أعلنت ثمانية أجنحة مسلحة تابعة لثمانية فصائل مقاومة فلسطينية وثيقة شرف اتفقت فيها على تحريم الاقتتال الداخلي، وتوحيد الرؤية المستقبلية لبرنامج عمل وطني، ووحدة حال ومصير كل الأجنحة المسلحة. كما أكدت الوثيقة ان الاحتلال الاسرائيلي ما يزال موجوداً في الاراضي الفلسطينية، على رغم اندحاره من قطاع غزة، مشددة على أن المقاومة يجب أن تبقى في كل الأشكال والوسائل. واعتبرت الوثيقة، التي قرأها القيادي في كتائب شهداء الأقصى احدى الاذرع العسكرية التابعة لحركة"فتح""ابو أدهم"ان أي وجود عسكري اسرائيلي في القطاع سيكون بمثابة مزارع"شبعا"في جنوبلبنان. وقبل أن يشرع"ابو أدهم"بقراءة الوثيقة قدم الناطق باسم"كتائب القسام"الذراع العسكرية ل"حركة المقاومة الاسلامية"حماس"ابو عبيدة"للمؤتمر الصحافي الذي تم خلاله اعلان الوثيقة. وجاء المؤتمر الذي عقد في حديقة الجندي المجهول في مدينة غزة أمس بعد ساعات قليلة على حوارات مكثفة اجرتها حركة"حماس"مع حركة"فتح"في اعقاب سلسلة من عمليات الخطف طاولت كوادر في حركة"حماس"في الضفة الغربية، وقبلها صدامات مسلحة في القطاع. واصطف عشرات المسلحين المقنعين من الأجنحة الثمانية في صفوف متراصة على قاعدة تمثال الجندي المجهول في المدينة، وخلفهم لوحة كبيرة حملت أسماء الاجنحة العسكرية الموقعة على الوثيقة. ووقع على الوثيقة كل من"كتائب القسام"وكتائب شهداء الأقصى و"سرايا القدس"الذراع العسكرية ل"حركة الجهاد الاسلامي"، وكتائب الشهيد أبو علي مصطفى الذراع العسكرية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكتائب المقاومة الوطنية الذراع العسكرية للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، وألوية الناصر صلاح الدين الذراع العسكرية للجان المقاومة الشعبية، ومجموعات الشهيد خالد العكر الذراع العسكرية ل"الجبهة الشعبية - القيادة العامة"، وكتائب الشهيد أحمد أبو الريش احدى اذرع حركة"فتح"العسكرية. واعتبر"أبو ادهم"في معرض رده على اسئلة الصحافيين ان"السلاح الشرعي الأول هو سلاح المقاومة اما السلاح الثاني فهو سلاح السلطة"الفلسطينية، مشدداً على اعتبار كل من يشرع السلاح في وجه ابناء الشعب الفلسطيني"خائناً"يستوجب اتخاذ كل ما يجب اتخاذه في حق الخونة. ومن جانبه، اعتبر"ابو عبيدة"ان منع المظاهر المسلحة في القطاع يشمل اقامة المهرجانات والتظاهرات المسلحة، ولا يشمل تفتيش سيارات المقاومين، لأنهم مطلوبون لسلطات الاحتلال ويتنقلون بسلاحهم في كل مكان داخل سياراتهم. وجاء الاعلان عن الوثيقة بمثابة مساعدة لحركة"حماس"التي تراجعت شعبيتها في الاسابيع الاخيرة في اعقاب وقوع حادث الانفجار في مخيم جباليا الذي اودى بحياة نحو 20 فلسطينياً، وكذلك الصدامات الدامية التي وقعت بين عناصر الحركة والشرطة الفلسطينية الاسبوع الماضي قتل فيها ثلاثة فلسطينيين بينهم ضابط في الشرطة. وتأتي الوثيقة أيضاً في وقت تزايدت فيه احتمالات الاقتتال الداخلي بين الفلسطينيين، خصوصاً بين السلطة وحركة"حماس"وهو ما حاول ان يشدد عليه"ابو عبيدة"في معرض رده على سؤال ل"الحياة"، إذ قال ان الحركة لن تسمح بأي اقتتال داخلي على الاطلاق. وجاء في مقدمة الوثيقة التي تعتبر الأولى من نوعها بين الفصائل والأجنحة المسلحة منذ اندلاع الانتفاضة قبل نحو خمسة أعوام ان اعداد الوثيقة جاء في ظل ظروف حساسة عقب الانسحاب الاسرائيلي من القطاع، اضافة الى جهود اميركية واسرائيلية تهدف الى خلق فتنة وصراع داخلي عبر مواصلة الضغوط على السلطة الفلسطينية بهدف دفعها الى الوقوع في فخ سحب سلاح اجنحة المقاومة وتفكيك بنيتها التحتية، معتبرة أنه في ظل هذه الظروف بادرت اجنحة المقاومة للتواصل والنقاش لمواجهة استحقاقات هذه المرحلة الخطيرة والتوصل الى هذه الوثيقة. وفيما يأتي بعض ما جاء في