كشفت الحكومة العراقية أمس خطة امنية مشددة بمناسبة الانتخابات المقررة في 30 الشهر الجاري، وأقرت بأن الانتخابات ستكون محدودة في اربع محافظات تشهد اعمال عنف. وأكد رئيس المجلس الوطني الموقت، فؤاد معصوم،"أن تأجيل الانتخابات مسألة معقدة وليست سهلة كما يتصورها البعض"، معرباً عن رأيه في"ان التأجيل لا يحل المشاكل"، فيما أعلن أحمد الجلبي ان"حفنة من الارهابيين"لن تردع العراقيين عن التصويت. ذكر وزير الدولة العراقي لشؤون المحافظات وائل عبداللطيف ان الخطة الأمنية ليوم الانتخابات تقضي بحظر مرور السيارات قرب مراكز الاقتراع وفرض تدابير مشددة اخرى على حركة العربات في المدن. واضاف ان الحكومة"ستعلن عطلة مدتها ثلاثة ايام استعدادا للانتخابات"على ان يحددها رئيس الوزراء اياد علاوي في وقت لاحق. وأكد عبداللطيف انه تم وضع خطط أمنية لكل حي من احياء بغداد، وكذلك لكل محافظة من محافظات البلاد، موضحاً ان من المحتمل منع السكان من الخروج من مدنهم او حتى من احيائهم يوم الانتخابات. وسيتم تفتيش المارة في المناطق المحيطة بمراكز الاقتراع. واضاف ان"قوات الأمن العراقية والشرطة والجيش سيتولون مسؤولية حفظ الامن، وسيرتدي افرادها شارات مميزة خلال يوم الانتخابات، فضلاً عن التعاون مع القوة المتعددة الجنسية التي ستقدم دعما إذا لزم الأمر". وأكد عبداللطيف ان"الاوضاع هادئة للغاية في 14 محافظة والحكومة تتوقع نسبة مشاركة مرتفعة حتى في المحافظات الاخرى"وأضاف ان الحكومة"تجري محادثات مع زعماء العشائر والأحزاب السياسية وشخصيات محلية من اجل الحصول على افضل نسبة ممكنة من المشاركة"في المحافظات الاخرى هي الانبار ونينوى وصلاح الدين وديالى. ومن جهته، قال رئيس المفوضية العليا للانتخابات عبدالحسين الهنداوي إنه لم يتم تسجيل اسماء الناخبين في محافظة الانبار الغربية ومدينة الموصل الشمالية، ثالث اكبر مدن العراق. واضاف انه سيتم توفير مراكز اقتراع آمنة في الانبار وعاصمتها الرمادي. ورفض الادلاء بأي تفاصيل، إلا انه قال انه سيتم تسجيل الناخبين في الانبار والموصل في يوم الانتخابات. في غضون ذلك، كثفت القوى والأحزاب السياسية نشاطاتها الانتخابية، وفي هذا الاطار جال راعي"الحركة الملكية الدستورية"الشريف علي بن الحسين على بعض مدارس بغداد، فيما انتقل اياد علاوي، الذي يترأس"القائمة العراقية"الى تكريت في اطار حملته الانتخابية. وفي غضون ذلك، عقد أقطاب قائمة"الائتلاف العراقي الموحد"التي يرعاها المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني، مؤتمراً صحافياً في بغداد أمس ضم كلاً من رئيس"حزب المؤتمر الوطني"أحمد الجلبي، وزعيم"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق"عبدالعزيز الحكيم ورئيس"حزب الدعوة"ابراهيم الجعفري، أعرب الجلبي خلاله عن قناعته بأن الطائفة السنية ستشارك في الانتخابات، مؤكداً أن العراقيين لن يقبلوا بأن تمنعهم"حفنة من الارهابيين"من التصويت. وقال الجلبي"إن السنة سيصوتون. الكثير منهم يريدون التصويت". واضاف:"ان هذا الانطباع بأن السنة لن يصوتوا سيتبدد بسرعة"، مبدياً ثقته على رغم كل البوادر التي تنذر بتغيب سني كبير عن