كانت التغطية الإعلامية التي قام بها التلفزيون الأردني لحادث التفجيرات التي هزّت العاصمة عمان وأوقعت مئات الضحايا بين قتلى وجرحى غريبة وصادمة، بقدر ما كان الخبر نفسه صادماً للأردنيين. فهذه الانفجارات حدثت للمرة الأولى في الأردن وبهذه القوة... والتغطية التلفزيونية الأردنية كذلك. لحظة وقوع الانفجار ظل التلفزيون الرسمي يبث برامجه المعتادة، من مسلسلات وبرامج وثائقية، إلى أن بدأ بالاقتراب من مناطق الحدث، وبأسلوب مميز... وغريب. فالتلفزيون الرسمي في الأردن يعاني من قلة مشاهديه، إن لم نقل ندرتهم. لكنه استطاع في الأيام الأخيرة تعويض ما فاته. فالصيغة التي تعامل معها التلفزيون في نقل النبأ كانت صادمة لكثيرين، لما تميزت به من شفافية وتفرّد. فقد حصل التلفزيون على صور خاصة لمواقع الانفجارات الثلاثة، وهذا أمر يحدث للمرة الأولى. أيضا كانت التغطية الإخبارية نفسها على قدر عال من المنافسة، دفعت كثيرين إلى الابتعاد من محطات إخبارية احتلت الواجهة، والاكتفاء بأخبار التلفزيون الرسمي، الذي كان ينقل الأنباء أولاً بأول، ويحظى بالأسبقية في نشر المعلومة. كذلك، فإن التغطية الإخبارية المستمرة، والتي لم تقتصر على الجانب الإخباري البحت وإنما دعمتها بتقارير تلخص حالات إنسانية لكثير من المصابين، لم تنته مبكراً كما اعتاد المشاهدون لبث لقطات أرشيفية وأغنيات وطنية، وإنما استمرت حتى ساعات الصباح الأولى. وللمقارنة، يذكر الجميع التغطية التلفزيونية الأردنية لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكيف أنه اكتفى بنقل ما تبثه شبكة"سي إن إن"الإخبارية، ويذكر كذلك الطريقة التي كان يتعامل بها مذيع نشرة أخبار يقرأ خبر"المقاومة"الأميركية للإعصار"كاترينا"بحماس أكثر من الأميركيين أنفسهم، ويذكرون كذلك مواقف مشابهة كثيرة جعلت التلفزيون الأردني الخيار الأخير للمشاهد الأردني. هذه المفارقة زادت من شعبية التلفزيون الأردني بين ليلة وضحاها، وجعلته قبلة للباحثين عن تميّز إخباري تفتقده المحطات التلفزيونية الرسمية في الغالب. لكن هل كان يجب حدوث كارثة بهذا الحجم ليتميز التلفزيون الأردني بكفايته الإخبارية التي كانت دائماً خاصرته الضعيفة؟ أم أن الأيام كفيلة بعودة المياه إلى مجاريها والمشاهدين إلى قنواتهم التي اعتادوا عليها؟ ربما لم يركز كثيرون على مدى مهنية أداء التلفزيون الأردني في تلك الأيام، ربما لأن مجرد وضع صور واقعية والتعاطي مع الأنباء بشفافية ووضوح جعلهم يركزون في إشارة المحطة: هل هذا التلفزيون الأردني؟ غريبة!