لا تسأل احداً من أهالي الانبار عن الانتخابات المقبلة إلا ويجيبك انها"مصيرية"، بل ان بعضهم يتجرأ على تحدي الجماعات المسلحة التي تعارض مشاركة السنة في الانتخابات. خطباء الجوامع خرجوا عن سيطرة المسلحين، والكيانات السياسية أخذت تتحرك علناً، في معظم المناطق. فيما ملأت الملصقات الانتخابية شوارع الفلوجة والصقلاوية والعامرية والكرمة والحبانية. اما الرمادي التي لا تزال معقل الجماعات المتشددة فلا يجرؤ سكانها على التصريح بدعم الانتخابات. ويقول اركان جابر عضو"الحزب الاسلامي"في الرمادي ان"الكيانات السياسية لا تستطيع الترويج للانتخابات بشكل علني. وعلى سبيل المثال لا يستطيع أحد ان يوزع الملصقات الا وهو ملثم وفي أوقات لا يمكن ان يشاهده احد. ومع ذلك فهو يخاطر بحياته، فما ان يسمع به او يبصره احد من التكفيريين حتى يكون عرضة للخطف، او القتل امام أعين الناس، من دون ان يستطيع احد ان يصحبه لكن على رغم ذلك تجد الملصقات الانتخابية مكاناً لها على جدران الرمادي". وتلجأ بعض الكيانات السياسية الى طرق أسهل وابلغ أثراً، وأقل خطراً في دعايتها الانتخابية، عبر توزيع منشورات صغيرة في شوارع المدينة في أوقات حظر التجول بأعداد كبيرة، حيث لا يستطيع المعادون للانتخابات مصادرتها. ويصل معظمها الى أيدي الناس او على الأقل يشاهدونها ويطلعون عليها. لكن ناطق طه رئيس منظمة حقوق الإنسان في الرمادي، يقول ان الأمور هناك اشد تعقيداً"فعلى رغم الحماسة للمشاركة في الانتخابات، الا ان الواقع على الأرض يشير الى غير ذلك، فقد قتل احمد رشيد، مسؤول شعبتي الإدارة والمالية في الحزب الإسلامي لمجرد تمزيقه منشوراً للجماعات التكفيرية يرفض الانتخابات، وينتقد موقف الحزب، فالواقع ان الجماعات المسلحة ما زال لها تأثير واضح في مجريات الاحداث خصوصاً عندما يكون على المرء ان يختار بين الانتخابات وحياته". ويستدرك أن"معظم الناس ما زالوا غير مستعدين للموت في سبيل ترسيخ الديموقراطية". وعلى رغم ان الفلوجة باتت أكثر أمناً من الرمادي، والنشاطات الانتخابية فيها تحدث بشكل علني، الا ان الحملات الانتخابية لم تخل من منغصات كما يقول فيصل فوزي، مدير مركز العادل في الفلوجة، الذي تعرض لمحاولة اغتيال قبل ثلاثة أيام ولولا انه كان يحمل سلاحاً شخصياً لنال المسلحون منه. يقول"بينما كنا انا واحد مديري المراكز الفرعية، لاحقتنا سيارة"اوبل"وأطلق أحد المسلحين الرصاص علينا الا ان تنبه زميلي الذي كان يقود السيارة ومهارته في القيادة، ودخوله في احد الطرقات بسرعة حال دون تمكنهم من إصابتنا على رغم تضرر السيارة. وبعد ذلك أخرجنا بندقية كلاشنكوف كنا نحملها معنا واتجهنا باتجاه المسلحين الذين لاذوا بالفرار، عندما أدركوا اننا مسلحون". ويضيف فوزي ان"مواصفات السيارة التي هاجمتنا هي مواصفات السيارة التي هاجمت الشيخ حمزة العيساوي، مفتي الفلوجة الذي اغتيل بعدما أعلن دعمه للانتخابات ولمشاركة اهل السنة فيها". ويتوقع ان يتراجع تأثير معارضي الانتخابات في الفلوجة وتتخذ ضدهم الإجراءات المناسبة، وليس أدل على ذلك من الجنازة المهيبة للشيخ حمزة، التي بينت مدى دعم الناس لموقفه وللقضية التي اغتيل من اجلها. وأدى اغتياله الى تحفيز علماء الفلوجة على اتخاذ موقف صارم في دعم العملية الانتخابية، فكان من اهم مفردات خطبة الجمعة التي أعقبت الاغتيال الحض على المشاركة في العملية السياسية. وقال مسؤول في مكتب الانتخابات في الانبار ان كوادر المكتب متكاملة ومنتشرة في مختلف أنحاء المحافظة، غير ان عمل معظم المراكز مجمد حالياً وأكد المسؤول ان التحول السريع على الارض في الانبار يفرض على المكتب اجراء تغييرات يومية في خططه الادارية واللوجستية بالتنسيق مع المكتب الوطني للمفوضية العليا للانتخابات.