مهما يكن دينكم أو قوميتكم أو عقيدتكم، فما دمتم غير متعصبين وتقبلون من يختلف معكم فأهلاً بكم معنا"، تتصدر هذه الدعوة صفحة أحد المواقع السورية المتنامية بكثافة على شبكة الانترنت. يُعرّف أصحاب تلك الرسالة بأنفسهم كالآتي:"المثقفون السوريون الذين يؤمنون بالحوار وتبادل الآراء في بيئة ديموقراطية". لا يستطيع المتصفح مبدئياً معرفة أكثر من تلك الدعوة. وفي أحسن الأحوال لا تتعدى المعرفة اسم المنتدى"سيرينز"، فيما تغيب أسماء المشرفين على الموقع أو المتوخاة منه. لا يحمل الأمر سرية أو تخفياً بقدر ما هو حريص على خصوصية المحادثة. ويقول الفنان فارس الحلو أحد المشرفين على موقع"سيرينز"، ان الموقع"أشبه بصالة مفتوحة يحق لمن كان أن يدخلها"، ويضيف:"بعض الداخلين يطرحون موضوعات للحوار ولا يتلقون رداً، وآخرون تدخل موادهم حيز النقاش والحوار سريعاً من دون أن يعني ذلك أنهم باتوا أعضاء في السيرينز". ويبدو ان المنتدى حكر على النخبة من حيث نوعية المواد والقضايا المطروحة، كما يُصرّح أعضاء في المنتدى، أو كما يبدو من الشخصيات التي يضمها ومنها السينمائي المعروف نبيل المالح والفنان التشكيلي وليد قارصلي والصحافي عدنان بدر والكاتب نهاد سيريس وموسيقيون واعلاميون وأطباء... يصل عددهم الى نحو 350 شخصاً بحسب الحلو. ويرى إياس عويشق خريج قسم الدراسات المسرحية ان"تحديد العدد تفرضه ضرورة استمرارية الحوار والتواصل. راهناً تتداول ما بين 60 الى 70 رسالة يومياً كمعدل وسطي وهو رقم كبير لا يمكن التعامل معه في حال حدوث زيادات أخرى عليه". ويبيّن ان الحوار"متاح ومفتوح على مصراعيه". ويتابع:"يضم الموقع شخصيات من اليابان وكندا وفرنسا ومن خلفيات فكرية وعقائدية متباينة من اسلاميين متطرفين ومعتدلين وشيوعيين. وعلى رغم تسمية المنتدى التي توحي بانتماءات فكرية أو عقائدية معينة، فإن الأمر لا يتعدى الرغبة في دعوة السوريين خصوصاً للحوار والمناقشة في شكل مباشر"، مضيفاً"ان المنتدى ضد الايديولوجيات". أعضاء المنتدى"حولوا العالم الافتراضي الى حقيقي"كما قال بدر في حفل تكريم أقامه المنتدى لقارصلي، فإضافة الى الحوار على الانترنت استفاد القائمون على المنتدى من وجود غالبية الأعضاء في سورية للقيام بنشاطات فكرية أو حتى ترفيهية"واقعية". جاءت البداية مع حفل تكريم النقابي عمر قشاش عام 2003 وقارصلي مطلع العام الجاري عن عام 2004، فاكتظت الشقة الصغيرة والبسيطة للفنان المخضرم بنحو ثلاثين مشاركاً معظمهم من"السيرينز"جاؤوا من حلب ودمشق ومناطق سورية شتى تلبية لدعوة ادارة المنتدى. جمع الاحتفال أشخاصاً مختلفي المستوى الاجتماعي، أو كما يقول المالح"جمعهم فضاء جديد للتواصل". ويلفت المالح الى دور الفضاء الافتراضي في تبادل الأفكار"التي لا نستطيع أن نقولها للآخرين، فجأة تصبح للكلمة قيمة حقيقية وفيزيائية لها معادل لا يذهب هباء، وتزداد قيمة المنتدى بارتقائه الى حالة انسانية ابداعية ترتفع عن المفاهيم الضيقة لحزب أو شلة أو أي مفهوم ضيق آخر لينتقل الى هموم أوسع وطرح أكثر رحابة وجمالاً على مستوى أعم".