اسدل البرلمان اللبناني أمس الستار على الاستحقاق الرئاسي وصوّت لمصلحة تعديل المادة 49 من الدستور، ما يتيح لرئيس الجمهورية اميل لحود تمديد ولايته 3 سنوات اضافية تنتهي في 23 تشرين الثاني نوفمبر 2007، بينما كان يُفترض ان تنتهي في تشرين الثاني المقبل. صوت لمصلحة التعديل 96 نائباً وعارضه 29، فيما تغيب ثلاثة نواب، وتخلل الجلسة التي ترأسها الرئيس نبيه بري وحضرها رئيس الحكومة رفيق الحريري الذي كان يلف كتفه الأيسر بفعل كسر اصابه اثناء وجوده في سردينيا، كلمات لعشرة نواب رفضوا التعديل. استهلت الجلسة التي حضرها 126 نائباً بتلاوة اسماء المعتذرين عن الحضور وبعد تلاوة الاسباب الموجبة للتعديل والتمديد تحدث النائب مخايل الضاهر بالنظام معترضاً على احالة مشروع التعديل على الهيئة العامة مباشرة من دون درسه في اللجان المختصة، واعتبر ذلك مخالفة، فقاطعه بري قائلاً ان المجلس عندما يأتيه مشروع دستوري عليه ان يأخذ به او يرده من دون ان يغير فيه، فرد الضاهر ان هذا غير صحيح فخاطبه بري بالقول: "اتركونا رايقين من اول الطريق. ولا تقاطعني" وبأن احالة المشروع الى اللجان للتعديل امر غير وارد. وذكّر بري الضاهر بقوله الضاهر ان بعض المشاريع يمكن ان يمر الى الهيئة من دون اللجان. اما النائب بطرس حرب الذي تحدث ايضاً بالنظام فأكد انه والضاهر متفقان ضد التصويت لأن قضية التعديل خطيرة. وقال: "بما ان المجلس كان سيتسابق مع مجلس الامن في شأن التعديل ومع صدور قرار مجلس الامن فلم يعد مبرراً السير في التعديل اليوم". ودعا الى اعادة المشروع الى اللجان لدرسه ومن ثم احالته الى الهيئة العامة. فقال بري ان المشاريع المتعلقة بتعديل الدستور تتحول مباشرة الى الهيئة العامة وهذا الامر ابطل دور اللجان. و"اذا اصررتما على تحويله الى اللجان لدرسه احيل الامر على التصويت"، فوافقا، فطلب بري عرض الاقتراح على التصويت فسقط. اذ صوت على الموافقة على احالة المشروع على اللجان النائب وليد جنبلاط وكتلته ونواب "لقاء قرنة شهوان" اضافة الى حرب والضاهر. ثم طلب جنبلاط الكلام بالنظام وخاطب الضاهر ممازحاً: "صحيح عندنا نظام داخلي، لكن نسي الشيخ مخايل الضاهر ان عندنا ايضاً نظام مضارب الشَعْرْ". فرد بري عليه "هذه قلة نظام". وهنا اعطيت الكلمة الاولى للنائب حرب وهو احد النواب التسعة طالبي الكلام فذكر بأن علاقة شخصية كانت تربطه بالرئيس لحود "الامر الذي جعلني هدفاً لانتقادات مغرضة واتهامات تافهة، والكل يعلم الدعم الذي قدمته له في بداية عهده اعتقاداً مني بأن ما احتواه خطاب القسم كان يستحق ذلك"، وأكد حرب ان موقفه الرافض للتعديل لا يتناقض مع حرصه على صون العلاقة الشخصية. وقال: "ان لبنان كان وسيبقى جزءاً اسياسياً من محيطه العربي وان سورية ستبقى شقيقته الاقرب والاعز حتى ولو اخطأت في حقه، ومهما تقلبت الظروف سيبقى لبنان وكل اللبنانيين عضداً لسورية في وجه اي شر. هذا اقتناعنا وهو موقف البطريركية المارونية التي اكدت نحن لسنا طلاب عداء ونزاع بل طلاب تعاون وأخوة ومودة". وأضاف: "بقي ان يدرك الاخوان السوريون وان يدرك بعض اللبنانيين ان العلاقات المميزة هي احترام سيادة كل من البلدين واستقلاله وحريته". وأضاف: "هناك ملاحظات كان لا بد منها لتفادي محاولات البعض تخوين من لا يشاركهم الرأي والاتهامات الكلاسيكية التافهة بالعمالة ومعاداة سورية". وقال: "ان موقفنا الرافض للتعديل نابع من اقتناعنا بأنه مخالف للدستور". وقال: "بما انه ثبت لدينا ان قرار التمديد قد اتخذ في سورية ومن الحكم السوري ولأن انتخابات الرئاسة شأن لبنان ولأن ما جرى يخالف مضمون اتفاق الطائف وهو بمثابة مصادرة لقرار اللبنانيين الحر وخرق لسيادة لبنان. ولأنني غير مقتنع بأي من الاسباب الموجبة وباسمي وباسم من امثل ارفض المشروع المقترح وأرفض الموافقة على التعديل". ووصف الضاهر اليوم الذي اقر فيه ب"السبت الاسود". وقال ان "المشروع يتضمن مخالفات عدة للدستور اولها للمادة 76 لناحية ان مجلس الوزراء اقر تمديد ولاية رئيس الجمهورية من دون ان تذكر فقرة لمرة واحدة