جاء الانجاز الذي حققه الملاكم البريطاني الباكستاني الاصل امير خان، بإحرازه فضية وزن خفيف الثقيل في الاولمبياد الاخيرة، في احلك الاوقات والظروف. فبروزه في سن السابعة عشرة ومفاجأة حصوله على الفضية، جعلتا البريطانيين يفتخرون بمسلميهم، مثلما افتخر مسلمو بريطانيا ببريطانيتهم، فالصورة التي جمعت والد امير خان وهو يرتدي سترة تحمل العلم البريطاني محتضناً رجلاً بديناًُ حليق الشعر توحي ملامحه انه من "الحزب الوطني البريطاني" اليميني المتطرف والعنصري، عنت الكثير خصوصاً لمسلمي بريطانيا وهم يرون مئات المشجعين البيض تشجع امير خان وتحضه على الفوز، فهم يمرون بأصعب الظروف في ظل استهدافهم عشوائياً. فلم يعد الحديث الا عن كيفية استغلال الثروة الوطنية التي يمثلها امير خان، وكيفية توظيف موهبته لخدمة "بلده". فلم يحظ احد من الملاكمين بمثل هذه الشعبية منذ ايام "البرنس" نسيم حميد اليمني الاصل، الذي يجمع المتابعون على انه لن يعود نهائياً الى الحلبة، وانه اعلن اعتزاله بصورة غير رسمية، خصوصاً ان كل من التقاه في الآونة الاخيرة يؤكد انه اصبح مرشحاً لخوض منافسات وزن الثقيل بدل الريشة، بعدما زاد وزنه بصورة لافتة، في ظل عزوفه عن التدريبات وانشغاله بأعماله الخاصة، ومع ذلك فهو دائماً يؤكد انه يدرس منازلة هذا الخصم او ذاك ويدرس هذا العرض وذاك من دون اي فعل حقيقي" فالرهان على عودته اصبح غير منطقي وبعيد التحقيق. علماً بأنه خاض 37 لقاء فاز ب32 منها بالضربة القاضية ولم يخسر سوى لقاء واحد في أيار مايو 2001، ولعب بعد هذه الهزيمة لقاء واحداً بعدها بعام فاز فيه بصعوبة وترك الحلبة تحت صيحات الجماهير واستهجانهم. ولكن الرهان الآن على امير خان الذي كانت تشهد مدينته بولتون الشمالية القريبة من مانشستر مشادات عنصرية بين حين وآخر، لكن جميع سكان هذه المدينة، بيضاً وآسيويين وسوداً، مسيحيين ومسلمين، سرعان ما كانوا يجتمعون حول جهاز تلفزيوني واحد ليشدوا من أزر بطلهم الجديد. وعندما سئل امير عن ان كان تلقى اي اتصالات من البرنس نسيم، خصوصاً ان مقارنات وتشبيهات عدة اثيرت بينهما، قال انه تلقى اتصالاً واحداً من البرنس حثه فيه على مواصلة الجهد، ولكن امير خان لم يبد اي فخر بهذه المقارنات، وكأنه يقول "انا ملاكم مختلف" رغم ان اوجه التشابه لا تكمن في طرق اللعب او الفئة الوزنية وانما بالخلفية الاسلامية. ففي حين اعتلى منزل عائلة خان 19 علماً بريطانياً فإن الصحف المحلية خرجت بعناوين "نحيي اميرنا" و"امير قلب الاسد"، فيما علق احد المسؤولين في البلدية المحلية: "افتخر عندما ارى الجميع هنا من كل الطوائف والاديان تساند امير وتشجعه، انه لشيء جميل لأننا جميعاً بريطانيون". في حين رفع مسجد "نور الاسلام" اكبر جوامع المدينة، شعارات مؤيدة لأمير الذي درس لثلاث سنوات فيه. وقال امام المسجد مولانا عبدالحفيظ ابراهيم: "كنت احث المصلين على الدعاء لأمير ونصرته".