توافر الأمن والاستقرار، يمكن عندئذ مواجهة تحديات الإصلاح الإداري والاقتصادي الذي يتطلب إجماعاً وطنياً يترفع عن المزايدات الفئوية لمواجهة التشوهات الهيكلية في النظام السياسي الذي تقف عائقاً أمامه. * خبير تنمية لبناني 1-The 2005 Index of Economic Freedoms. The Heritage Foundation/ Wall Street Journal