سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شيراك سيترأس الاحتفالات والمناسبة ستظهر رد الأوروبيين على المنافسة الأميركية ."ايرباص" تزيح الستار الشهر المقبل عن طائراتها العملاقة "380" وتوقعات النمو خلال العقدين المقبلين توصل الطلبيات إلى 500 طائرة
يشهد العالم الشهر المقبل ازاحة الستار عن أكبر طائرة مدنية عملاقة في التاريخ، وسط توقعات بأن يؤدي دخول هذه الطائرة إلى سوق النقل الجوي إلى تغيرات جذرية في صناعة السياحة والسفر. يحتشد آلاف الشخصيات السياسية والدولية في الثامن عشر من الشهر المقبل في مدينة تولوز لازاحة الستار عن طائرة"ايرباص 380"، أكبر ناقلة ركاب جوية في العالم، والتي يثير إعلان جهوزيتها للتشغيل فخر البلدان الأوروبية الأربعة التي ساهمت في بنائها، باعتبار أن هذه الطائرة ستكون مفصلاً في المنافسة الحامية الدائرة بين ضفتي الأطلسي بين أوروبا والولايات المتحدة للهيمنة على سوق الطائرات المدنية النفاثة. وبعد المبارزات الإعلامية الساخنة التي كانت تجري خلال العقد الماضي بين"ايرباص"و"بوينغ"حول قدرة كل منهما على تصنيع طائرة"سوبر جمبو"تتجاوز سعتها المقعدية سعة"بوينغ 747"التي تهيمن على سوق الطيران منذ 35 عاماً، استقر رأي"ايرباص"على المضي قدماً في هذا المشروع العملاق الذي فاقت كلفته 11 بليون دولار، في وقت تنازلت"بوينغ"التي واجهت مصاعب مالية ومشاكل إعادة هيكلة عن ريادتها لسوق الطائرات العملاقة، لتكتفي بتطوير طراز"747"من دون تكبد النفقات الكبيرة التي يحتمها بناء طراز جديد عملاق أكبر سعة. وبإعلان قرب اكتمال التراخيص الخاصة بتشغيل"380"تكون"ايرباص"، التي خاضت معركة طويلة منذ أكثر من ثلاثة عقود مع المصنِّعين الأميركيين، و"بوينغ"تحديداً، قد نجحت في اكمال عائلتها من الطائرات ذات الممر الواحد أو الممرين، مع بناء طرازات عدة لطائرات بعيدة المدى. ويسهم بناء طراز"ايرباص 380"في ضمان التفوق العملي للمصنِّع الأوروبي في السعة المقعدية المتاحة للناقلات الجوية. ويبلغ وزن طائرة"ايرباص 800 - 380"560 طناً، وهي قادرة في حال تم اعتماد الدرجة السياحية وحدها، استيعاب 555 راكباً، وأن تطير مسافة ثمانية آلاف ميل جوي. وهناك حالياً ثلاث طائرات في خط التجميع النهائي، على أن تطير الطائرة الأولى منها في مدى أربعة شهور من الآن، بعد انجاز كل الترتيبات والاختبارات الفنية الضرورية لذلك. ومن المنتظر أن توضع الطائرة العملاقة في الخدمة في ربيع عام 2006. ويقول توماس بيرغر، كبير محللي التسويق في"ايرباص"ل"الحياة":"سنطير على الطرقات الجوية نفسها التي تطير عليها بوينغ 747، وسنقدم سعة أكبر سواء لنقل الركاب أو الشحن الجوي". وساهم أكثر من 20 شركة طيران في بناء الطائرة الجديدة. كما أن أكثر من 60 مطاراً حول العالم قدم نصائح فنية حول مواصفات الطائرة التي ستتألف من طابقين، إضافة إلى الاتحادات الدولية للطيران. وتعتبر"طيران