تصدر دمشق اشارات معتدلة في شأن كيفية التعاطي مع موضوعي العراقولبنان، عشية تقديم القاضي الالماني ديتليف ميليس تقريره الى الامين العام كوفي انان عن التعاون السوري في التحقيق باغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري. وقال مصدر رسمي امس ان السفير البريطاني بيتر فورد ابلغ رئيس البرلمان محمود الابرش"الارتياح لتعاون سورية التام مع اللجنة الدولية، وان العلاقات البريطانية-السورية ستتعزز في اقرب وقت"، عقب تقليل نائب وزير الخارجية وليد المعلم من احتمال فرض عقوبات على بلاده لپ"عدم وجود أي مبرر لاتخاذ أي اجراء ضد سورية". وتزامن تأكيد مسؤولين سوريين التزام التعاون مع فريق التحقيق الدولي بعد موافقة دمشق على ارسال خمسة ضباط الى فيينا لاستجوابهم من جانب اللجنة الدولية، مع اتخاذ خطوات معتدلة في شأن العراقولبنان. اذ وقع وزير الطاقة اللبناني محمد فنيش امس اتفاقاً مع نظيره السوري منيب صائم الدهر لتجديد اتفاق تزويد لبنان بالكهرباء سنة اضافية، ذلك بعد يومين على اجراء محادثات بين مسؤولين محليين في محافظتي البقاع وريف دمشق. كما ان الرئيس بشار الاسد استقبل امس رئيس هيئة علماء المسلمين في العراق الشيخ حارث الضاري، وبحث معه في نتائج مؤتمر الوفاق الوطني العراقي الذي عقد في القاهرة وشاركت فيه دمشق، بالتزامن مع تقديم سورية تسهيلات لاجراء الانتخابات العراقية على اراضيها. وعلمت"الحياة"امس ان الخطوات السورية المعتدلة جاءت بعد سلسلة محادثات اجراها عدد من المسؤولين العرب بينهم مستشار الرئيس السوداني محمود مصطفى اسماعيل ومسؤول الامن الوطني السعودي الامير بندر بن سلطان بن عبد العزيز. وقامت تلك الجهود على اساس"الا يكون القرار الحكيم والشجاع بالموافقة على ارسال الضباط السوريين الى العاصمة النمسوية، معزولاً عن السياسة الخارجية السورية". وقالت مصادر عربية لپ"الحياة"ان المسؤول السوداني لعب على ثلاثة محاور هي :"اولاً، الاستمرار في التعاون السوري مع اللجنة الدولية. ثانياً، تحسين العلاقات بين دمشق ورئيس كتلة المستقبل سعد الحريري عبر الاتصال بالسعودية وارسال اشارات نحو مستقبله السياسي. ثالثاً، تحسين العلاقات بين الحكومتين السورية واللبنانية"، الامر الذي يفسر اللقاء الذي جرى في برشلونة بين وزير الخارجية فاروق الشرع ورئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة والحديث عن"فتح صفحة جديدة"بين البلدين. وأوضحت المصادر العربية ان الامير بندر يعمل على تخفيف التوتر بين دمشقوواشنطن في شأن موضوعي العراق ومكافحة الارهاب، بحيث يوقف الاميركيون الحملات الاعلامية العلنية ضد سورية في شأن العراق مع اتخاذ دمشق المزيد من الخطوات السياسية والامنية نحو العراق. وتردد في هذا السياق، كلام عن احتمال ارسال قوات عربية الى العراق ونشر مزيد من القوات السورية على الحدود العراقية. واشارت المصادر الى ان الأمير بندر يعمل على استئناف التعاون الأمني بين دمشقوواشنطن بعد توقفه في منتصف العام الجاري على خلفية استمرار الاميركيين بالانتقادات العلنية لسورية، وفشل محاولة سابقة لاستئناف التعاون في"جو من الثقة". ولاحظت مصادر ديبلوماسية"تراجعاً"في حدة التصريحات الاميركية الناقدة لدمشق. واختلفت تفسيرات ذلك ما بين رغبة واشنطن في"تمرير الوقت لانجاح الانتخابات العراقية"وبين الرغبة في تشجيع دمشق على القيام بالمزيد من الخطوات. الى ذلك، اشارت المصادر الى وجود"اجماع عربي"على رفض اقامة محاكمة دولية في شأن جريمة اغتيال الرئيس الحريري. واوضحت المصادر ان اتصالات تجرى لترجيح فكرة محاكمة عربية - اقليمية تحت مظلة جامعة الدول العربية، لان المحكمة الدولية تعني"استمرار الضغط الدولي على سورية واستخدامها اداة لتنفيذ مزيد من الضغوط، وتوفير ذرائع للقيام بتفتيش مواقع سورية، وفتح ملف"حزب الله"في لبنان، ما يعني الكثير من التوتر في المنطقة، الامر الذي لا تريده دول مثل السعودية ومصر".