ينفي مسؤولون في البنك المركزي المصري السعي الى رفع قيمة الجنيه مقابل الدولار للمرة الأولى منذ آيار مايو 2003 وبصورة لافتة. وقال مسؤول في المركزي ل"الحياة": نتطلع"إلى استقرار تام في السوق وتراجع أسعار السلع ورضى الغالبية عما يتم القيام به"، لافتاً إلى أنه"لا نية الى تعديل سعر صرف الجنيه وكل ما نود أن نراه هو قيمة عادلة للعملة المصرية ووصول العرض والطلب إلى نقطة التعادل التي تتيح نمو الاقتصاد". انضم المصدّرون إلى بعض المصرفيين الكبار الذين طالبوا الاسبوع الماضي بضرورة تدخل الحكومة لوقف تراجع الدولار الحاد أمام الجنيه منذ 20 كانون الأول ديسمبر الماضي. وقال مصدر بارز ل"الحياة"إن اجتماعاً سيُعقد قريباً بين منظمات الأعمال لبلورة مذكرة مشتركة تتناول طلب المصدرين. واشار إلى أن الأجواء إيجابية تماماً والحكومة"تتفهم طبيعة مطالبنا". وتوقّع أن تصل خسائر المصدرين إلى أكثر من 80 مليون دولار تزيد إلى 150 مليون دولار في حال استمرار تراجع الدولار أمام الجنيه. وكان الجنيه واصل امس مكاسبه أمام الدولار في اول يوم تعامل بعد عطلة عيد الأضحى وسط إقبال نسبي على بيع الدولار، وتوقعت مصادر في شركات الصرافة أن تبلغ حصيلة التوريد إلى المصارف نحو 7 ملايين دولار انخفاضاً من 8.5 مليون دولار في اليوم السابق لعطلة العيد. ووصل سعر الدولار أمس إلى 586 قرشاً في المتوسط، انخفاضاً من 587 قرشاً قبل العطلة. ويتوقع مصرفيون وصول ارتفاع الجنيه بنسبة 10 في المئة أمام الدولار نهاية الاسبوع المقبل من نحو 7 في المئة منذ 10 كانون الأول ديسمبر الماضي، إذ كان سعر الدولار 623 قرشاً في المتوسط، وبدأ وقتها التعامل رسمياً بما يسمى الانتربنك الدولاري بين المصارف وسد النقص في أي مصرف من فائض مصرف آخر من الدولارات ما يعني تشجيع المصارف على عرض الدولارات للبيع بعدما كانت تفضل الاحتفاظ بها، وكذلك تشجيع أصحاب المدخرات تحويل أموالهم من دولارات إلى أرصدة بالجنيه المصري إذ تبلغ أسعار الفائدة على الأرصدة بالجنيه نحو 10 في المئة مقارنة بنحو 2 في المئة على الأرصدة الدولارية. وتوقع رئيس الحكومة أحمد نظيف أن يصبح الجنيه المصري أكثر قوة قريباً في سوق القطع الأجنبي، لافتاً إلى أن العرض حالياً أكثر من الطلب بعد إدراك المواطنين أن الاحتفاظ بالدولار ليس مفيداً وسعوا إلى التخلص مما بحوزتهم. وقال نظيف:"إن انخفاض الدولار المتواصل أمام الجنيه من شأنه أن ينعكس إيجاباً على خفض أسعار السلع المستوردة في السوق المحلية، كما أن البنك المركزي يطبق سياسة نقدية أدت إلى استقرار سعر الجنيه في سوق الصرف". واعتبر أن زيادة قوة الجنيه دليل على أن الاقتصاد المصري يسير في الاتجاه الصحيح خصوصاً بعد تحقيق فائض في الميزان التجاري العام الماضي بلغ 3.7 بليون دولار إلى جانب انتعاش حركة السياحة وزيادة الصادرات من البترول، وبدء تصدير الغاز الطبيعي السنة الجارية. في غضون ذلك زادت مطالب المصدرين للحكومة بضرورة مساندتهم ومنحهم تسهيلات وإعفاءات أكثر نتيجة الخسائر التي تعرّض لها الغالبية منهم بسبب الهبوط الحاد في أسعار الدولار أمام الجنيه. وأوضحوا أن الخسائر كبيرة، ويمكن أن تؤدي إلى توقف الصادرات المصرية في حال استمرار الأوضاع كما هي. وقال رئيس الشعبة العامة للمصدرين علي عيسى إن عملية التصدير باتت صعبة على رغم أن الخسائر لا تزال طفيفة، مشيراً إلى أن المساندة الحكومية مطلوبة وبصورة عاجلة في هذا التوقيت الذي يشهد رواجاً كبيراً في كل الأسواق. ويرى أعضاء في الشعبة أن الفترة المقبلة قد تشهد توقفاً تاماً لحركة الصادرات المصرية ما لم تستقر أسعار الدولار أمام الجنيه. في إشارة إلى أن المصدّر لن يتحمل أيّة خسائر إضافية إذ لم يكن في الحسبان إطلاقاً تراجع الدولار أمام الجنيه بهذه النسبة المفاجئة. وشددوا على ضرورة ايجاد مناخ إيجابي للتعامل مع هذه القضية وإجراء حوار عاجل مع البنك المركزي.