ثمة حاجة الى مضاعفة الجهود الديبلوماسية الدولية لمنع مواجهة مقبلة بين الولاياتالمتحدةوايران، قد تبدأ بعقوبات اقتصادية وغيرها، الا انها ستنتهي بضربة عسكرية اميركية ورد ايراني مؤلم ضد المصالح الاميركية في الجزيرة العربية كلها، وضد اسرائيل. الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد اختار اول خطاب له في البرلمان، بعد تسلمه الرئاسة، ليعلن ان بلاده ترفض ان يملي أي طرف ارادته عليها، وليؤكد انها لن تخضع لمنطق القوة. والسفير الاميركي لدى الاممالمتحدة جون بولتون اختار اول خطاب له في المنظمة العالمية بعد تعيينه تجاوزاً لارادة الكونغرس، ليحذر من خطر البرنامج النووي الايراني وامتلاك ايران اسلحة نووية على السلام العالمي. هما يستحقان احدهما الآخر، ولو كانت المواجهة المقبلة ستقتصر على الولاياتالمتحدةوايران لقلنا انهما تدفعان ثمن تطرفهما على رغم اختلاف الاسباب. الا ان مثل هذه المواجهة سيفيض على المنطقة كلها، ويلحق اضراراً كبيرة بدول لا علاقة لها البتة بالخلاف الاميركي الاسرائيلي مع ايران. ايران اعلنت استئناف تحويل اليورانيوم في وجه انذار اوروبي بإثارة الموضوع في مجلس الامن الدولي لفرض عقوبات دولية على ايران. الموضوع شائك وأريد عرضه في نقاط محددة: - تحويل اليورانيوم يعني نقله من"كعك اصفر"الى غاز اسمه"تترافلورايد"في خطوة اولى تتبعها خطوات تؤدي الى انتاج وقود نووي، اذا رفع مستواه يصبح صالحاً لانتاج قنبلة نووية. - ايران تقول انها تحتاج الى الطاقة النووية للاغراض السلمية، وشخصياً لا اصدقها لان عندها من النفط ما يغنيها عن الطاقة النووية. - يتبع ما سبق انني اعتقد بأن ايران تسعى لانتاج سلاح نووي. - اؤيد ايران في انتاج سلاح نووي، وادعو دول المنطقة القادرة الى طلب هذا السلاح طالما ان اسرائيل تملك اسلحة نووية مع وسائل ايصالها الى اهدافها، وطالما ان في اسرائيل حكومة متطرفة تعمل ضد السلام. - افضل مخرج هو ان يكون الشرق الاوسط كله منطقة مجردة من الاسلحة النووية ولو سعت الولاياتالمتحدة لتحقيق هذا الهدف لكان واجبنا جميعاً ان نؤيدها، وان نعارض الطموحات النووية لايران وغيرها. - ايران في وضع قوي لمقاومة الضغوط الاميركية، عبر بريطانيا والمانيا وفرنسا، عليها فاسعار النفط تسجل ارقاماً قياسية هذه الايام، والدخل منها يكفى للتعويض عما ستخسر عبر العقوبات الدولية. - العقوبات عبر مجلس الامن الدولي ليست"تحصيل حاصل"فهناك روسياوالصين، وكلتاهما غير متحمستين لمواجهة مع ايران. وروسيا تملك عقداً بمئات ملايين الدولارات لتزويد مفاعل بوشهر بوقود نووي في حين تزيد الصين تعاونها مع ايران في مجالات الاقتصاد وكل صعيد آخر مع زيادة حاجتها الى النفط. - اذا فرضت عقوبات على ايران على رغم ما سبق فالارجح ان تنسحب من معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية كما فعلت كوريا الشمالية قبل سنتين ونصف سنة. - ارجو ان تكون المواقف المعلنة الايرانية والاميركية الحالية مجرد"عض اصابع"لا خطوة اولى نحو مواجهة اقتصادية ثم مسلحة. الدول الاوروبية عرضت على ايران"اطار اتفاق طويل الامد"يشمل مساعدات تكنولوجية واقتصادية مع حوافز امنية واخرى سياسية. غير ان ايران رفضت العرض، فلعل سبب الرفض انها تريد شروطاً افضل، وان الاتفاق لا يزال ممكناً. في غضون ذلك الدكتورة كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية الاميركية، تحاول جهدها مع ايرانوكوريا الشمالية، وفي حين لم ألحظ تقدماً كبيراً على المسارين، فان العمل مستمر، وقد سجلت رايس رقماً قياسياً لوزير خارجية اميركي في عدد رحلاتها الخارجية. وعندما زارت اوروبا كانت ايران في رأس جدول اعمالها، كما كانت كوريا الشمالية في رأس جدول اعمال جولتها في الشرق الاقصى. غير انه في مقابل"المثالية الواقعية"للوزيرة هناك خطر دعاة الهيمنة في الادارة الاميركية وحولها، ونائب الرئيس ديك تشيني، يساعده وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، يقود حملة المحافظين الجدد لفرض قيادة اميركية احادية على العالم، خصوصاً الشرق الاوسط، حيث الاجندة الاميركية اسرائيلية خالصة. تشيني ورامسفيلد يمينيان متشددان، الا انهما ليسا من المحافظين الجدد على رغم التقاء الاهداف، واخطر ما في الموضوع الايراني الآن هو ما تسرب من معلومات عن ان تشيني طلب من البنتاغون ان تعد القيادة الاستراتيجية الاميركية خطط طوارئ للرد على أي هجوم ارهابي من نوع ما تعرضت له البلاد في 11/9/2001، وتشمل الخطط هجوماً جوياً واسع النطاق على ايران تستخدم فيه اسلحة تقليدية وتكتيكية نووية. وهناك 450 هدفاً استراتيجياً حددها الجنرالات الاميركيون في ايران، تشمل المنشآت النووية. وكما حدث في موضوع العراق، فالهجوم ليس مشروطاً بتورط ايران في الارهاب، وانما هي هدف كجزء من الحرب العالمية على الارهاب. ارجو الا يعتقد القارئ بأنني احاول تخويفه، او اهذي، فقد نشرت مجلة"اميركان كونسيرفاتيف"مثل هذه المعلومات في عدد يحمل تاريخ اول هذا الشهر ما يعني انه في السوق قبل اسبوعين منذ التاريخ المسجل. ولم اسمع بعد نفياً للخبر. وهو اذا صح يجعل العالم والمنطقة في سباق لمنع مواجهة تتضاءل امامها كوارث الحرب على العراق وفيه.