تغازل دبي لقب"مدينة الحلم"الذي يكاد يكون حصرياً للعواصم الغربية على جانبي الأطلنطي، سواء بالنسبة الى الهجرة أم العمل أم الثراء أم تمضية نزهة سياحية تمنح إلى جانب الاسترخاء، خبرة إنسانية فريدة بالثقافة الشعبية والاحتكاك بالتجارب الإنسانية المتنوعة. ويمثل مهرجان دبي للتسوق، الذي تحتشد له كل الفعاليات الرسمية ومؤسسات القطاع الخاص، نوعاً من الاحتفال السنوي الذي يعرض ما حققته من نمو في هذا المشروع. كما يعد وسيلة لدمج الجاليات المتعددة الثقافات والأصول في نشاطات مشتركة. وفي عامه العاشر، يبدو مهرجان دبي للتسوق الذي تتواصل فعالياته يومياً في مختلف أنحاء المدينة منذ 12 كانون الثاني يناير وحتى 12 شباط فبراير المقبل أكثر اهتماماً بالخبرة الإنسانية الحية لثقافات شعبية عدة. تشارك هذا العام في القرية العالمية 15 دولة جديدة أكثرها أوروبي أو غربي الثقافة، وبذلك تتخطى القرية كملتقى للشعوب الغلبة الآسيوية والعربية التي ميزت شخصيتها في الأعوام السابقة، فمع انضمام أجنحة بريطانيا وأستراليا والنمسا وكندا واليابان وبولندا واليونان وسويسرا ونيوزيلندا إلى روسيا وألمانيا وإيطاليا وتشيكيا وبلغاريا، تكتمل المنظومة الدولية التي يلعب المهرجان على"تيمتها"منذ بدأ من خلال شعاره"عالم واحد، عائلة واحدة". وأعيد بناء القرية لتستوعب أجنحة هذه الدول وملايين الزيارات من الجمهور والتي قدرت بنحو 2،5 مليون زيارة في العام الماضي. وتبلغ مساحة القرية هذا العام 17 مليون قدم مربع وفيها 54 مطعماً تمثل معظم مطابخ العالم، ومدينة ترفيهية كبرى طالما التمس السياح وجودها في عواصم غربية مثل قيادة الحفارات المعروفة باسم"ديغر لاند"التي تقام للمرة الأولى خارج المملكة المتحدة ويقبل عليها الكثير من الزوار العرب. استثمار الثقافة الشعبية المدهش في فكرة التسوق هو ذلك الحافز الذي يوجده لدى جميع الأفراد والمؤسسات في دبي لاستثمار الثقافة الشعبية في كسوة الترفيه والمرح بحركة البيع والشراء، وتتمثل الإضافة الخاصة في العام العاشر في التركيز على الخبرات الحية وكشف الخلفيات الثقافية الشعبية من خلال جلب الحرفيين من بلدانهم لينفذوا أعمالهم أمام الجمهور، كما تتسابق مراكز التسوق المشهورة بماركاتها العالمية في ابتكار"تيمات"الترويج المناسبة لها والمتسقة مع المناخ العام للمهرجان واهتمامه بالثقافة الشعبية، فمركز"برغمان"للتسوق مثلاً اختار"تيمة"أزياء"مولان روج"في القرن التاسع عشر لتكون محور شخصيته الترويجية هذا العام. وعلى جانب آخر في فعاليات شوارع المهرجان والتي يمتد فيها السهر إلى ما بعد منتصف الليل توجد أكشاك ودكاكين البيع وأسواق للعسل والحرفيين الذين تمت دعوتهم من المغرب وروسيا ومصر ولبنان والأردن ودول عدة، كما يتوافر سوق للبضائع المستعملة وآخر للمبتدئين الذين يبيعون بضائعهم في صناديق سيارات، ويدعو الوتر الترويجي للمهرجان جمهوره إلى الاستمتاع بتقاليد البيع والشراء في هذه الأسواق الشعبية. في سوق الحرفيين المقام في شارع السيف على كورنيش خور دبي يتجاور الصناع الماهرون من دول عدة أحدهم ينفخ الزجاج وآخر يطعم الخشب بالصدف وثالث يبني الطواقي اللبنانية من غزل الصوف حرفة تكاد تكون نادرة، بينما يكلل نشاط الشارع تيمة العولمة التي يتبناها المهرجان من زاوية حوار الثقافات الشعبية لا انفراد نمط واحد بالعالم بواسطة واحة للشاي يقوم العارضون فيها بعرض أنواع لا حصر لها من الشاي بمذاقاته، ونكهاته والأطعمة الخفيفة المصاحبة له والتي تختلف من بلد الى آخر. البحث عن الفخامة الباحثون عن الفخامة من السياح يجدون مطلبهم في عروض الأزياء العالمية التي تقام في فندق ومنتجع"رويال ميراج"الراقي. ويشارك في أسبوع الموضة أشهر المصممين عالمياً، وتقام البطولات الرياضية وبخاصة سباقات الخيول، لتنافس دبي بذلك العواصم العالمية فعلاً وتشكل بديلاً شتوياً للراغبين في زيارة أوروبا من السياح الخليجيين. الظاهرة المتميزة في العام العاشر لمهرجان دبي للتسوق ليست فقط ارتفاع وتيرة الاحتفالات وتزايد عدد عروض الأزياء لمشاهير المصممين، ولا تبلور الأبعاد الإنسانية للمهرجان كحدث وثيق الصلة بالثقافة الشعبية وإحيائها ولا"تيمة"العولمة ذات الجلباب الرحب الذي يستوعب الجميع وإنما إقبال السياحة الأوروبية على فعاليات المهرجان إلى جانب زواره من دول الخليج العربية.