شهدت تولوز فرنسا مقر شركة"ايرباص"للصناعات الجوية، ظهر أمس، احتفال ازاحة الستار رسمياً عن أكبر طائرة تجارية في العالم، وسط توقعات لكبار المسؤولين في صناعة النقل الجوي ان يزداد الطلب في المستقبل على الطائرات العملاقة لتلبية النمو في قطاع الطيران التجاري، لا سيما في الأسواق الآسيوية، بالاضافة الى اشارات واضحة بتحويل تجربة"ايرباص"الى معيار يستخدم في مواجهة الصناعات الاميركية واليابانية المتقدمة تقنياً. بعد عشرة اعوام من المفاوضات، وأربع اعوام تلتها للاعداد لبناء أكبر طائرة تجارية عملاقة قادرة على نقل 800 راكب دفعة واحدة، احتفلت"ايرباص"بحضور أكثر من ثلاثة آلاف مدعو، تقدمهم القادة السياسيون للدول الأربع المشاركة في"ايرباص"فرنساوالمانياوبريطانيا واسبانيا لازاحة الستار عن أحد النماذج الخمسة التي بُنيت من طائرة "ايه 380" التي ينتظر لها ان تبدأ ألف ساعة من التجارب تمهيداً لمنحها الرخص الدولية اللازمة لوضعها في الخدمة. وكان واضحاً ان الدول الأربع، التي دعمت المشروع بعد تجاذبات سياسية أخرت بناء الطائرة لمدة عقد، كانت تشعر بأنها حققت انتصاراً اقتصادياً بارزاً في المعركة بين أوروبا والولاياتالمتحدة للسيطرة على سوق صناعة الطائرات التجارية التي تتجاوز قيمتها السنوية 75 بليون دولار سنوياً. وجلس الى جانب رئيس"ايرباص"نويل فورجار، رؤساء 14 شركة طيران اوصت على شراء 139 طائرة"ايه 380"تتجاوز قيمتها 36 بليون دولار. وهي الشركات التي استطاعت"ايرباص"التعاقد معها في الاعوام الأربعة الماضية بعدما كان استمرار المشروع الضخم الذي كلف أكثر من 12 بليون دولار، ربع المبلغ قدمته الحكومات الأوروبية، مرهوناً بضمان تعاقد شركات جوية على شراء الطائرة الجديدة. ولفتت الناقلات العربية، التي شكلت طلبياتها أكثر من ثلث اجمالي عدد الطلبيات الأنظار. وقال رئيس"طيران الامارات"الشيخ احمد بن سعيد آل مكتوم، الذي أوصت شركته على 45 طائرة"ايه 380"، ان الطائرة الجديدة تؤمن للشركة"أدنى كلفة لكل مقعد كيلومتري ويمكنها نقل أعداد أكبر الى محطات أبعد، مع استهلاكها كميات من الوقود أقل من منافساتها". وأشار الى أن أول طائرة"ايه 380"ستدخل الخدمة في أسطول"الامارات"السنة المقبلة بالتزامن مع اكتمال المبنى رقم 3 من مطار دبي الذي سيكون قادراً على استقبال 75 مليون مسافر سنوياً وسيضم مع المبنى رقم 2 في المطار 23 بوابة مخصصة لخدمة الطائرة. وكانت"الامارات"وقعت عقوداً بقيمة 19 بليون دولار لشراء الطائرات وثلاثة بلايين دولار لشراء 199 محركاً من تحالف"جنرال الكتريك"و"برات أند ويتني". وقال الشيخ احمد بن سيف آل نهيان رئيس شركة طيران"الاتحاد"ان شركته قررت شراء أربع طائرات"ايه 380"لتلبية الطلب الكبير على خدمات الطيران وكذلك للاستجابة لخطة التوسع الطموحة التي تنفذها شركته التي تأسست قبل 15 شهراً فقط وحققت نمواً مذهلاً على صعيد الشبكة أو أعداد المسافرين. وقال أكبر الباكر، رئيس"الخطوط القطرية"التي ستتسلم شركته أربع طائرات"ايه 380"ابتداء من سنة 2009 ان الطائرة تشكل حلاً عملياً لشركات الطيران لقضايا الازدحام في المطارات وضرورة تحقيق