أكدت منظمة مراقبة حقوق الإنسان هيومان رايتس ووتش أن بولندا كانت محور شبكة احتجاز سرية تديرها وكالة الاستخبارات المركزية سي آي أي، وقدرت أن قواعد الاحتجاز البولندية هذه ضمت حتى وقت قريب ربع عدد المحتجزين في مثل هذه المعسكرات على صعيد العالم والذين قدر عددهم بنحو مئة. وجاء ذلك بعدما فجرت تقارير عن أن الاستخبارات الأميركية تدير سجوناً سرية في رومانيا وبولندا في إطار حربها على الإرهاب، أزمة بين ضفتي الأطلسي قبل جولة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في أوروبا والتي اختتمت أمس ودافعت خلالها عن السياسة الأميركية. ونقلت صحيفة"غازيتا ويبورتشا"البولندية عن مارك غارلاسكو من"هيومان رايتس ووتش"قوله، إن"بولندا شكلت القاعدة الرئيسية لاستجوابات سي آي أي في أوروبا، فيما لعبت رومانيا دوراً في نقل السجناء المحتجزين". وزاد أن الاستخبارات المركزية أقامت مركزين للاعتقال في بولندا أغلقا بعد وقت قصير من نشر صحيفة"واشنطن بوست"مقالاً عن السجون السرية الشهر الماضي. وذكر أن هذه الاتهامات استندت إلى معلومات من مصادر في"سي آي إي"ووثائق أخرى حصلت عليها"هيومان رايتس ووتش". وأضاف:"لدينا أدلة ظرفية للتحقق منها لكن من السابق لأوانه الكشف عنها". ونفت السلطات البولندية مراراً وجود سجون سرية على الأراضي البولندية. وقال رئيس الوزراء كازيميرز مارسينكيتش هذا الأسبوع انه سيتعاون في شكل كامل مع تحقيقات الجماعات المدافعة عن حقوق الإنسان في هذه المزاعم. رومانيا وفي محاولة لإبعاد الشبهات عن بلاده، عرض الرئيس الروماني ترايات باسيسكو خلال مؤتمر صحافي عقب زيارة رايس بوخارست، فتح بلاده أمام كل من لديه شكوك بايوائها سجون"سي آي أي" لزيارة رومانيا. وقال:"إذا كان لدى أحد رغبة في زيارة أي مكان يشتبه في استخدامه للاعتقال والتعذيب، فإن رومانيا تضع أراضيها كاملة في تصرفه". واحتشد عدد من الصحافيين في قاعدة ميهاي كوغالينيتشيانو العسكرية في شمال كونستانزا على البحر الأسود التي تحدث تقرير"هيومان رايس ووتش"عن هبوط طائرات ل"سي آي أي"فيها. ورافق الفريق أدريان فازيل من سلاح الجو الروماني الصحافيين في جولة في المطار، مؤكداً موافقته على اصطحابهم أينما أرادوا. وقال بلهجة لا مبالية وهو يقف أمام مقاتلات"أم إي جي-29"من الحقبة السوفياتية:"ليذكر لي من يرغب ما يريد زيارته وسنذهب إلى هناك". وتشكل"كوغالينيتشيانو"منذ عام 1996 القاعدة الأساسية للتدريبات المشتركة بين القوات الرومانية والأميركية. واستخدمت في العام 2003 منطلقاً للجيش الأميركي إلى العراق. وفي مباني القاعدة ال104، لا تبدو أي من الأكواخ مناسبة لاحتجاز معتقلين، وأي منها لا يشبه تلك التي يستخدمها الجيش الأميركي لركن طائراته أو الشباك التي نصبت في غوانتانامو. وأكد فازيل إن"هناك مخزن صواريخ سابقاً فقط يمكن إقفاله بإحكام". قضية اللبناني خالد المصري في غضون ذلك، ذكرت صحيفة"برلينر تسايتونغ"أن معلومات تبادلتها ألمانيا مع الولاياتالمتحدة، ربما قادت وكالة الاستخبارات المركزية إلى خطف الألماني من أصل لبناني خالد المصري ونقله جواً إلى أفغانستان لاستجوابه للاشتباه في أنه إرهابي. وإذا صحّت هذه