كم من الأغراض الدنيئة نفذها أعداء الله وأعداء الإسلام بين أناس مسلمين لم يفهموا دينهم، فسهل خداعهم، وسهل تسخيرهم للدمار وسفك الدماء؟ فترى أحدهم يقود سيارة مفخخة في بغداد، أو غيرها من مدن العراق، ويقتحم بها جمعاً هائلاً من الناس، لو كان واحد منهم يقول: "لا إله إلا الله" للحق بقاتله عذاب أليم، فكيف إذا كانوا كلّهم أو أكثرهم من المؤمنين؟ وكأن كثيرين نسوا الآية الكريمة في سورة "الفتح" التي تقول: "هم الذين كفروا وصدّوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفاً أن يبلغ محلّه ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء أو تزيلوا لعذّبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً" آية 25. هذه الآية نزلت في أيام المواجهات الحاسمة بين المسلمين والكافرين الذين حاربوا الإسلام بكل وسيلة، نزلت عندما أبرم المسلمون صلح الحديبية مع مشركي قريش، ورجعوا عن دخول مكة. وآلم ذلك بعضهم. فهم على حق والمشركون على باطل. وواساهم الله تعالى بهذه الآية الكريمة التي ذكّرتهم أنّ هناك مؤمنين ومؤمنات كتموا ايمانهم في مكة، ودخول المسلمين مكّة حرباً قد يؤدّي الى قتلهم. أشفق الله على المؤمنين الصادقين أن يقتلوا مؤمنين آخرين بغير قصد، فحذرهم بآية بيّنة تتلى الى يوم الدين. فكيف بنا في هذه الأيام، والمسلمون يقتل بعضهم بعضاً بقصد؟ أين هم من الإيمان؟ أما عن كرامة النفس الإنسانية في الإسلام وأما عن قتل النفس مهما كان دينها بغير حق، فحدّث ولا حرج. وكفى ان الله تعالى قالها في سورة الإسراء: "ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" آية 70. وقال تبارك اسمه في الآية 32 من سورة المائدة: "انه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً". فأيّ شرّ أشدّ من أن يهين انسان من كرّم الله؟ وأيّ ذنب أعظم من أن يقتل انسان الناس جميعاً؟ عسى أن يكون فيما قلت تذكرة، والله مع المؤمنين. عمان - خديجة محمد اسلام