تصدرت مسألة مكافحة الإرهاب جدول أعمال قمة منظمة المؤتمر الإسلامي الطارئة بمكة. والقمة هي أول اجتماع لهذه المنظمة تحضره روسيا بصفتها مراقباً. ويعتقد مسلمو روسيا وجوب خوض العالم الإسلامي فعلياً الحرب على الإرهاب، ما يمكن المجتمع الدولي من الانتصار في هذه الحرب. فافضل سبل محاربة الإرهاب الدولي هو في تقدم البلدان الإسلامية صفوف مكافحي الإرهاب، على ما قال رئيس جمهورية الشيشان، آلو الخانوف. وبادر المسلمون الروس إلى طرح فكرة إنشاء مركز إسلامي دولي يدين العمليات الإرهابية، وينبه المسلمين الى مخاطرها. وهذه الفكرة وردت في"رسالة عمان"، الصادرة عن الحكومة الأردنية بمبادرة من الملك عبدالله الثاني. وأوضح العاهل الأردني في أثناء زيارته موسكو الصيف الماضي، ان"رسالة عمان"تدعو إلى حظر إصدار فتاوى تبرر العمليات الإرهابية. ويقلق النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي والحرب في العراق، المسلمين في العالم. وتحمل مسارعة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى إدانة عملية نتانيا الإرهابية في 5 كانون الاول ديسمبر دلالات مهمة. ووقع المشاركون العرب في القمة الأوروبية - المتوسطية ببرشلونة، في نهاية الشهر المنصرم، وثيقة تدين الإرهاب بعدما أدخل واضعوها تعديلاً يشير إلى عدم شرعية الاحتلال. وأصر ممثلو البلدان العربية في قمة برشلونة على عدم اعتبار مقاومة الاحتلال أعمالاً إرهابية. ولكن إسرائيل رفضت التوقيع على وثيقة تحمل هذه العبارة. وصاغ منظمو القمة الأوروبية - المتوسطية الحل الوسط الذي يرضي المشاركين، ويؤدي الى إقرار الوثيقة في ختام القمة. ويجب التمييز، طبعاً، بين الإرهابيين وبين من يتصدون للاحتلال. ولكن حل مسائل من هذا النوع أمر يزداد صعوبة. وربما كان يجب الفصل بين العملية الإرهابية أي عملية إرهابية وبين مسؤولية السلطات في هذا البلد أو ذاك، أي يجب التنبه الى ما لم تفعله السلطات في البلد الذي وقعت فيه العملية الإرهابية لتمنع تأثير الإرهابيين في شرائح محددة في المجتمع. ولا بد من الإقرار، في الأحوال كلها، أي عملية إرهابية، سواء وقعت في إسرائيل أو في العالم العربي أو في أوروبا أو في أميركا أو في روسيا، هي عملية إجرامية. وبعبارة أخرى كان واضحاً، قبل بدء أعمال القمة الاسلامية ان المطلوب من العالم الإسلامي اليوم هو تناول الإرهاب بلغة واضحة، من دون مواربة أو محاباة، أو تزويق الكلام: فالإرهاب مرفوض في كل صوره، ولا مبرر لهجمات تستهدف أبرياء. أما مسألة التعامل مع الأسباب والدوافع فهي أمر آخر يستحق الدراسة، ويجب التصدي له بالمعالجة. ولا شك في أن تصريح الرئيس الإيراني لم يخدم قادة العالم الإسلامي المجتمعين في"قمة مكة"المكرمة، ولم يخدم مسألة تحسين سمعة المجتمعات الإسلامية في عين المجتمع الدولي. والحق ان أحداً من أعضاء القيادة الفلسطينية لا يجادل، رسمياً، في حق اسرائيل في الوجود على رغم صعوبة التسوية الفلسطينية - الاسرائيلية. وموافقة منظمة التحرير الفلسطينية نفسها على الاعتراف بإسرائيل، في 1993، هي نقطة انطلاق للتسوية السلمية. وأثار تصريح الرئيس الإيراني، من جهة ثانية، موجة من الاستياء المفهوم في موسكو. فعندما حاول وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في أواخر تشرين الأول اكتوبر الماضي، أن يوضح في القدس موقف موسكو المعارض نقل الملف النووي الإيراني الى مجلس الأمن الدولي، قال الرئيس الإيراني ما سبق أن قاله الإمام الخميني من"أن الكيان الصهيوني يجب إزالته عن وجه الأرض". واليوم، يعلو الهجوم الإيراني على اسرائيل بعد مضي أيام قليلة على نبأ توقيع عقد الصواريخ الروسية المضادة للطائرات، من طراز"تور - م1"، الى إيران. ولا غرابة في تعليق موسكو على تصريح الرئيس الإيراني بالقول انه"غير مقبول". وفي بيان وزارة الخارجية الروسية أن هناك حقائق تاريخية معروفة، تتصل بالحرب العالمية الثانية، بما فيها المحرقة، ولا تخضع هذه الحقائق لإعادة النظر فيها، ولا يعفى أحد من إدراك الأمر هذا. عن ماريانا بيلنكايا، نوفوستي الروسية، 7 و9/12/2005