المعلومات، ستحمّل حكومة المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر جزءاً من المسؤولية في قضية المصري الذي احتجزته"سي آي أي"خطأ في سجن أفغاني خمسة أشهر. وقال مسؤول أمن ألماني فضل عدم نشر اسمه:"من الممكن أن تكون المعلومات التي تبادلناها مع السلطات الأميركية هي التي نبهت وكالة الاستخبارات المركزية إلى المصري"، مضيفاً:"مثير انه في استجوابهم للمصري في أفغانستان، كان الأميركيون يسألون عن معلومات تلقوها منا". وتتعرض المستشارة أنغيلا مركل لضغوط محلية متزايدة لمعرفة سبب التزام مسؤولين ألمان كبار الصمت في قضية المصري بعد أن علموا بشأنها في العام الماضي. واقترح فولف غانغ بوسباش وهو نائب في البرلمان عن الحزب الديموقراطي المسيحي الذي تنتمي إليه مركل، أن تمثل بنفسها كشاهدة أمام المحكمة لتشرح كيف اعترفت واشنطن بأن اختطاف المصري كان خطأ. الصليب الأحمر على صعيد آخر، اعترف جون بللينغر المستشار القانوني لوزارة الخارجية الأميركية أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر لا تستطيع أن تصل إلى جميع المحتجزين لدى القوات الأميركية، لكنه رفض أن يناقش مراكز الاحتجاز السرية المزعومة. واعتبر بعض الادعاءات حول سجون سرية في شرق أوروبا"مبالغ فيها إلى درجة مثيرة للسخرية". وكان بللينغر يتحدث في جنيف قبيل مغادرة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بروكسيل عائدة إلى واشنطن في اختتام جولتها الأوروبية. وأشار إلى أن الصليب الأحمر يتمتع بحرية الوصول"إلى أي شخص بصفة مطلقة"في غوانتانامو، لكن ليس لجميع المحتجزين في أماكن أخرى في وضع مماثل لدى القوات الأميركية، رافضاً إعطاء أي تفاصيل. وردّ الناطق باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر فلوريان ويستفال على بللينغر قائلاً إن اللجنة ترغب في زيارة جميع معتقلي الولاياتالمتحدة في إطار"الحرب على الإرهاب"أينما كانوا. وغادرت رايس بروكسيل أمس عائدة إلى واشنطن، بعدما طمأنت نظراءها الأوروبيين إلى قضية"الرحلات السرية"للاستخبارات الأميركية من دون أن تقنع الرأي العام الأوروبي. وكانت أكدت في كييف أول من أمس، أن التزامات الولاياتالمتحدة بموجب شرعة مناهضة التعذيب تنطبق على الموظفين الأميركيين"أينما كانوا سواء في الولاياتالمتحدة أو خارجها". سجال بين أنان وبولتون وفي نيويورك، انتقد جون بولتون الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأممالمتحدة تصريحات أدلت بها لويز اربور المفوضة السامية لحقوق الإنسان، قالت فيها"إن الحرب التي تقودها الولاياتالمتحدة على ما يسمى الإرهاب أدت إلى تقويض الحظر العالمى على التعذيب كما أضعفت المرجعية الأميركية بشأن حقوق الإنسان في أنحاء العالم". واعتبر بولتون انتقادات اربور"تخمينات غير مشروعة وتقوض عملية إصلاح الأممالمتحدة". أمام ذلك، جدد الأمين العام للامم المتحدة كوفى أنان ثقته بلويز اربور فى مواجهة حملة بولتون. وقال ستيفان دو غاريك الناطق باسم الأممالمتحدة إن الأمين العام ليس لديه اعتراض على الإطلاق على التصريحات التي أدلت بها المفوضة السامية، وهو لا يرى أي مبرر للاعتراض على هذه التصريحات.