يقول شفيق قزاز "وزير المساعدات الانسانية والتعاون" في حكومة اربيل ان "جفرافية كردستان العراق حساسة كونها تحاذي ثلاث دول: تركيا، ايران وسورية تضم اقليات كردية على الحدود تتأثر مباشرة بما يحصل في كردستان العراق من تطورات". ولفت الى ان "هذا مصدر قلق رئيسي للجيران خصوصاً تركيا"، التي تضم بين 12 و18 مليون كردي، يشكلون نسبة 20 في المئة من سكانها تقيم غالبيتهم في مناطق محاذية لكردستان العراق. ويلاحظ ان اكراد تركيا يتفاعلون كثيراً مع اكراد العراق ويتعاطفون معهم: يشاهدون تلفزيوناتهم، ويتأثرون باعلامهم علماً بأنهم يشاركونهم نفس التقاليد والعادات. وعلى رغم ان الدول الثلاث المجاورة لكردستان تشارك القلق نفسه تقريباً من طموحات مواطنيها الاكراد، يلاحظ ان تركيا اكثر خشية من جارتيها من احتمال تأثير انفصال اكراد العراق على اكرادها. وهذا القلق، الذي لا يخفيه المسؤولون الاتراك، ينعكس بصورة مباشرة على سلوك سلطات الحدود التركية مع حركة العبور على معبر ابراهيم الخليل، الذي يعد المصدر الرئيسي لواردات اقليم كردستان العراقي. فأول ما يلفت النظر على الحدود طوابير الشاحنات على الجانب التركي تقدر بالمئات تنتظر الدخول الى كردستان. لكن العجب يتضاعف بعد مشاهدة أضعاف هذا العدد من الشاحنات على الجانب الكردي من الحدود زافو يمتد لعدة كيلومترات تنتظر العودة الى تركيا. ويشرح مسؤولون اكراد ان انقرة تحاول التضييق ما أمكنها ذلك على اقليم كردستان، وتستخدم معبر ابراهيم الخليل ذريعة وسبباً لممارسة ضغوط سياسية واقتصادية، وتعمد الى إغلاق المعبر أحياناً لأيام من دوت تبرير. وأوضح هؤلاء بأن سلطات الحدود التركية تسمح بدخول ألف شاحنة يومياً الى كردستان العراق وخروج 700 فقط. وهذا سبب تراكم الشاحنات في الجانب الكردي من الحدود. ويلفت الاكراد الى ان حركة التجارة بين تركياوالعراق عبر كردستان مجزية كثيراً للأتراك ايضاً، وخصوصاً المناطق الحدودية. ويضيفون ان الرسالة التي يوجهها الاتراك من هذا "التضييق" هي عدم كفاءة الاكراد على ادارة المعبر وعدم قدرة المعبر على استيعاب العدد المتزايد من الشاحنات، واقترحوا في المقابل فتح معبر آخر يستوعب الزيادة المضطردة في حركة التجارة بين تركياوالعراق. ويقول الاكراد ان "الحجج التركية واهية. ففي عامي 1996 و1997 كانت حركة التجارة تتعدى ثلاثة آلاف شاحنة دخول وخروج من المعبر نفسه". ومع ذلك، ولدفع الحجج التركية، اقترح الاكراد توسيع معبر ابراهيم الخليل او انشاء معبر ثان مجاور، لكن انقرة رفضت. ويكشف الاكراد عن خطة تركية لفتح معبر ثان في منطقة تلعفر ذات الاكثرية التركمانية لتهميش معبر ابراهيم الخليل بهدف اضعاف الاكراد اقتصادياً. ويقول الاكراد ان المعبر المقترح بعيد عن طرق المواصلات الرئيسية التي تربط تركيابالعراق عبر كردستان، مما يحتم بناء شبكة طرق رئيسية جديدة تستغرق وقتاً طويلاً، وتعيق الى حد كبير حركة التجارة بين المنطقتين. وما زالت هذه النقطة محل تجاذب بين الاتراك والاكراد الى ان جاءت احداث تلعفر والاشتباكات العنيفة فيها في منتصف هذا الشهر لتلقي شكوكاً على امكان نجاح الاتراك في فتح معبر ثان في هذه المنطقة. وعلى رغم تشدد تركيا في تعاطيها مع اكراد العراق لكنها تواجه، من جهة اخرى، مشكلة كبرى مرتبطة بعلاقتها بأكراد العراق واكرادها ايضاً، تتمثل في رغبتها دخول السوق الاوروبية المشتركة. ومن المعلوم ان الاتحاد الاوروبي يطالب تركيا باجراء اصلاحات كبيرة في بنيتها السياسية والاقتصادية شرطاً لدخولها الاتحاد. ومن هذه الشروط احترام حقوق اقلياتها القومية وتحسين سجل حقوق الانسان وغيرها من المطالب. والمعضلة التي تواجهها تركيا تتمثل في كيفية المواءمة بين رغبتها في دخول السوق الاوروبية وعدم التهاون مع التطلعات القومية للاكراد التي تخشى من احمال ان تؤدي الى انفصالهم. ولا يبدو ان تركيا حسمت خيارها بعد. الأمن أبرز الانجازات أول ما يلفت زائر "كردستان العراق" استتباب الأمن في أرجائها. وعن ذلك يقول "وزير الداخلية" في الحكومة الاقليمية في اربيل كريم سنجاري: "منذ انتفاضة 1991 ضد نظام صدام حسين وبسط سيطرتنا على المنطقة سحب صدام كل المؤسسات من الاقليم لمعاقبتنا من ناحية وظناً منه بعجزنا عن ادارة شؤوننا بأنفسنا. وشكل ذلك التحدي الأول لنا فبدأنا بانشاء كافة الأجهزة، لا سيما الأمنية. واكتسبنا طيلة هذه السنوات خبرات حتى أصبحت أجهزتنا فاعلة جداً، واستتباب الأمن خير شاهد على هذه الانجازات". وأضاف "لدينا أكاديمية عسكرية ذات مستوى عال شهد به الاميركيون. ونستقبل حالياً مجموعات من الشرطة من النجف وكربلاء يجرون دورات تدريبية. وعرضنا على الحكومة العراقية تدريب كوادر الشرطة العراقية وعناصرها في هذه الاكاديمية والاستفادة من خبراتنا بدل التدرب في الخارج. فالتدريب عندنا أقل كلفة من بدل السفر الى الأردن مثلاً". وأضاف: "بدأنا باستخدام تقنية البصمات في التحقيقات. ونوفر هذه الخدمة حالياً الى كل محافظاتالعراق". وأوضح ان "التحدي الأمني الأبرز يأتي من الاسلاميين المتطرفين الذين يتعاونون مع فلول نظام صدام، فضلاً عن المجرمين الذين أطلقهم صدام قبل الحرب بأشهر في ما عرف بالعفو العام، وهؤلاء مجرمون خطرون ينفذون أعمالاً ارهابية بالأجرة". وأضاف ان "عناصر أنصار الاسلام كان يشكلون خطراً حقيقياً على الأمن فطاردناهم ففروا الى حلبجة والجبال المحيطة المحاذية لايران". ورداً على سؤال عن وجود اسرائيليين في كردستان أجاب سنجاري: "لا وجود اسرائيلي في كردستان. هذه إشاعات تطلقها جهات حاقدة على الأكراد". واستدرك قائلاً: "هناك احتمال وجود بعض اليهود من أصل كردي، لكن أؤكد عدم وجود اسرائيليين هنا".