بالتزامن مع بدء جولة وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس على عواصم المنطقة لحث الزعماء الفلسطينيين والإسرائيليين على تعزيز تنسيق الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة خلال أغسطس (آب) المقبل، وفي الوقت الذي تسعى (إسرائيل) إلى الاستفادة من الزيارة لوقف النمو السياسي والدبلوماسي لحركات المقاومة الفلسطينية الذي تحقق مؤخرا، نفذت «سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي بالاشتراك مع كتائب شهداء الأقصى الذراع العسكري لحركة «فتح» عملية فدائية بعدة فترة من الهدوء النسبي الذي شهدته المنطقة في أعقاب الهدنة التي أعلنتها الفصائل الفلسطينية في القاهرة أوائل العام الحالي. وقد أسفرت العملية الفدائية عن استشهاد المقاوم أنور العطوي - 23 عاما -، من حي التفاح بغزة وأحد عناصر سرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الإسلامي في عملية مشتركة لسرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى بعد ظهر أمس السبت، حيث اقتحمت مجموعة من المسلحين مستعمرة «كفار داروم» شرق دير البلح. ووفقا لما رواه شهود العيان من الأهالي سكان المنطقة فإن مجموعة مسلحة اقتحمت المستعمرة وهاجمت الموقع العسكري الواقع في محيط المستعمرة بالقنابل والأسلحة الرشاشة، وأضاف الشهود أن طائرات إسرائيلية حلقت بشكل مكثف في المكان. من جانبه أكد خالد البطش القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في اتصال هاتفي مع «الرياض» أن العملية الاستشهادية التي وقعت امس واقتحام مستعمرة «كفار داروم» من قبل سرايا القدس وكتائب الأقصى، إنما يأتي في إطار الرد على هجمات الاحتلال الإسرائيلي وعدوانه المتواصل على أبناء الشعب الفلسطيني، وأضاف أن من حق الجهاد الإسلامي الرد على خروقات الاحتلال الإسرائيلي للتهدئة، منوها إلى أن دولة الاحتلال لم تلتزم بالتهدئة التي أعلنت في القاهرة. وقال البطش: «ان حركة الجهاد الإسلامي ومن خلال لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلامية أرسلت عدة رسائل للجهات التي كانت مشاركة وراعية لحوار القاهرة تحذر بشدة من مخاطر الاعتداءات الاسرائيلية في ظل التهدئة التي التزمت بها الفصائل»، موضحا أن الجهاد الإسلامي ملتزم بالتهدئة لكن لا مناص من الرد على الخروقات الاسرائيلية والعدوان على الشعب الفلسطيني. وتأتي هذه العملية بالتزامن مع وصول وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس إلى المنطقة في محاولة لتقريب وجهات النظر الفلسطينية والإسرائيلية قبيل اللقاء المرتقب بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، ورئيس حكومة الاحتلال آرئيل شارون يوم الثلاثاء المقبل. ومن المتوقع أن تحاول رايس حمل الجانبين للاتفاق على الأقل على عقد مزيد من الاجتماعات بشأن تنسيق انسحاب هادئ. والتقت رايس امس رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع ووزير الخارجية ناصر القدوة في مدينة رام الله بالضفة الغربية قبل عقد محادثات مع عباس في وقت لاحق اعقبها مؤتمر صحافي مع الرئيس، وستلتقي شارون اليوم. وكان عباس أعلن قبل وصول رايس إلى المنطقة بأنه يعتزم أن يثير مع رايس رفض (إسرائيل) حتى الآن الوفاء بتعهد قطعته في قمة يوم الثامن من فبراير/ شباط بالانسحاب من أغلب بلدات الضفة الغربية، وتجميدها عمليات التسليم بذريعة أن عباس لم يفعل ما يكفي لنزع سلاح الفصائل الفلسطينية. يشار إلى أن العمليات الفدائية في الأراضي المحتلة تراجعت بشكل كبير ولكنها لم تتوقف تماما منذ أن أعلن شارون وعباس وقفا لإطلاق النار في اجتماع قمة عقد في مصر في فبراير/ شباط ووافقت الفصائل الفلسطينية بما في ذلك (حماس)، والجهاد الإسلامي بعد ذلك بشهر على «فترة تهدئة» حتى نهاية العام. على صعيد متصل، أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام عن استشهاد احد عناصرها متأثرا بجراحه الخطيرة التي أصيب بها في وقت سابق. وذكرت الكتائب في بيان لها أن المواطن خميس محمد أبو عصر من حي الصبرة بمدينة غزة استشهد أمس (السبت) متأثراً بجراحه التي أصيب بها قبل أربعة أشهر أثناء قيامه بأحد المهام الفدائية. وأكدت كتائب القسام مضيها قدما في طريق الجهاد والمقاومة وعلى أن يبقى سلاحها سلاح المقاومة مرفوعاً حتى يندحر العدو الصهيوني الغاشم عن أرضنا المباركة. من جهة أخرى، استشهد مساء الجمعة الماضي المواطن أشرف إدريس الأشوح - 35 عاما - وأصيب اثنان آخران من رجال المقاومة الفلسطينية جراء انفجار قذيفة صاروخية محلية الصنع داخل السيارة التي كانوا يستقلونها بالقرب من مستشفي الشفاء بمدينة غزة. وذكرت مصادر طبية في المستشفى أن الشهيد الأشوح كان أصيب بجراح بالغة الخطورة اثر الانفجار وتم إجراء عملية جراحية له وإدخاله إلى قسم العناية المركزة إلا أن أعلن عن استشهاده، فيما وصفت حالة المصابين الآخرين بالخطيرة. يشار إلى أن الأشوح احد أفراد مجموعة «النمور المقنعة» التي تم تشكيلها مؤخرا من عدة تنظيمات فلسطينية حيث يتركز نشاطها في مكافحة المخدرات وملاحقة تجارها ومتعاطيها، وذلك بالتنسيق مع وحدة مكافحة المخدرات بالشرطة. في سياق آخر، أكد سامي أبو زهري المتحدث باسم حركة (حماس) أن الانتخابات الفلسطينية هي شأنٌ فلسطينيّ داخليّ وان (حماس) ترفض أيّ تدخلٍ أجنبي أو أمريكي في هذه الانتخابات. وأضاف في تصريح صحافي «نعتقد أنّ السلطة الفلسطينية أمام امتحانٍ مهِمّ لإثبات جدّيتها في رفض هذه التدخّلات والضغوط الأجنبية وهذا لن يتمّ إلا بإجراء انتخابات تشريعية في أسرع وقتٍ ممكن». وعلّق أبو زهري على زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية للمنطقة قائلاً: «نحن لا نعلّق أيّ أهمية على زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس للأراضي الفلسطينية بل على العكس من ذلك، الإدارة الأمريكية برهنت باستمرار تحيّزها للجانب الصهيونيّ وأيضاً أثبتت بأنّها شريكةٌ في العدوان على الشعب الفلسطيني».