عملية الاقتراع. واستبعد أن تنعكس مخاطر تزايد العنف ووقوع هجمات دامية يوم التصويت على نسبة المشاركة وقال:"الناس اكثر عدداً من الارهابيين. لا تعتقدوا ان العراقيين سيدعون حفنة من الارهابيين يردعونهم عن التعبير عن وجهات نظرهم". وعارض الجلبي التوقعات بعدم مشاركة السنة التزاماً بمقاطعة بعض التنظيمات وقال:"هذه ليست سوى فرضيات. ونحن نعمل على التأكد من انها لن تترجم على ارض الواقع". واضاف:"ان الاحساس الذي يسود كل الطوائف هو ضرورة المشاركة بصوغ الدستور الذي سينتج عن اجماع". وعن التنسيق بين لائحة"الائتلاف"وآية الله السيستاني، قال الجلبي إنه"ليس هناك في الوقت الحاضر قناة تشاور على اساس منتظم مع آية الله العظمى. انه مرجعية ويتجنب الخوض في السياسة". وعلق على اتهامات رئيس الوزراء العراقي بأن"الائتلاف"يستغل صورة السيستاني على ملصقاته لاعطاء انطباع خاطئ للناخبين بأنه يساند اللائحة، قائلاً:"ما يشكل انتهاكاً هو استخدام وسائل الاعلام التابعة للدولة لمنح وقت غير محدود للائحة أو لاخرى وتحديداً لائحة الحكومة"، في اشارة الى الظهور الكبير لعلاوي في وسائل الاعلام الرسمية. وكان وزير الدفاع العراقي حازم الشعلان اعلن ان الانتخابات العامة ستكون"ناقصة"من دون مشاركة السنة الذين يطالبون بتأجيل الانتخابات. وقال الشعلان في مقابلة مع محطة"العراقية"التلفزيونية الرسمية إن"أي انتخابات من دون مشاركة جميع العراقيين ستكون ناقصة". واضاف :"اذا طرحتم علي السؤال كمواطن عادي عما اذا كنت مقتنعاً باجراء هذه الانتخابات في وقت لن تشارك فيه شريحة كبيرة، السنة، اجيبكم: انا لست مقتنعا كلياً"بشرعية الانتخابات. من جهته، اعتبر رئيس"الحزب الوطني الديموقراطي"نصير الجادرجي"ان الخاسر الأول في الانتخابات، إذا ما أُجريت في الموعد المقرر، هو الطرف الذي يتعنت ويصرّ على اجراء مثل هذه الانتخابات المجتزأة التي قد تؤدي إلى"كارثة"، مؤكداً انه سيظل يطالب"بتأجيل الانتخابات حتى اليوم الأخير المحدد لها"، وأمل ب"أن يتفهم الطرف الآخر المصر على اجرائها ان مصلحة العراق فوق المصالح الشخصية أو الطائفية أو الإثنية". وتساءل الجادرجي عن الطريقة التي ستجري فيها الانتخابات"في ظل عدم توافر الأمن والقوائم والأسماء غير المعلنة، ومراكز الانتخابات غير المحددة، والمناهج الانتخابية غير المعروفة". وأضاف:"أنا أسمي هذه الانتخابات سرية وليست علنية"، محذراً من أن تجر الانتخابات"البلاد إلى مآس أكثر مما هي في الوقت الحاضر". إلى ذلك، أكد عصام الراوي، رئيس رابطة"المدرسين العراقيين"وعضو"هيئة علماء المسلمين"ان الهيئة ليست جهة سياسية ولا ترغب في الدخول في مناورات وصراعات على المواقع الحكومية ومراكز صنع القرار، فهي مرجعية دينية تستند مواقفها تجاه الانتخابات والاحتلال الى ما تراه مناسباً شرعياً ووطنياً. وأشار الراوي ل"الحياة"إلى ان"الهيئة لا ترفض الانتخابات كطريق سليم للوصول إلى نظام حكم عادل لكنها تنتقد اجراءها في ظل وجود القوات المحتلة في العراق". ولفت إلى انه"لو تحققت شروط الهيئة التي تم طرحها امام السفير الاميركي جون نيغروبونتي في جدولة انسحاب القوات الاميركية من