«الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    حلاوةُ ولاةِ الأمر    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    الشيباني يحذر إيران من بث الفوضى في سورية    رغم الهدنة.. (إسرائيل) تقصف البقاع    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    تعزيز التعاون الأمني السعودي - القطري    المطيري رئيساً للاتحاد السعودي للتايكوندو    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    مليشيات حزب الله تتحول إلى قمع الفنانين بعد إخفاقاتها    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    جدّة الظاهري    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ارتفاع مخزونات المنتجات النفطية في ميناء الفجيرة مع تراجع الصادرات    وزير الطاقة يزور مصانع متخصصة في إنتاج مكونات الطاقة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    أمير الشرقية يرعى الاحتفال بترميم 1000 منزل    الأزهار القابلة للأكل ضمن توجهات الطهو الحديثة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    وهم الاستقرار الاقتصادي!    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    %91 غير مصابين بالقلق    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    البحرين يعبر العراق بثنائية ويتأهل لنصف نهائي خليجي 26    التشويش وطائر المشتبهان في تحطم طائرة أذربيجانية    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    حرس حدود عسير ينقذ طفلاً مصرياً من الغرق أثناء ممارسة السباحة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    ملك البحرين يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الترابي يكتب من سجنه عن الارهاب السياسي وتقويم الهجمات في اميركا : المجاهدون الراشدون يلتزمون التقوى ولا يبادئون بحرب ويحددون مدى المعركة بمراكز مدد العدو دون مس المدنيين 2
نشر في الحياة يوم 19 - 01 - 2002

} بعد أيام قليلة يوافى الشيخ حسن الترابي عيد ميلاده السبعين، كما يوافى ذات التاريخ - على الأغلب - أياماً جديدة تضاف إلى نحو 2500 يوم قضاها في سجون الرئيس السابق جعفر نميري وإلى أكثر من ثلاثمئة يوم ما يزال يقضيها في سجون تلاميذه السابقين.
وشهدت السجون الأولى ميلاد مؤلفاته الأولى "الصلاة عماد الدين" و"الايمان أثره في حياة الإنسان"، وتبلور نظرياته التي اشتهرت في "تجديد اصول فقه الأحكام"، و"تجديد الدين وتحديث حركة الإسلام" و"اصول الفقه السلطاني أو السياسي". أما التجربة الراهنة في السجن والخلوة والكتابة، فشهدت صدور الرسالة التي قوّم فيها سنواته في الحكم والسلطة، وما تنشره "الحياة" اليوم بعنوان "ظاهرة الإرهاب السياسي وتقويم حادثة سبتمبر في أميركا".
وإذ لا تخرج هذه الرسالة من السياق الفكري واللغوي المتين الذي يسم كتابات الشيخ حسن الترابي، فإن تجربة الاعتزال والتأمل في الأحداث الجسام التي هزت العالم فجر الحادي عشر من أيلول سبتمبر الماضي، وحركت الاساطيل والجيوش، وما أثارت من جدل فكري وسياسي بلغ حد المواجهة - في بعض المستويات - بين الإسلام والغرب، فإن مساهمة اليوم لمفكر من تيارات الصحوة الإسلامية، تعتبر مساهمة خاصة جديرة بالقراءة المتعمقة والنقاش الجاد.
يقارب الترابي موضوعه بثقافته الإسلامية الاصولية خصوصاً لجهة استيعابه وتوظيفه للنص القرآني وبمعرفته للقانون الدولي والدستوري، ثم تجربته في السياسة التي سلخ جل سنوات عمره الواعي ممارساً في ساحاتها. أن مسرح حادثة 11 أيلول هو الغرب في قلعته الحضارية الأولى أميركا، والشيخ الترابي هو من أكثر الإسلاميين تأهيلاً لمحاورة الغرب ومجادلته وتقديم الرؤى والمقترحات لعالم يسوده الحوار والسلام، كما تعبر عن ذلك كلماته في المقال.
كل هذه الصور من الإرهاب السياسي هوامش وملحقات قد تكتنف المدافعة والمجاهدة المشروعة ومما تكثر وصايا الدين لتحفظ المجاهدين من فتنته. وقد يقول القاعدون عن حركة المجاهدة المشروعة بحرمة اصل الخروج على ولاة الأمر ولو استبدوا وذلك كما يدّعون خوف الفتنة. وإذا قصدوا اتقاء الفوضى المترتبة من غاضبين ثوار لم يتفقهوا ليتبصروا الحكمة والتقوى في مسالك الجهاد ولم ينتظموا في خيار يستقر به استخلاف مطمئن، فذلك تقدير مقبول. ولكن غالب أولئك الذين يحاذرون ويرجئون إنما تأخذهم الرهبة من المخاطر لا يتوكلون على الله ويشترون بالإصلاح في الأرض جهاداً في سبيل الله ثمناً قليلاً، عاجلاً رغبة مما عند الظالمين الذين يستغلون الفتاوى ليسموا المجاهدة المشروعة للجبروت "إرهاباً". والمجاهدون الراشدون هم الذين يلتزمون التقوى التي تذكر بها آيات الجهاد ضابطاً من الجنوح، فلا يبادئون مسابقين بالحرب حيطة من عدوان مخوف أو غادر بل يأخذون حذرهم منتظرين مبادرة جانية من العدو أو ينبذون إليه عهد السلام على سواء إن خافوا من الخيانة، ولا يهدفون بالرمي في القتال إلا المقاتلين الأعداء بأعيانهم ولا يبسطون مدى المعركة إلا صوب مراكز مدد العدو سلاحاً أو مالاً من دون مس العامة المعتزلة القتال والقاعدة عنه - أو المدنيين كما يصطلح عليهم الآن - ومن دون نيل المحايدين الذين يسالمون الطرفين من حولهم، ويراعون حدود المكان والزمان الحرام بالعرف الجامع كمواقع العبادة والأيام الحرم، ولا يمضون لإبادة الطاغين وأشياعهم عداً بل لصد العدوان فقط ومهد السلم العفو العادل، ولا يرجعون على العدو بعد النصر لتمام تسوية ثأر وحساب قديم، وإنما غاية الجهاد إبطال عدوان الباطل لإحقاق الحق وكسر سد الجبروت لفتح الطلاقة والحرية للإنسان وبسط منهاج الإسلام المسالم المسامح الهادي الى البر والقسط لكل بني آدم.
