انتهى الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب المخصص لبحث تنفيذ قرارات قمة تونس والإعداد لقمة الجزائر المقرر عقدها في آذار مارس المقبل إلى إقرار ثلاثة مشاريع هي: إنشاء البرلمان العربي وهيئة متابعة تنفيذ قرارات مجلس الجامعة بمستوياتها المختلفة وآلية اتخاذ القرارات طريقة التصويت داخل الاجتماعات، وإحالة هذه المشاريع إلى قمة الجزائر. إلا أن الجزائر بدت مصرة على مشروعها الذي قدمته لإصلاح منظومة العمل العربي المشترك والذي يتضمن تعديل ميثاق الجامعة وإضافة ملاحق التطوير له وخصوصا تدوير منصب الأمين العام بين الدول الأعضاء، وإن كان وزير الخارجية الجزائري عبدالعزيز بلخادم خفف من وقع تصريحاته حول تعديل الميثاق وتدوير منصب الأمين العام بأنها ليست طعنا في عمرو موسى"الكفوء المقتدر المخلص"ولا تثير حساسية مع مصر. وشدد بلخادم على أن الجزائر ليس لديها النية أو تطمع في الترشيح لمنصب الأمين العام للجامعة، وأكد أن من علقوا على تصريحاته لم يروا إلا الشجرة أمام الغابة، في إشارة إلى أن بلاده قدمت حزمة من الاقتراحات للتطوير وليس هذه النقطة فقط. وكان لافتا أن أياً من الدول الاعضاء لم تعلق بشكل واضح على الاقتراح الجزائري، بينما تدفقت الإشادات بعمرو موسى من دون معرفة ما إذا كانت للتمسك به أم لوداعه. ووصف ديبلوماسي عربي في تصريح الى"الحياة"الاقتراح الجزائري بأنه"محرج"وأن موسى"تبقى له أكثر من سنة حتى انتهاء ولايته الأولى وأن أمامه مهمات كثيرة". واعتبر المصدر أن"هذه الاقتراحات لن تؤثر فيه نتيجة كفاءته وحنكته". واكدت الجزائر أنها تريد قمة ناجحة حتى لا يتكرر ما حدث في تونس العام الماضي عندما اضطرت إلى تأجيل القمة، ثم عقدها بعد قبول وثيقة العهد والإصلاح. وبدا ان هناك توافقاً بين الوزراء على القبول بالتدرج في مشاريع الاصلاح وتطوير منظومة العمل العربي، إذ أشار رئيس الدورة وزير الخارجية الموريتاني محمد فال ولد بلال في كلمته الافتتاحية إلى مقولة"ما لا يدرك كله لا يترك كله". وحسب مشروع البرلمان العربي فإنه يتشكل لمدة خمس سنوات تنتهي بإقامة البرلمان العربي الدائم. واكد ديبلوماسيون شاركوا في الاجتماع ان الوزراء اتفقوا على ان يكون مقر البرلمان العربي دمشق. ويقضي المشروع الذي يتكون من 12 مادة بان يكون البرلمان العربي جهازاً من أجهزة الجامعة العربية الرئيسية على ان يقوم بوضع نظامه الاساسي برلمان عربي انتقالي مدة انعقاده خمس سنوات. وسيضم البرلمان العربي الانتقالي اربعة اعضاء من كل دولة عضو تقوم بانتخابهم البرلمانات المحلية وستكون له موازنة مستقلة تتوزع مساهمات الدول الاعضاء فيها بنسب مساهماتها في موازنة الجامعة نفسها. وسيكون للبرلمان أمين عام ويعقد دورتين كل سنة ويختص بمناقشة"المسائل المنصوص عليها في ميثاق الجامعة والاوضاع والتطورات السياسية في المنطقة العربية والمخاطر الناجمة عنها وتأثيراتها على الامن القومي العربي". كذلك توصل الوزراء الى حل وسط بشأن هيئة متابعة تنفيذ القرارات اذ اتفقوا على الغاء عقوبات تعليق العضوية والفصل والعقوبات الاقتصادية التي عارضتها دول عربية عدة في مقدمها سلطنة عمان. واكتفى المشروع بعقوبات من نوع الحرمان من التصويت لمدة ستة شهر او اكثر والحرمان من المشاركة في اجتماعات المجلس والحرمان من المزايا والبرامج التي تقدمها الجامعة، وذلك في حالات حددت حصراً وهي"عدم الالتزام باحكام الميثاق وعدم تنفيذ قرارات القمة وعدم الوفاء بالالتزامات المالية مع مراعاة الظروف الاستثنائية لبعض الدول". ويقضي المشروع بأنه في حال ارتكاب"مخالفة جسيمة"من احدى الدول الاعضاء يحال الامر الى القمة لتتخذ ما تراه مناسباً. ووافق الوزراء على تعديل آلية وقواعد التصويت بحيث يكتمل النصاب القانوني لانعقاد اجتماعات الجامعة بحضور ثلثي الاعضاء على ان تتخذ القرارات بتوافق الآراء إن امكن. واذا لم يتم التوافق يقضي المشروع باجراء تصويت اذا وافقت الاغلبية البسيطة على ذلك. وفي هذه الحالة يتخذ القرار بغالبية الثلثين في القضايا الموضوعية وبالغالبية البسيطة في المسائل الاجرائية. وكانت خلافات ثارت حول مجلس الامن العربي ومحكمة العدل العربية وهو ما ألمح اليه وزير الخارجية الجزائرى عبد العزيز بلخادم أمس من ان القضايا التى ستيم الاتفاق على صيغتها في الاجتماع الاستثنائي هي التى سيتم إحالتها الى قمة الجزائر فيما ترحل القضايا الاخرى الى قمم لاحقة. وأبدت دول موافقتها على مشروع محكمة العدل العربية واشترطت سلطنة عمان إرجاء التفكير في إجراءات عقابية تصدر عن المحكمة في ما أيدت السودان المشروع برمته وقال وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان اسماعيل: نحن مع محكمة العدل العربية ومجلس الأمن العربي وهما موجودان في الاتحاد الأفريقي فلماذا لا يكونان لدينا. نريد أن نخرج بقضايانا إلى الخارج و لماذا لا تكون لدينا محكمة عدل عربية للنظر في قضايانا. وكانت اعمال الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب قد بدأت صباح أمس بجلسة افتتاحية ثم جلستين مغلقتين متتاليتين في ما استعرض الوزراء تقريرا حول الوضع في السودان بعد توقيع اتفاق السلام بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والحكومة السودانية وانتهاء الحرب التي دامت أكثر من عشرين سنة. كما ناقش الاجتماع تطورات القضية الفلسطينية ومناقشة الأوضاع بعد تولي محمود عباس رئاسة السلطة والإعلان عن الدعم العربي الكامل له ولجهوده في استئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل في إطار المبادرة العربية للسلام ومبادرة اللجنة الرباعية الدولية في خريطة الطريق.