فاجأت نسبة النمو في الانتاج الصناعي الالماني التي حصلت في شهر ايلول سبتمبر الماضي، وبلغت 1.2 في المئة، المحللين الاقتصاديين بعدما تبين انها تشبه القفزة مقارنة بالشهر السابق فيما كان منتظراً ألا يتجاوز النمو 0.9 في المئة في أحسن الاحوال. ويشمل الانتاج الصناعي في ألمانيا الذي يعتبر القطاع الاكثر نشاطاً وانتاجية في البلاد، قطاعات الصناعة والطاقة والبناء. وذكرت وزارة الاقتصاد الالمانية ان هذا النمو"هو نمو صاف ومتوسط بين القطاعات الثلاثة"، مشيرة الى ان قطاع الصناعة حقق بمفرده نمواً من 1.4 في المئة وزاد بقوة استثماراته لتوسيع قاعدة انتاجه. وتحتل المانيا منذ سنتين المرتبة الاولى في العالم من ناحية حجم الصادرات الى الخارج قبل الولاياتالمتحدة، كما ان نمو اقتصادها لا يزال يعتمد بصورة اساسية على السلع المصدرة الى الخارج، خصوصاً الى اوروبا وآسيا. في وقت زاد المؤشر الصناعي من اجواء التفاؤل لدى الهيئات الاقتصادية في البلاد، أكد عدد متزايد من الخبراء الاقتصاديين ان الانتاج الصناعي الالماني سيشهد في الاشهر المقبلة نمواً متزايداً. ومع ذلك اعتبر الخبير المالي في مصرف"كوميرتس بنك"ماتياس روبيش"ان نزع صفارة الانذار في ما يخص الاقتصاد الالماني لن يحصل قبل تحسن السوق الداخلية، في اشارة الى ان الاستهلاك الداخلي لا يزال دون التوقعات، وان الانتعاش الفعلي في حاجة الى قيمه الاخرى لكي ينعكس ايجاباً على سوق العمالة ويخفض البطالة العالية البالغة نسبتها حالياً 11 في المئة". ورأى محللون اقتصاديون ان التطور الايجابي للانتاج الصناعي في المانيا يؤكد نتائج"مؤشر ايفو"الذي عكس آخر الشهر الماضي اجواء تفاؤل في البلاد، وكذلك الاستنتاجات الايجابية للاستفتاء الذي اجراه اتحاد غرف التجارة والصناعة الالمانية قبل ثلاثة اسابيع. ومن جانبها اكدت رابطة المصارف الالمانية بي دي بي ان التطور الجيد الحاصل، والدفاتر المملوءة بالطلبيات، وكذلك مؤشرات اجواء الشركات الايجابية تشير الى ان الانتعاش الاقتصادي"لن يتوقف في الربع الثالث من العام، بل سيتجاوزه ايضاً الى الأبعد". وتوقعت ان يسجل النمو الاقتصادي في المانيا العام المقبل 1.2 في المئة، أي اعلى بقليل من النسبة التي توقعها"تقرير الخريف"للمعاهد الاقتصادية الستة ووزارة الاقتصاد الالمانية 1.2 في المئة قبل شهر تقريباً. وفي اشارة الى المفاوضات الحكومية الجارية بين الاشتراكيين و"المسيحيين الديموقراطيين"للاتفاق على برنامج الحكومة الائتلافية المقبلة دعا رئيس رابطة المصارف كلاوس بيتر موللر المسؤولين الى اقرار"الاصلاح الفيديرالي"الذي اعتبره"اساس جميع الاصلاحات"في البلاد. وقال موللر ان ما هو مطلوب ايضاً هو اصلاح مالية الدولة التي تعاني من ديون كبيرة، وتنفيذ اصلاح ضريبي، وتخفيف قيود اتفاقات العمل، ورفع سن التقاعد. ولا تزال الهيئات الاقتصادية تنتظر تشكيل حكومة"التحالف الكبير"العتيدة التي تضع حالياً اللمسات الاخيرة على برنامجها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي على ان تقره مطلع الاسبوع المقبل وتبدأ عملها في آخر الشهر الجاري بعد نيل الثقة من البرلمان الاتحادي. وتشير التسريبات الاولى الى ان الاتفاق تم حتى الآن على اصلاح النظام الفيديرالي، ورفع سن التقاعد تدريجاً الى 67 سنة، وابقاء الدعم الحكومي لقطاع الفحم الحجري حتى عام 2008 فقط، وزيادة التقشف مع رفع ضريبة القيمة المضافة من 16 الى 19 في المئة لخفض العجز في الموازنة الذي سيبلغ 35 بليون يورو العام المقبل. وذكر مفوض النقد الاوروبي يواخيم المونيا في بروكسيل ان المفوضية الاوروبية وافقت على اعطاء الحكومة الالمانية فرصة جديدة حتى آخر عام 2007 للالتزام بمعيار ماستريشت الذي لا يسمح بنسبة عجز اعلى من 3 في المئة في الموازنة العامة، والا ستواجه برلين عقوبات مالية ضخمة تصل الى عدة بلايين يورو. ومن المتوقع ان يبلغ العجز في الناتج القومي الالماني الخام 2.7 في المئة هذه السنة و2.3 في المئة عام 2006. ويرى المسؤولون الالمان والهيئات الاقتصادية ان قرار بروكسيل سينعكس ايجاباً على جهود الحكومة ويعطيها فترة زمنية ضرورية للعمل على سد العجز المالي في موازنة العام 2008.