ومعاني القرآن الهادية في مدى الحق والمباح والحرام من مظاهر القوة العنيفة بين الناس تبين في سياقها، ونذكر لها أمثلة فمنها في أصل السلام والدعوة بالحسنى والمتاركة والمبارّة رغم الخلاف بين الناس "لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم" سورة البقرة الآية 256، "واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذا قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنّك قال انما يتقبل الله من المتقين* لئن بسطت الى يدك لتقتلني. ما أنا بباسط يدي اليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين" سورة المائدة الآتيان 27،28، "قُل يا قوم اعملوا على مكانتكم اني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار انه لا يفلح الظالمون" سورة الأنعام الآية 135، "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" سورة يونس الآية 99، "وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون * وانتظروا إنا منتظرون" سورة هود الآيتان 121، 122، "قل كل يعمل على شاكلته فربُكم هو أعلم بمن هو أهدى سبيلا" سورة الإسراء الآية 84، "وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليك لا نبتغي الجاهلين" سورة القصص الآية 55، "وقيله يا رب ان هؤلاء قوم لا يؤمنون* فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون" سورة الزخرف الآيتان 88، 89. ومنها كف اليد والصبر بلا ركون لمن لا سبيل له على بلاء العدوان: "ألم تر الى الذين قيل كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريقٌ منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لو لا أخرتنا الى أجل قريب قل متاع الدنيا قليلٌ والآخرة خيرٌ لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا" سورة النساء الآية 77 "فاستقم كما أُمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنهُ بما تعملون بصير* ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون* وأقم الصلاة طرفي النهار وزُلفاً من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين* واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين" سورة هود الآيات 112 - 115، "وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خيرٌ للصابرين* واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون" سورة النحل الآيتان 126، 127. ومنها الإعداد والجهاد لدفع العدوان ومقاومة الجبروت وحماية المستضعفين دون المبادرة: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين" سورة البقرة الآية 190، "وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالمِ أهلُها واجعل لنا من لدُنك ولياً واجعل لنا من لدُنك نصيرا" سورة النساء الآية 75، "يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين* قالوا يا موسى ان فيها قوماً جبارين وانا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون* قال رجلان من الذين يخافون انعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين" سورة المائدة الآيات 21 - 23، "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيءٍ في سبيل الله يُوفَّ اليكم وأنتم لا تُظلَمون" سورة الأنفال الآية 60، "ألا تقاتلون قوماً نكثوا ايمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدؤكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق ان تخشوه ان كنتم مؤمنين" سورة التوبة الآية 13، "أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير* الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربُنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره ان الله لقويٌ عزيز" سورة الحج الآيتان 39، 40، "فما أوتيتم من شيءٍ فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون* والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون* والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون* والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون* وجزاؤا سيئةٍ سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله انه لا يحب الظالمين* ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل* انما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم" سورة الشورى الآيات 36 - 42. ومنها ألا هون واستسلام ولا سكون على ذلٍ بلا هجرة ولا رهبة أو رغبة تسكت عن الحاكم بهواه: "ان الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيمَ كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا* إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلا* فأولئك عسى الله ان يعفو عنهم وكان الله عفواً غفورا" سورة النساء الآيات 97 - 99، "إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونورٌ يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشونِ ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" سورة المائدة الآية 44، "فلا تهنوا وتدعوا الى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم" سورة محمد الآية 35، ومنها مراعاة التقوى في الدفاع وحفظ العهود والحدود الحرام المعهودة: "واقتلوهم حيث ثقفتموهم واخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين... الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا ان الله مع المتقين" سورة البقرة الآية 191 والآية 194، "وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ اليهم على سواء ان الله لا يحب الخائنين* ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا