قال الحكيم: "السعادةُ أن تدخلَ بحرَ الناس وتصير سمكةً" قال الآخر: "صغيرةً أم كبيرةً؟" قال الحكيم: "تلك هي المسألة" *** "دائماً يحدث العكس" قال المهرّج وقد رأى ظلّهُ على السقف *** حين رأى الحاكم شعبَهُ عارياً قال: "ما أجملَ الشعبَ في أثوابه الزاهيهْ!" *** قال العابر: "في الغابة المسكونة بالوحوش نمنا بسلام" قال المقيم: "في مدننا الآهلةِ بالبشر لم نأمن الوحوش" *** قالت الأشجار وقد سالت ظلالُها كالحبر: "منْ يكتبنا على الطريق؟" قال العاشق لمعشوقته: "سأقودك إلى غابةٍ من فضّةٍ وعشبٍ من الذهب لنقيم هناك" قالت المعشوقة: "وكيف نأمن الوحوش؟" قال العاشق: "بالذهب والفضّة يا حبيبتي" *** كان أبي يقول: "رصاصةٌ واحدةٌ لا تصنع غيرَ ميْتٍ واحد وفكرةٌ واحدةٌ تصنع آلافاً من الناس" وحين مات أبي متشبّثاً بفكرته الواحدة التي أطلقها كالرصاص على الناس لم يسر في جنازته أحد *** الشعراء الكبار يأكلون الصغار ويتضوّرون جوعاً *** يحبّ الجميع ولا يحبّ أحداً *** قال الصحافيّ وقد رأى صورته في المرآة "السكوت من فضّة والكلام من ذهب" *** قال اللصُّ وقد أطربهُ المديح: "مالُ الناس للصوص وما للصوص للناس" *** صديقان يعشقان الكراسيّ أحدهما يجلس على اليمين دائماً والآخر على اليسار الأوّل دعاني إلى بيته والثاني إلى مكتبه لم أذهب إلى هذا ولم أذهب إلى ذاك بل حضنت رأسي وأطرقت *** في المنفى التقيتهُ، قال لي: "منذ فارقتك وأنا أتقلّد المناصب نائباً فوزيراً ووزيراً ثانيةً ورئيساً كما ترى، وأنتَ؟" قلتُ له: "منذ فارقتك وأنا من أسوأ إلى أسوأ" *** ربّما أعذر الصديق حين يشرب نخب العدوّ ولكنْ كيف أعذرهُ حين يشربُ دمَ الصديق *** يريدون الجريمةَ أن تقيمَ العدل والعدلَ أن يقيمَ الجريمة *** ما الشجاعةُ إن أسلمتنا إلى الضعف والأمانةُ إن أسلمتنا إلى الوعود؟ فضائلنا أننشرها فوق حبل الرذيلة ثم نرزمها في صرر الخاطئين؟ *** البطولات تقاسمناها جميعاً أشراراً وطيّبين ولم يبق منها ما يزوّدنا في الطريق *** لكلّ غابةٍ شريعةٌ - قال - ولم يخطر في بالهِ قطّ أنّ لبعض الشرائع غابةً أيضاً *** حاضرنا كيف نجتازه وقد اكتظّ بأيّامنا الماضية؟ *** بابليّون أكديّون سومريّون ولا بأس أن تحفر بعد *** لماذا الأشرار يقصدون السماء؟ والأخيار يريدون باطن الأرض؟ عن ابن المقفع