يقترب العراقي قيس الزبيدي في فيلمه الجديد عن مواطنه المقيم في"مرسم"روما جبر علوان من مسألة خطرة، اذ كيف للسينمائي ان يقترب على العموم من عالم الألوان، فكيف بها اذا كانت من نوع ألوان علوان التي يميل بها الى التفجر والتشظي في مساحات واسعة، وقد شهدنا على تصوير المرحلة المتعلقة بدمشق وكل ذلك بما يوحي بالنقيض تماماً. إنتاجياً لا يعرف قيس الزبيدي كيف سيصل الى المدينة التي تقع في الشطر الآخر من قلب الفنان، ولكن ما يطمئن هو كل هذه المساحات المفتوحة على أمداء لا تنتهي امام شخوص اللوحات ذاتها وهي تتحرك امام الكاميرا من تلقاء ذاتها. في ألوان جبر علوان ليس ثمة آلات موسيقية فقط... هناك بيانو يتمدد في محيط هالك كما لو انه حطام بشري، وأوكورديون ممطوط الى ما لا نهاية، وساكسوفون يسيل من بين الاصابع المرتجفة. هل تعرفت كاميرا قيس الزبيدي على كل هذه الآلات؟! ربما تبدو الاجابة بنعم مضللة بعض الشيء، فنحن ننتظر إكمال النصف الآخر من الفيلم في روما، فقد يجد الزبيدي هناك شركة مغامرة تذهب بالرواية اللونية الى نهاياتها من دون تعسف، فالموسيقى تقبع في اللون اصلاً من دون تلك الآلات التي جرى وصفها من قبل، ففيما أخذت أورنينا للانتاج التلفزيوني والسينمائي على عاتقها مهمة الشطر الاول في دمشق، أخذت تلك المرأة التي تثني رقبتها وتكشف عن عنق شاسع على عاتقها كل الاسرار، فلا نعرف ما اذا كانت راقصة أم حالمة او أماً لطالماقترب منها علوان بموسيقى الالوان الزيتية والمرشحة للتفجر دوماً في المنفى الكلي القدرة. هنا لا تجيء فكرة المخرج الزبيدي عن ألوان الفنان تزييفاً للوحة ذاتها. بل تظل قراءة ثانية مع حرية الاحتفاظ بالاسرار، وهذه متعة الافلام التي تنجح الاضاءة فيها بالاقتراب من عوالم الفن بكل تلك الحركة والانجذاب والانخطاف الذي يفتحه جبر علوان امام من يغامر ويقترب ليضيء الالوان والشخوص... والموسيقى...!