الإمارات"التي فاجأت العالم بعد هجمات 11 أيلول سبتمبر 2001 بزيادة طلبياتها من طائرات"ايرباص 380"على رغم الركود العالمي الذي ساد آنذاك، أكبر زبون في العالم للطراز العملاق، إذ أوصت على 41 طائرة"ايرباص 380"وعلى طائرتين من الطراز المعدّل المخصص للشحن"ايرباص 380 - أف". ويصل عدد الطلبيات المؤكدة لطائرات"380"139 طلبية من 13 زبوناً، من بينهم 12 شركة طيران. وأبدت"الخطوط القطرية"، التي تتميز بالنمو السريع لعملياتها ولأسطولها، اهتماماً مبكراً بدورها بالطراز العملاق الجديد، وأوصت، في المرحلة الأولى، على طائرتين"380"، في حين أوصت"الاتحاد"على أربع طائرات من الطراز نفسه، وإن كان يعتقد أنها ستشتري الطرازات التجريبية باعتبار أن الأمر لا يحمل أي مخاطرة على السلامة، في الوقت الذي سيؤمن وفراً في كلفة الطلبية. ومن المنتظر أن تتسلم"الإمارات"أول طائرة لها من هذا الطراز عام 2008، وستكون أولى رحلاتها إلى مطار هيثرو اللندني، في حين ستتسلم"القطرية"طائراتها الأولى عام 2009. ويقول بيرغر:"نأمل أن تزداد الطلبيات في المستقبل وتوقعاتنا تشير إلى أن الزبائن سيحتاجون على مدى العشرين سنة المقبلة إلى 400 طائرة من هذا الطراز. وتوقعاتنا هذه متحفظة ونأمل بأن يتم تجاوزها بسهولة". وتستند"ايرباص"في تقديراتها المتفائلة التي تحتاج إليها لتبرر حجم الانفاق الهائل على هذا المشروع، إلى أن اتجاهات السوق والدراسات الخاصة بنمو حركة النقل الجوي تشير إلى أن عدد الأشخاص الذين سيجري نقلهم جواً خلال العشرين سنة المقبلة سيتضاعف ثلاث مرات على الأقل. ويقول بيرغر:"المطارات ممتلئة ومزدحمة اليوم وهناك مشاكل كثيرة حول العالم، وسيزداد الاهتمام لأن المطارات لن تكون لديها فرصة لتبني مرافق جديدة أكبر ولتتوسع، وبالتالي ستؤمن ايرباص 380 فرصة أكبر للنمو من خلال زيادة عدد الركاب في كل عملية اقلاع أو هبوط". وتبني"ايرباص"تقديراتها على أساس أن السوق ستتجه إلى مزيد من التجزئة في حركة النقل الجوي، ليجري بعدها تدعيم السوق والتحالف، في حين تقول"بوينغ"إن المسافرين يريدون بدل تجزئة رحلاتهم السفر من نقطة إلى نقطة مباشرة. ويقول بيرغر معترضاً:"موقف بوينغ فيه تبسيط. ونحن نقول إن كل شركات الطيران تسير نحو التحالف وتخفيض الكلفة وربط المطارات - المراكز الرئيسية". ويضيف:"لنفترض أن هناك ست مدن يجري ربطها برحلات من نقطة إلى نقطة، فإن هذا سيؤدي إلى تسيير 30 رحلة، بينما لو اعتمدنا فكرة المطار - المركز والرحلات الفرعية سنستطيع تسيير عشر رحلات بطائرات ايرباص 380. والبديهي ان عدد الأقل من الرحلات سيعني كلفة تشغيل أقل". وتتوقع"ايرباص"أن تنقل طائرات"380"35 في المئة أكثر من الركاب من طائرة"747"، وأن تولد ضوضاء بنسبة 50 في المئة أقل عنها. ويقول بيرغر:"سيكون هناك طابقان كاملان للتمييز بين الخدمات المقدمة للركاب، وستكون كلفة المقعد أقل بنسبة 15 في المئة