وبصورة استثنائية وكذلك لم يرد انه جاء بناء لاقتراح رئيس الجمهورية، وللمادة 49 لناحية ان الرئيس يأتي بالانتخاب والاقتراع السري". وقال النائب صلاح حنين: "ان المجلس النيابي لم يمنع خرق الدستور في هذه اللحظة التاريخية". وقال: "كان يفترض ان تكون العلاقة بين لبنان وسورية علاقة الرضى والمنفعة المشتركة للبلدين وليس لأفراد معدودين في كل منهما". وسأل: "هل تحول الوجود السوري في لبنان علناً من وجود يساعد على بلورة القرار اللبناني الى وجود لقمع هذا القرار؟". وقالت النائبة نائلة معوض "اننا نجتمع خلافاً للاجماع الوطني، مستخدمين المؤسسات الدستورية لخرق الدستور وضرب الوفاق الوطني"، واصفة هذا اليوم بأنه "يوم اسود في تاريخ لبنان". وأكدت انها ليست "ضدّ لحود شخصياً لكن هل نؤمن فرض التمديد من الخارج وبالضغط على النواب واخضاعهم لقرار لم نؤمن له حفظ ماء الوجه، هل نؤمن اجماعاً حماية للعلاقات اذا كانت تتناقض مع السيادة اللبنانية ويحول لبنان الى ساحة تجاذبات دفعنا ثمنها غالياً؟ هل في ذلك مصلحة وطنية؟". ووصف النائب انطوان غانم التعديل بأنه "ابن ليل دامس استغرقت ولادته دقائق معدودة.. يفتقر الى صفتي الديمومة والشمولية وحولنا، بالطريقة والاخراج المذلين، الى امة مسلوبة الارادة". وختم ببيت شعر طلب بري شطبه من المحضر وهو "لما كانت الحسناء لترفع سترتها/ لو كان بين هذه الجموع رجال". وقال الوزير فارس بويز ان "هناك معركة على المواقع العربية كافة"، معتبراً ان "المواجهة مفروضة علينا". وأكد ان "لبنان وسورية لا يتحملان مزيداً من الخسائر ولا تتحمل الازمة تمديداً ولا الوطن تعديلاً". وأوضح النائب روبير غانم ان "الضغوط الدولية أخرجت الاستحقاق الرئاسي من لبنانيته وأضاعت عليه فرصة اللبنانية وتداول السلطة"، معتبراً ان "خطورة التدويل على الاستحقاق تضرب الشراكة اللبنانية - السورية". وقال ان "الخيار الوطني يتستدعي تجاوز تعديل الدستور على رغم انه يتناقض مع قناعاتنا". واعتبر النائب اكرم شهيب ان التعديل "عامل سلبي يضعف الوحدة الداخلية وفخ لا لزوم له للانقضاض الخارجي المنتظر". وقال شهيب: "كنا نريد لهذا الاستحقاق ان يتحول مناسبة للوحدة الوطنية والوفاق ما من شأنه ان يطور العلاقات بسورية وينمي القدرات المشتركة لمواجهة المخاطر المحدقة بالبلدين"، متمنياً "لو تم التعامل مع مشروع الحزب التقدمي الاشتراكي حول اللبننة العربية للاستحقاق ببنوده العشرة بما يستحق من اهتمام". واستنكر تدخل مجلس الأمن والمبادرة الاميركية - الفرنسية. وقال النائب مصباح الأحدب ان التمديد 3 سنوات ستكون "3 سنوات جديدة ترهق المواطن وتخضعه لمزيد من الضراب والقمع والاضطهاد"، معتبراً "اننا لن نعرف خلال هذه السنوات الثلاث اين ستكون السلطة أفي مجلس الوزراء مجتمعاً كما ينص الدستور أم سنتجه نحو نظام رئاسي". واستغرب "عدم جعل الاستحقاق مناسبة للنقاش وايجاد الحلول للمشكلات التي تواجهنا"، مؤكداً "اننا في الخيارات الاستراتجية حلفاء لسورية". وذكر النائب نسيب لحود بمعارضته التمديد عام 1995 للرئيس الهرواي وبما قاله ان "التمديد في ظاهرة لمصحلة رئيس الجمهورية لكنه ضد مصلحة رئاسة الجمهورية". وجدد النائب لحود "رفضنا القاطع لسياسة الفرض والاملاء والأمر الواقع والاستهتار بارادتنا ومنعنا من التغيير، وللخفة في التعاطي مع الدستور والعبث بمواد اساسية فيه، والتمديد لواقع الفساد والازمة الاقتصادية والبطالة والهجرة، ولتكرار محاولة فرض النظام الأمني". ودعا الى "استعادة لبنان سيادته وحرية قراره وبناء شراكة استراتيجية مع سورية لمواجهة المخاطر". ورأى ان "لبننة الاستحقاق ذهبت في الاتجاه المعاكس نتيجة الافراط من قبل القيادة السورية في مصادر القرار اللبناني وتراجع بعض المسؤولين عن معارضتهم التمديد تحت الضغط والاكراه ما أدى الى النتائج الكارثية وادخال سورية ولبنان في مواجهة مع الشرعية الدولية، ان الافراط في وضع اليد السورية على هذه الانتخابات هو الذي استجلب هذا التدويل وتلك المواجهة مع الشرعية الدولية. وقال: "نحن على مفترق خطر".