أمر لافت ان تبقى ثروة لبنان النفطية غائبة عن اهتمام الدولة ثلاثة عقود، وكل الأسئلة حول هذا الموقف السلبي بقيت من دون أجوبة حتى الآن. أولى الإشارات البارزة التي تدل على وجود النفط في مياهنا الاقليمية، اضافة الى بيان الخبير"جيروينغ"شركة غالف أويل الذي يشير الى وجود مكامن خازنة للنفط على طول الساحل اللبناني، وبعيداً في عرض البحر، تمثلت في اقدام مجموعة من الشركات العالمية، عامي 1973 و1974، على طلب الحصول على امتيازات نفطية، ولم يبت بها لأسباب قانونية وعملية. أما الخطوة الوحيدة التي اتخذتها الدولة كانت صيف 1975، عندما تم اعداد ملف قانوني وفني كامل ودعوة ستين شركة أوروبية وأميركية لتقديم عروضها. المؤسف ان الأوضاع الأمنية غير المستقرة حالت دون استكمال هذه الخطوة، على رغم ان عدداً من الشركات أعربت عن اهتمامها بالدعوة. هنا يبرز سؤال يعرض نفسه: لماذا لم تحرك الحكومات السابقة، منذ انتهاء الأحداث وعودة السلطة الشرعية للامساك بزمام الأمور، ساكناً في تفعيل قطاع التنقيب عن النفط على رغم الانحدار المستمر في الأوضاع المالية والاقتصادية، تلك الأوضاع التي تمثلت في تعاظم الدين سنة بعد سنة، ومعاناة الخزينة العامة عجزاً دائماً لم تخفض أو تحد منه زيادات الضرائب المرهقة للشعب والقضاء على الطبقة الوسطى الفاعلة؟ لعل من المفيد الرجوع الى صيف عام 1975، عندما تألفت وزارة اتحاد وطني، بعد اعلان الهدنة الأولى، برئاسة المرحوم رشيد كرامي. وكان من أولى القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء اعطاء الضوء الأخضر لوزير الصناعة والنفط غسان تويني لفتح ملف التنقيب عن النفط. وخلال اجتماع واحد تم اتخاذ الاجراءات الآتية: - احكام عامة وشروط التعاقد مع الشركات باشراف الخبير المصري في العقود النفطية، ابراهيم رضوان. - اعداد دفتر شروط من قبل الأستاذ عبده عويدات. - خريطة تتضمن تدرج الأعماق في المياه الاقليمية. - وضع مراجع قانونية ودراسات جيولوجية تحت تصرف العارضين. - مشروع انشاء مؤسسة عامة للنفط. وفي 8 آب أغسطس وجّه الوزير تويني دعوات لستين شركة. أبدت بعض الشركات اهتمامها ورفض عرض شركة TRIPCO لانتفاء المنافسة. وجرى مسحان زلزاليان، وجاءت نتائجهما ايجابية، الأول أواسط الثمانينات من القرن الماضي قبالة طرابلس، والثاني سنة 2001 على طول الساحل اللبناني ولم يستتبع ذلك أي خطوة عملية. ألا تدعو كل هذه المعطيات الايجابية الرئيس عمر كرامي لاتخاذ خطوة مماثلة لخطوة شقيقه المغفور له رشيد كرامي سنة 1975؟ فيعطي الضوء الأخضر لوزير الطاقة موريس صحناوي لإعادة فتح ملف التنقيب عن النفط لعل لبنان يستعيد توازنه المالي والاقتصادي؟ لبنان - عدنان الشهال