الوثيقة: أولاً: ان"الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين ما زال فعلاً قائماً يواصل استعماره وعدوانه الهمجي، وبالتالي فإن المقاومة الظافرة بكل الأشكال والوسائل والأساليب ستبقى رد فعل طبيعياً ومشروعاً وحقاً ثابتاً لشعبنا المناضل، وخياراً وطنياً استراتيجياً أصيلاً لا يمكن تجاوزه مهما تعددت اشكال وادوات العمل الوطني الفلسطيني السياسية والديبلوماسية الأخرى، وعلى الرغم من اندحار العدو من قطاع غزة، فان غزة لن تخرج من دائرة الصراع ولن تتحول الى مقاعد المتفرجين على العدوان الصهيوني المتواصل، ورغم ادراكنا لأهمية تفعيل جبهة المقاومة ضد العدو في اماكن وجوده العسكري والاستيطاني كافة، إلا أننا سنبقى الحاضنة الطبيعية لخيار المقاومة وبرنامجها وسلاحها في قطاع غزة، وعليه فإن مواصلة بقاء الاجنحة العسكرية الفلسطينية والحفاظ على سلاحها هو صمام الأمان لقضيتنا الوطنية والحفاظ على خياراتنا النضالية مفتوحة وردع العدوان. ونعتبر أن أي مساس بسلاح المقاومة هو خدمة مجانية للعدو وبلا مقابل، سنقاوم ونواجه كل من يحاول تقديمها بكل الاشكال والوسائل الكفيلة بردعه عن غيه وعدوانه". ثانياً:"نحترم العمل السياسي والديبلوماسي الفلسطيني الملتزم بالثوابت الوطنية وعدم التنازل والتفريط، هذا العمل الهادف الى نصرة القضية والدفاع عن عدالتها امام المحافل الدولية والرأي العام العالمي، وخصوصاً الدفاع عن مشروعية حق ابناء شعبنا في مقاومة الاحتلال وممارساته العدوانية ومقاومة كل المحاولات الهادفة الى إلصاق تهمة الارهاب بأجنحة المقاومة الفلسطينية ونضالنا التحرري". ثالثاً:"نؤكد أن الانتماء لاجنحة المقاومة الفلسطينية وخيارها الوطني النبيل هو أكبر وأسمى من كل الانتماءات الحزبية والتنظيمية، ونعتبره بيتاً جامعاً لكل الشرفاء والاحرار من ابناء هذا الشعب على قاعدة وحدة الدم والهدف والمصير، رسالتنا الى احبتنا في كل اجنحة المقاومة وفي جميع الاجهزة الامنية والعسكرية والى ابناء شعبنا العظيم كافة، نحن اخوة في الدم والسلاح والهدف لا تدعوا فرصة للحاقدين والمتآمرين على شعبنا ووحدتنا الوطنية الذين يسعون الى بث التحريض والحقد والتعصب فيما بيننا، وطننا واحد، وقضيتنا واحدة، وهدفنا واحد، وعدونا الصهيوني واحد. الى أمراء الحقد أياً كانت أسماؤهم ومواقعهم موتوا بغيظكم وحقدكم لن تنجحوا في اثارة الفتنة بيننا خدمة لأسيادكم من الأعداء، ونحن نعلن جميعاً ومنذ هذه اللحظة عن وحدة حال وموقف ومصير كل ابناء اجنحة المقاومة، ونعتبر ان أي مساس او اعتداء على أي منها هو اعتداء علينا جميعاً يفرض تحركاً وطنياً شاملاً من ابناء شعبنا كافة لمواجهته". خامساً: ان"استمرار وجود العدو الصهيوني على أي من ثغور قطاع غزة الحبيب في الأرض والبحر والجو يعني بقاء مزارع شبعا الفلسطينية، وكذلك هذا الطوق المحكم على قطاع غزة، وتحويله الى سجن كبير لا يمكن السكوت عنه او قبوله، وهذه الاجراءات العدوانية في اقامة ما يسمى بالمنطقة العازلة على الشريط الحدودي المحاذي لشمال قطاع غزة. نؤكد حقنا الكامل في اتخاذ كل الخطوات النضالية وبكل الاشكال والاساليب المناسبة في مواجهته ومقاومته حتى زواله بالكامل". سادساً:"نؤكد اهمية كل فعاليات شعبنا المناضل ومؤسسات المجتمع والقيادات السياسية من أجل بناء واعادة اعمار ما دمره الاحتلال في قطاع غزة، وكذلك ضرورة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي وإكمال العملية الديموقراطية والشروع في بناء مجتمع العدالة والمساواة والحرية والشراكة السياسية واهمية محاربة الفساد واتخاذ خطوات ملموسة بهدف اجراء اصلاح وطني شامل، لأننا لن نقبل بوجود بعض الفاسدين والمنحرفين اصحاب الاجندة الصهيواميركية الذين يحاولون التحكم بمصير شعبنا ومستقبل قضيتنا الوطنية".