طغى الجدل الهادئ والخلط في التعاطي مع مفهوم"نحن والآخر"، على المحاور الأساسية التي وضعت في جلسات اليوم الأول للقاء الوطني الخامس للحوار الفكري الذي انطلق أمس في مدينة أبها. وعلى رغم مبادرة رئيس اللقاء الشيخ صالح الحصين الى وضع تعريف محدد أمام المشاركين لعنوان اللقاء نحن والآخر، بقوله:"ان المقصود ب"نحن"المواطنون في المملكة العربية السعودية و"الآخر"يشمل غيرهم من العرب وإخواننا في الاسلام والانسانية"، الا أن اللقاء الذي شاركت فيه 73 شخصية سعودية، رجالا ونساء، يمثلون أطيافاً وتيارات مختلفة، لم يخل من التعرض للمشكلات المحلية وتعدد التيارات داخل البلاد. وذكر الحصين في كلمته الافتتاحية أن"العدل والرحمة مطلب من كل أحد وفي كل حال، مع الصديق والعدو، حتى في ساحة المعركة". وتطرق الى علاقة المسلم بالمسالم وان كان على غير دينه، وضرورة التعامل معه بالإحسان والبر والتقوى، وإلى علاقة المسلم بالمسلم، موضحاً أنها"علاقة ولاء ترتفع عن علاقته مع غيره بالتزامه بالولاء للإسلام". ومهد المحور الأول الذي جاء بعنوان"المنطلقات الاسلامية في التعامل مع الآخر"لتقديم رؤية جيدة للحديث عن الأصول والقواعد الشرعية المتعلقة بالمواثيق والوفاء بالعهود، ومسائل الولاء والبراء والعدل والإحسان ومجادلة الآخر بالتي هي أحسن. وركز المتحاورون مداخلاتهم على نوعية الحوار المطلوبة مع"الآخر"، والبيئة المناسبة لها، ولغة الحوار الممكنة، وشدد بعضهم على ضرورة وجود الرغبة نفسها للحوار لدى"الآخر"، ووضوح الصورة التي يكون عليها الحوار، والابتعاد عن تكرار الفكرة ذاتها، لتكون هناك نتائج جيدة تلتزم الثوابت الدينية. ومع أن الإطار الذي وضع للحوار الوطني كان يستند الى علاقة السعوديين ب"الآخر"غير السعودي، مسلماً أو غير مسلم، الا أن المشاركين لم يتمكنوا من اللعب داخل الاطار المحدد، فذهب الكثير من المشاركين الى ضرورة البدء بالحوار مع الذات، عبر أطروحات متعددة، تناولت حصر مصادر التشريع الموضوعة وتحقيقها، وربما اضعافها، كونها كانت اللبنة الرئيسية لولوج الفكر التكفيري والتأزم العقائدي، وأن تكون هناك جرأة في الانفتاح على جميع علماء المسلمين في كل مكان. وعلق أحدهم بقوله:"ليست لدينا وكالة حصرية للإسلام". وتطرق بعض المشاركين الى التعددية المذهبية داخل المجتمع السعودي، وطاول الحوار نبذ ثقافة الاستعلاء على الآخر من المقيمين داخل البلاد، وضمان حقوقهم في الاحترام.