العراق وحل الميليشيات المسلحة التابعة للأحزاب السياسية ووضعها تحت امرة الأجهزة الأمنية وتقديم اعتذار اميركي لما حصل في الفلوجة وتعويض المتضررين تعويضاً عادلاً، فإن الهيئة ستسعى إلى حض الناخب العراقي، وليس السني فقط، للمشاركة في الانتخابات من دون ترشيح أحد من أعضائها لأنها جهة دينية". وكشف عبدجاسم الساعدي، أحد المرشحين المستقلين لانتخابات الجمعية الوطنية عن صعوبات تواجه الشخصيات المستقلة المرشحة في حملاتها الانتخابية، لا سيما مع"طغيان القوائم الحكومية والدينية"البارزة وانعدام الدعم المادي واللوجستي لها على حد تعبيره. وذكر الساعدي ل"الحياة"ان"قوائم المرشحين للأحزاب الكبرى تستغل مواقعها في السلطة ووسائل الاعلام الحكومية لدعمها مادياً ومعنوياً كما تستغل الأحزاب ذات الطابع الديني للتأثير على الناخب ومحاولة جذبه باستغلال رجال الدين"واتهم"بعض الجهات باستخدام الميليشيات المسلحة التابعة لها بمحاولة تغيير التوجهات الفكرية والديموغرافية لصالح قوائمها". وأكد ان"هذه القوائم تنتهج وسائل غير أخلاقية وبعيدة عن التنافس الشريف للوصول إلى البرلمان". وهدد"حزب البعث"المنحل بتعطيل عملية اجراء الانتخابات في خمس محافظات عراقية، هي بغداد والموصل وديالى والرمادي وصلاح الدين، إضافة إلى المدن والأقضية والنواحي ذات الغالبية السُنية. وقال قيادي في حزب البعث، تحفظ عن ذكر اسمه، ل"الحياة"ان"الحزب قرر مقاطعة الانتخابات واعتبر الامتناع عن المشاركة فيها، واجب وطني"، وأوضح، ان"البعث يرى ان نتائج هذه الانتخابات، إذا ما أُجريت، ستتعرض إلى التلاعب بما يخدم المصالح الأميركية"، واعتبر"كل ما يتمخض عنها غير شرعي". وأكد ان"حزب البعث"دعا اتباعه إلى ضرورة مقاطعة الانتخابات ومنع اجرائها في مناطقهم". وكان"الجيش الاسلامي"في العراق دعا في بيان نشر أول من أمس على الانترنت جميع العراقيين الى مقاطعة الانتخابات. وجاء في البيان ان"دين الديموقراطية هو الدين الذي يخادع به اعداء الله تعالى من اليهود والنصارى الناس فلا يرضون للناس بديلاً عنه". إلى ذلك، قررت الاحزاب الكردية أول من امس المشاركة في الانتخابات الاقليمية في محافظة التأميم وكبرى مدنها كركوك، اثر التوصل الى اتفاق مع اللجنة الانتخابية التي اجازت للأكراد المتحدرين من المدينة واجلاهم عنها نظام صدام حسين بالتصويت في المدينة. وقال الناطق باسم اللجنة الانتخابية فريد ايار إن"الاكراد قرروا المشاركة في الانتخابات بعد تسوية مشكلة النازحين الاكراد. سيسمح لهم بالتصويت في كركوك". وجرت المفاوضات بين اللجنة وممثلين عن الاحزاب الكردية الكبرى وخصوصاً زعيم"الاتحاد الوطني الكردستاني"جلال طالباني. واضاف ايار"تأخرنا في طبع البطاقات الانتخابية في هذه المحافظة بسبب هذه الخلافات". ويتنافس حوالي 19 حزباً في الانتخابات الاقليمية بينهم خمسة احزاب كردية. ولن يشارك فيها"الحزب الديموقراطي الكردستاني"الذي يتزعمه مسعود بارزاني و"الاتحاد الوطني الكردستاني"الذي يتزعمه طالباني. واضاف ميران"سنقدم مرشحين". وكانت اللجنة الانتخابية اعلنت أخيراً أن 450 ألف ناخب في كركوك سجلوا اسماءهم على اللوائح الانتخابية.