باستثناء فرنسا وايطاليا، لم تصدر الحكومات الاوروبية تعليمات واضحة في شأن ارسال صحافيين الى العراق، بينما اكتفت وسائل الاعلام فيها في الغالب بارسال موفدين خاصين الى هذا البلد لفترات قصيرة، خصوصاً لتغطية الانتخابات في 30 كانون الثاني يناير الحالي. ولا يزال الغموض يلف مصير الصحافية الفرنسية فلورانس اوبناس 43 عاما التي اختفت مع مترجمها العراقي حسين حنون السعدي قبل أسبوع مما اثار بداية جدل في فرنسا حول ضرورة تغطية المناطق الخطرة. وفي حديثه عن اختفاء الصحافية التي تعمل في صحيفة"ليبراسيون"الباريسية ولا يعرف شيء عن مصيرها منذ الخامس من هذا الشهر، شدد الرئيس جاك شيراك على"عدم ارسال صحافيين"الى العراق، فيما جددت وزارة الخارجية الفرنسية الثلثاء دعوتها وسائل الاعلام الفرنسية الى عدم ارسال صحافيين الى هذا البلد بسبب خطورة الوضع. وفي هذا السياق وقع 72 نائباً اوروبياً الثلثاء عريضة دعم للصحافية الفرنسية مطالبين بالافراج عنها في حال تأكد خطفها. وكتب النواب الذين ينتمون الى 17 جنسية ويمثلون مختلف التيارات السياسية"نحن النواب الاوروبيين نعبر عن قلقنا الشديد على مصير اوبناس وندعو السلطات السياسية الى بذل كافة المساعي لجمع كل المعلومات المفيدة عن وضعها والعمل على اطلاق سراحها في حال تأكدت فرضية خطفها". لكن وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه رفض التحدث عن عملية"خطف". وكانت الخارجية الايطالية نصحت الاثنين الماضي الصحافيين الايطاليين بعدم التوجه الى العراق بسبب الاوضاع الامنية"الخطيرة جدا". وقال رئيس القسم الاعلامي في الوزارة باسكال تيراتشيانو ان"الظروف الامنية لا تزال خطيرة جدا"مضيفا ان"التغطية الصحافية الميدانية للانتخابات المقبلة تنطوي على اخطار كبيرة وسيعرض الصحافيون الذين يرغبون بزيارة مراكز الاقتراع في البلاد انفسهم لمزيد من الاخطار". لكن التلفزيون الايطالي العام وشبكات التلفزة الخاصة والصحف الكبرى اوفدت من ناحيتها مراسلين الى العراق. وينتشر الصحافيون الايطاليون بشكل رئيسي في بغداد والناصرية جنوب حيث لايطاليا قوة من حوالي ثلاثة آلاف عسكري. وفي فرنسا تتردد ادارات تحرير صحف عدة وتفكر ملياً بعدما كانت تستعد لارسال صحافيين من اجل تغطية الانتخابات. وبعض هذه الصحف يعتزم تغطية الانتخابات العراقية من عمان، فيما يؤكد العديد منها ان الصحافيين في العاصمة العراقية لا يستطيعون مغادرة غرف الفندق الذي ينزلون فيه الا بصعوبة كبيرة، لكن ليس من دون تعريض حياتهم لخطر كبير. وفي لندن خففت وسائل الاعلام عدد صحافييها منذ خطف مارغريت حسن التي كانت تعيش في العراق وقتلها منذ ثلاثين عاماً وتحمل الجنسيات الايرلندية بالولادة والبريطانية والعراقية بعد زواجها من عراقي، في تشرين الاول اكتوبر الماضي. وترسل صحيفة"اندبندنت"الى العراق اكثر صحافييها خبرة لكن مع ارشادهم بتوخي الحيطة والحذر، فيما لا يتجول مراسلو"التايمز"مطلقاً بمفردهم وهم يستخدمون بصورة دائمة اجهزة لاسلكي ويتحدثون بالشيفرة عن الاماكن التي يقصدونها. ويعتبر الصحافي ستيفن فاريل من"التايمز"الذي اطلق لحيته انه لو ان السنّة يبغون قتل صحافيين"لكننا جميعنا تعرضنا للخطف والقتل منذ اشهر. والسبب الوحيد لتمكننا من العمل هو انهم يريدون فعلاً ان نعمل". الى ذلك فان وسائل الاعلام البولندية الرسمية اذاعة وتلفزيون ووكالة انباء تملك استديو دائماً في مقر قيادة القوة البولندية في الديوانية بجنوببغداد، بينما تعتزم تلفزيونات اخرى ارسال موفدين خاصين لتغطية الانتخابات. اما الصحافة الروسية فارتأت بكاملها تقريبا التغيب عن تأمين تغطية ميدانية. ولم ترسل وكالات الانباء الثلاث"انترفاكس"و"ايتار-تاس"و"ريا نوفوستي"احداً الى العراق لتغطية الانتخابات خلافا لشبكات التلفزة الثلاث الكبرى. أما تركيا فان الصحف الكبرى فيها ترسل دورياً صحافيين لتغطية الاحداث التي تهم هذا البلد، مثل الوضع في كركوك، فيما تستخدم الشبكات الاخبارية صحافيين محليين خصوصاً من التركمان. وليس لوسائل الاعلام اليونانية اي مراسل دائم في العراق لاسباب مالية في الدرجة الاولى. لكن محطتي التلفزة الخاصتين"ميغا"و"انتينا"والتلفزيون العام"نيت"والصحف الكبرى ترسل بين الحين والآخر موفدين خاصين غالباً الى بغداد وهي تعتزم الاستمرار بالعمل على هذا المنوال. ومن جهة وسائل الاعلام الاسبانية الرئيسية فانها تتردد في ارسال موفدين خاصين لاسباب امنية. غير ان لدى صحيفة"الباييس"موفدة خاصة تعمل من عمان، فيما يتوقع ان ترسل منافستها"ال موندو"موفدا لها لتغطية الانتخابات. اما وسائل الاعلام الالمانية فليست أفضل حالاً، فمراسلة شبكة التلفزة"بروسيبنسات-1"و"ان-24"غادرت بغداد في تشرين الثاني نوفمبر بسبب ازدياد خطورة الوضع. وبقي مراسل لمجلة"شتيرن"اطلق لحيته ويتحدث العربية بطلاقة، بينما لا يغادر الموفدون الخاصون للمحطة التلفزيونية الالمانية الثانية بغداد الا باذن من رئيس التحرير، وهم يتناوبون العمل اسبوعياً عبر فرق من اثنين او ثلاثة. من جهتها نقلت صحيفة"سوددويتشي تسايتونغ"منذ مدة طويلة مراسلها من بغداد الى سلطنة عمان او دبي بينما تغطي"در شبيغل"احداث العراق من القاهرة. وفي هولندا تعتزم صحيفة"ان ار سي هاندلسبلاد"الرئيسية تغطية وقائع الانتخابات عبر موفدين خاصين يتجنبون الذهاب الى بغداد. واخيراً في بلجيكا لن يرسل التلفزيون العام"ار تي بي اف"اي صحافي الى بغداد"لاسباب امنية"لكن صحيفة"لوسوار"لها مراسلة في العاصمة العراقية.