من طائرة بوينغ 400 - 747". ويستخدم المصنِّعان الأوروبي والأميركي ذرائع متباينة لتبرير صحة خيارات كل منهما، والتي تستند في أغلب الأحيان إلى اعتبارات مالية وتسويقية غير مرتبطة بالضرورة بما يقدمانه من ذرائع. إلا أن مشكلة ازدحام المطارات تعد واحدة من الحجج المقبولة التي يمكن لطراز"380"أن يسهم في حلها. ودفعت شركة"كوانتاس"الاسترالية العام الماضي 20 مليون جنيه استرليني لشراء حق تشغيل رحلتين يومياً من مطار هيثرو. وهو ما يعطي فكرة عن الكلفة العالية لاستخدام المطارات في استراتيجيات النمو التي تتبعها شركات الطيران. ويقول بيرغر:"مطار هيثرو، الذي يعتبر أكبر مطار في العالم للرحلات الدولية، لديه ثمانية زبائن سيستخدمون طراز 380 بالتأكيد. وهو يشهد يومياً 150 حركة لطائرات بوينغ 747 وغالبية الشركات التي تُسيرها ستتجه حتماً إلى شراء طراز 380. ونحن نتوقع أن يسهم استخدام هذا الطراز العملاق في نقل عشرة ملايين مسافر إلى مطار هيثرو سنوياً، من دون زيادة عدد الرحلات". وأثرت هذه الحجج على شركات الطيران التي تراجع اهتمامها بالتدريج بطراز"بوينغ 747". وتقول"ايرباص"إن عدد طلبيات"747"تراجع من 150 طلبية عام 1997 إلى 100 وطلبيتين عام 1998 و77 طلبية في السنة التي اعقبتها، ليتواصل التراجع عام 2001، لدى اطلاق طراز"380"رسمياً الى 62 طلبية ثم 52 طلبية عام 2002 و37 طلبية عام 2003 و37 طلبية السنة الجارية، في حين سجلت"ايرباص 380"85 طلبية عام 2001 ارتفعت الى 95 عام 2002 و129 طلبية عام 2003 ولتصل الى 139 طلبية مؤكدة السنة الجارية. وتؤكد"ايرباص"في ردها على تأكيدات منافسيها بأن المطارات الدولية لن تكون قادرة على استقبال الطراز العملاق الجديد وان اكثر من 60 مطاراً ستستقبل ايرباص 380 قبل 2011". علماً ان 220 مطاراً قادرة حالياً على استقبال"بوينغ 747". وتسوق"ايرباص"حججاً أخرى للرد على منافستها"بوينغ"منها ان"380"تحتاج الى مسافة اقلاع أقل بخمسمئة متر تقريباً من"400 - 747"أو ما يعادل 2900 متر لأن الأجنحة أطول وبالتالي سيؤدي هذا الى جعل الضجيج أقل. وسيكون الارتفاع داخل الطائرة 380 مشابهاً تقريباً لطراز 340 وهذا يسهل خدمة الطائرة الجديدة في المطارات، علماً ان فارق الارتفاع يبلغ 1.4 متر في السقف بين الطائرتين. وتعلو أعلى نقطة في سقف الطائرة الجديدة المتوقفة على الأرض ثمانية أمتار أي علو"بوينغ 747"نفسه. ويستعد الرئيس جاك شيراك ومعه كبار المسؤولين في أوروبا ومئات المسؤولين عن صناعة الطيران في العالم لإزاحة الستار عن الطائرة الجديدة التي أقر تصميمها النهائي منتصف السنة الجارية والتي سيبدأ تجميعها رسمياً في خطوط الانتاج في الفصل الثاني من العام المقبل. وسيكون الحدث حتماً مدعاة للفخر ليظهر الأوروبيون والفرنسيون انهم قادرون على منافسة الاميركيين، لكنه سيكون أيضاً محطة في الحرب الطويلة بين الأخوة الأعداء على جانبي الاطلسي.