كثافة مناسبة على خطوط شبكات الطيران ومحطاتها من دون زيادة عدد الرحلات. ووعد ريتشارد برونسون، رئيس"فيرجين اتلانتيك"ببناء ملعب رياضي وبارات عريضة في الطائرات التي ستتسلمها شركته بالاضافة الى فتح كازينوهات فيها واقامة أسرة مزدوجة. ونبه فريديرك سميث، رئيس شركة"فيديكس اكسبريس"العملاقة الى أن صناعة النقل الجوي في العالم ستتضاعف ثلاث مرات خلال العشرين سنة المقبلة متوقعاً ان يكون للطائرات العملاقة دور كبير في تلبية الطلب الكبير المقبل، لا سيما بين آسيا وكل من أوروبا وأميركا. وقال ولفغونغ، رئيس شركة"لوفتهانزا"ان صناعة النقل الجوي في العالم لا تزال في بدايتها، مشيراً الى أن 14 في المئة من سكان المعمورة، وهم سكان أوروبا وأميركا الشمالية، مسؤولون عن 70 في المئة من حركة النقل الجوي في العالم، في حين أن أسواقاً أخرى مثل آسيا تتهيأ لدخول هذه السوق، ما يعني ضرورة الاستعداد للمرحلة المقبلة. وقال مايكل اسكوود رئيس شركة"يو بي اس"للشحن الجوي التي يعمل فيها 360 ألف موظف ان الطائرة الجديدة تناسب صناعة الطيران التجاري لأنها"تسمح بخفض كلفة الوقود مع استخدام أفضل لحصص الهبوط في المطارات وتوفير استخدام طائرتين في الرحلات البعيدة المدى". وتحتاج"ايرباص"الى ضمان بيع 250 طائرة "ايه 380" لكي يصبح استثمارها في هذا المشروع مجدياً، وهو ما يفسر الحملة الكبيرة التي نظمتها للاعلان عن اطلاق اكبر طائرة تجارية تنتج على نطاق واسع طائرة"انطونوف 225"في تقليص سوق طائرة"بوينغ 400 - 747"المنافسة التي تنتجها"بوينغ"التي تعتبر اكثر طائرة"جمبو"تجارية مسوقة في العالم اليوم. وعلى رغم الصفقات الكبيرة التي حققتها"ايرباص"قبلاً الا ان العام الماضي لم يشهد الا الاتفاق على عشر طائرات"ايه 380"الامر الذي يعني ضرورة مضاعفة"ايرباص"لجهودها الترويجية. واثنى الرئيس الفرنسي جاك شيراك على المشروع الذي اعتبره"مغامرة اوروبية مصنوعة من المثابرة وروح الابتكار والعزم الصارم". وقال ان"المشروع احتاج الى مشاركة 200 ألف عامل، 150 الفاً منهم في اوروبا و50 الفاً في كل من الولاياتالمتحدة وآسيا وانه"نجاح كبير لاوروبا". وشدد شيراك في تصريحات حملت مدلولات كبيرة لدى المراقبين، على انه من الضروري تكرار تجربة"ايرباص"في مجال"طاقة المستقبل والمواصلات واتصالات الغد، وادوية المستقبل". وكانت اوساط اقتصادية اوروبية عدة تحدثت عن مشاريع بوشرت مناقشتها في الشهرين الماضيين لتفكيك بعض الشركات العملاقة الاوروبية واعادة دمجها لتشكيل تكتلات مختلفة في وجه الولاياتالمتحدة واليابان في مجالات صناعة السيارات والاتصالات والصناعة الحربية، وهو توجه تدعمه باريس رغم مخاوف المانيا ولندن من انتقال تركيز هذه الصناعات الى فرنسا. وشارك حشد غفير من كبار المسؤولين الفرنسيين في الاحتفال، اضافة الى رئيس وزراء بريطانيا توني بلير والمستشار الالماني هلموت كول ورئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو. واثنى الثلاثة على المشروع الذي تنتجه"ايرباص"التي تتوزع ملكيتها بين 30.7 في المئة لفرنسا و30.07 لالمانيا و5.5 في المئة لاسبانيا و27.16 ل"بريتيش ايروسبايس".