انهم لا يعجزون" سورة الأنفال الآيتان 58، 59، "إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئاً ولم يظاهروا عليكم أحداً فأتموا عهدهم الى مدتهم ان الله يحب المتقين... ان عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا ان الله مع المتقين" سورة التوبة الآية 4 والآية 36، "وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة بعد ان اظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا" سورة الفتح الآية 24. ومنها الجهاد للعدو لا تجاوزاً الى المسالم أو المحايد أو الموالي وراءه: "إلا الذين يصلون الى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاؤوكم حصرت صدورهم ان يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا اليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً... يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى اليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرةٌ كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا ان الله كان بما تعملون خبيرا" سورة النساء الآية 90 والآية 94، "هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفاً ان يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم ان تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيّلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً" سورة الفتح الآية 25. ومنها ان عاقبة النصر حرية المناصحة والشورى، وليس غل المال العام ولا الانتقام والبغي والظلم للناس: "وما كان لنبيٍ أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون" سورة آل عمران الآية 161، "يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدى ولا القلائد ولا آمّين البيت الحرام يبتغون فضلاً من ربهم ورضواناً وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنّكم شنئان قوم ان صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله ان الله شديد العقاب... يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنّكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون" سورة المائدة الآية 2 والآية 8، "الذين ان مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور" سورة الحج الآية 41، "انما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم" سورة الشورى الآية 42. ومنها الجنوح والعود للسلام والسكينة بعد الصراع ما تيسر: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان الا على الظالمين" سورة البقرة الآية 193، "وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله انه هو السميع العليم* وان يريدوا ان يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين" سورة الأنفال الآيتان 61، 62، "إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما" سورة الفتح الآية 26. أما سنن النبي صلّى الله عليه وسلّم مبسوطة في سيرته أواخر عهد مكة وفي المدينة.
والختام في لغة السياسة ومجاهداتها أن قد درجت فيها اليوم كلمة "الإرهاب" وصاحبها لحداثتها بعض إبهام ولكن أخذت رويداً تتميز تعبيراً عن الفعال العنيفة المبادرة غير المشروعة. واللغة في سياق العلاقات الاجتماعية الخاصة إذا أشارت لواقعة عدوة عنيفة حرام مرهبة للمصاب تعبر بكلمة الجناية والجريمة من مجرم فرد أو عصابة. أما إذا كان الخروج العنيف على
المعروف والمشروع في الحياة السياسية فكان عثواً وفساداً في الأرض وبغياً فذلك ما يسمى اليوم "إرهاباً". وإذا صدر العنف مدافعة مشروعة الأصل رداً على عادية وكان فاعلوها قوماً خواص هم في قلة وذلة عدا عليهم قوم آخرون غلبوا على السلطان أو كانوا من الرعية المعانية من تسلط غير مشروع وجبروت مفروض بالقوة يعارضونه ويدفعونه بما يكافئه، فتلك مجاهدة أو مقاومة، ولو تطاول عهدها وامتد وقعها فهي "حرب أهلية"، وإذا انتصرت كانت ثورة. وقد يغلب فيها فعل جانح غير مشروع ينسب الى كلمة الإرهاب لا سيما إذا امتد مداه وعهده فقد يسمى مرحلة للإرهاب أو عهداً. وإذا كانت المدافعة عنفاً لكن تتنزل بالحق من ذوي السلطة فهي عندئذ ضبط ونظام عام يصد البغي والتخريب والتهديد للأمن العام، وإذا توجهت ضد سلطان دولة اخرى فهي عمليات حربية. أما إذا كان السلطان المبادر ذا ولاية غير مشروعة لا يبسط القوة إلا تمكيناً لكرسيه فتلك طغوة من طاغ وهي إرهاب سلطاني مصابوه وضحاياه أكثر. وإذا جاشت الحرب التي بدأت دفاعية مشروعة لكن همرت في وحشية وعشوائية تضرب بسلاح ذري أو مدمدم أو مرضي سلك جنوحاً على الناس كافة وراء ساحة القتال وأبعادها فذلك من فرط ونكره وتجاوزه لحد العرف وتقوى الشرع هو أبلغ "الإرهاب". والسلطان الذي يتخذ العنف الباطش نهج سياسة للرعية إرعاباً وكبتاً بغير منجى أو متنفس لهم واستبداداً بغير لطف فذلك الطاغية الجبار إرهابي الوقع لا سيما بفنون القوة والرقابة المحيطة. لكن الإبهام الذي ما انفك بعد يكتنف كلمة "الإرهاب" جعلها عرضة لأن يصرفها الناس، يحبون مغازي المعانفة أو المدافعة فيصفونها تحية لها وإعلاناً بالكلمات الطيبة التي سبق ذكرها أو يكرهون فينبذونها بكلمة الإرهاب.
واللغة سلاح احتراب، فالخواص الناشطون دعوة قد يرمون بالإرهاب السلطان الذي يأخذهم بالقوة بالظلم أو بالحق، أما ذو السلطة والدولة الأوقع نفوذاً ودعاية فقد يطأون على الناس بالمراهب ويزيّنونها كأنها ضرورات نظام وأمن يقمع الفوضى أو يصبّون عليهم ويلات الحرب الحرام تعذراً بحاجات الدفاع الوطني الحاسم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.