اعترفت الولاياتالمتحدة للمرة الأولى ب"القلق"الأوروبي حيال قضية السجون السرّية المفترضة لوكالة الاستخبارات المركزية سي آي أي في أوروبا. وحظي وزير الخارجية الألماني الجديد فرانك فالتر شتاينماير في أول زيارة له إلى واشنطن بوعد شخصي من نظيرته الأميركية كوندوليزا رايس بأن واشنطن ستردّ على المزاعم، في وقت أبرقت بريطانيا باسم الاتحاد الأوروبي إلى الولاياتالمتحدة تسألها تفسيرات للتقارير. وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية شون ماكورماك:"تدرك الولاياتالمتحدة أن هذه مواضيع تثير اهتماماً كبيراً بين الأوروبيين وكذلك البرلمانات، وان هذه المسائل يجب الرد عليها". ولزمت رايس الموقف الأميركي الذي يتفادى نفي أو تأكيد تقرير نشرته صحيفة"واشنطن بوست"عن نقل"سي آي أي"سجناء مشتبه بهم في قضايا الإرهاب إلى سجون سرية في شرق أوروبا. لكن شتاينماير قال انه تلقى خلال لقائه رايس وعداً بان واشنطن ستكون أكثر صراحة ووضوحاً في هذا الأمر. وأضاف أن رايس وعدت"بتقديم ردّ فوري ومفصّل"على طلب الاتحاد الأوروبي إيضاحاً للتقرير عن السجون السرية. وتزور رايس الأسبوع المقبل أوروبا، في محاولة لتهدئة المخاوف تجاه مسألة السجون السرية هذه. وكان المفوض الأوروبي لشؤون العدل فرانكو فراتيني هدّد الدول الأعضاء في الاتحاد التي تعاونت مع وكالة الاستخبارات الأميركية في إقامة سجون ومعتقلات سرّية على أراضيها، بحرمانها من حق التصويت داخل المجلس الأوروبي. ويدرس المجلس الأوروبي، وهو الوكالة الرئيسة لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان في القارة، تلك التقارير. وعبّرت المستشارة الألمانية انغيلا مركل عن ثقتها باستجابة واشنطن للمخاوف الأوروبية. وقالت:"أظن أنه بإمكاننا أن نثق بأخذ الإدارة الأميركية بالمخاوف الأوروبية وستتضح المسألة في المستقبل القريب". وأضافت في كلمتها الأولى أمام برلمان بلادها أن ألمانياوالولاياتالمتحدة تتقاسمان قيماً مشتركة،"لكننا لن نسكت في ما يتعلق بانتهاك حقوق الإنسان ضد أي كان في العالم". في غضون ذلك، طلبت لندن من حليفتها واشنطن أمس، الإجابة على التقارير المتعلقة بسجون أوروبا الشرقية السرية واستخدام مطارات أوروبية لنقل مشتبه في تورطهم في نشاطات إرهابية. وبعث وزير الخارجية البريطاني جاك سترو رسالة باسم الاتحاد الأوروبي التي تتولى بلاده رئاسته حالياً، إلى واشنطن عبّر فيها عن القلق المتنامي من"اتهامات الإعلام ل"سي آي إي"بإقامة مخيمات إرهاب في أوروبا الشرقية"، كما طلب إجابات في شأن استخدام مطارات أوروبية والتحليق في أجواء دول في الاتحاد، وفقاً لتأكيد ناطقة باسم الخارجية. ويأتي ذلك بعدما طالبت مجموعة"ليبرتي"التي تُعنى بالحقوق المدنية، مسؤولي الشرطة البريطانية التحقيق في هبوط طائرات سرية في مطارات بريطانية، وأكدت عزمها اتخاذ خطوة عدلية إذا لم تتلق أي إجابة خلال 14 يوماً. وبعثت المجموعة برسالة أخرى إلى سترو دعته إلى طلب ضمانات من الولاياتالمتحدة بعدم استخدام استخباراتها لمطارات بريطانية. ومن بين المطارات المشتبه في أن تكون استخدمت، مطارات كبيرة في لندن وقواعد سلاح الجو الملكي. واتهم الناطق باسم الحزب الديموقراطي الليبرالي السير منزيز كامبل الحكومة بتجاهل قضية الرحلات تلك. وفي فيينا، عقد مجلس الأمن القومي النمسوي جلسة خاصة أمس لمناقشة اتهامات ل"سي آي إي"بانتهاك أجواء البلاد عام 2003، ونقلها مشتبهاً بهم في تورطهم بالإرهاب. وكان قائد سلاح الجو الوطني الميجور جنرال إريك وولف أعلن الأسبوع الماضي أن طائرة تابعة ل"سي آي إي"انطلقت في 21 كانون الثاني يناير 2003 من مطار فرانكفورت في ألمانيا محملة بإرهابيين مفترضين وعبرت أجواء النمسا في طريقها إلى أذربيجان في آسيا الوسطى حيث يشتبه في إقامة سجون اعتقال سرية. وأثار هذا الإعلان غضب المعارضة السياسية النمسوية التي طالبت بفتح تحقيق في الأمر. ودعا تجمع الديموقراطيين الاجتماعي المستشار وولفغانغ شوسل إلى رفع احتجاج رسمي إلى الرئيس الأميركي جورج بوش. وعقد اجتماع مغلق لمجلس الامن القومي بعد ظهر أمس لبحث المسألة، لا سيما أن النمسا تأخذ أي تهديد إرهابي على محمل الجد. واتهم النائب بيتر بيلز المكلف الشؤون البيئية في حزب الخضر، الحكومة ب"التورط السلبي"عبر سماحها بتحليق طائرات الاستخبارات الأميركية في أجواء البلاد، رافضاً اعتبار الأمر مجرد حادث. وفي لاهاي التي زارها أمس وفد أميركي في محاولة لإقناع الحكومة الهولندية بإرسال مزيد من القوات إلى أفغانستان في إطار خطة حلف شمال الأطلسي توسيع مهمة حفظ السلام، ومسألة الضمانات الأمنية والقلق حيال كيفية التعامل مع السجناء الذين يحتجزون أثناء المهمة، أكدت أوساط سياسية عزم المسؤولين الهولنديين طرح مسألة هبوط طائرة تابعة ل"سي آي أي"الشهر الماضي في مطار شيبول في أمستردام. وفي لشبونة، يلقي وزير الخارجية البرتغالي ديوغو فريتاس دو امارال في 13 من الشهر الجاري خطاباً امام البرلمان يتطرق فيه الى توقف محتمل لطائرات تابعة ل"سي اي أي"في البرتغال. وكانت مجلة برتغالية أوردت قبل بضعة اسابيع مستندة الى صور ان طائرات تابعة للاستخبارات الأميركية هبطت في مطارات برتغالية، بينها ثلاث على الأقل منذ آذار مارس الماضي موعد تسلم الحكومة الاشتراكية مهماتها.