استقبل بعض سكان البحرين والمنطقة الشرقية في السعودية وزوارهما نبأ وصول فيلم محمد سعد، "عوكل"، الى دور العرض السينمائي في البحرين، بحفاوة، تمثلت في ازدحام صالة عرض الفيلم يومياً، في الأسابيع القليلة الماضية، على رغم انه يعرض في أكبر الصالات على الاطلاق في مملكة البحرين. امرأة سعودية كانت تناقش زوجها، بعد ان رأت صورة يسرا على احدى اعلانات فيلم يوسف شاهين "اسكندرية - نيويورك" الذي يعرض تزامناً مع عرض "عوكل". بدت المرأة وكأنها تحاول التعبير عن رغبتها في حضور الفيلم. "الفيلم ليوسف شاهين، مخرج "سكوت حنصور"، لن تفهم شيئاً من الحكاية"، يقول الزوج، في الوقت الذي اقتنعت فيه المرأة برأي زوجها واختارا فيلم "الملك آرثر" كسهرة الليلة. لعله من الصعب تحديد معايير أكثر الافلام نجاحاً، لكنها بالتأكيد ليست تلك التي تحظى باهتمام النقاد، بل قد تكون الافلام التي تعرضت لانتقادات كثيرة، الاكثر حضوراً. كما ان فكرة الفيلم او قصته ليست بالضرورة عاملاً كافياً لجذب الجمهور الخليجي او غيره، فلم يهتم الجمهور بمشاهدة الفيلم الذي رفضته ادارة مهرجان نيويورك السينمائي، او علاقة شاهين بأميركا، أو نظرته النقدية الى السياسة الأميركية، بقدر اهتمامه في ماذا سيقدم محمد سعد في "عوكل"، خصوصاً بعد "اللمبي" و"اللي بالي بالك" اللذين تصدرا الايرادات في العامين الماضيين. حتى لو كان فيلم - عوكل - قد واجه انتقادات، فهذا الجمهور يعرف جيداً ما يريد. "نحتاج الى ساعة من الضحك، ولا يهمنا ما يقول النقاد"، يقول عايض القحطاني وهو مشرف طلابي في احدى الجامعات السعودية. ويضيف: "لقد أثبت محمد سعد انه الكوميدي الاول في العالم العربي، على الأقل من وجهة نظري ومن حولي، ولا أستطيع تفويت اي من افلامه، ما لم يظهر من يغنيني عنه"! القحطاني ليس الوحيد، الذي يهتم بما سماه "كوميديا" في السينما، فبمجرد ان نقارن بين نسبة حضور "عوكل" في دور السينما في البحرين، والكراسي القليلة التي جلس عليها مشاهد "اسكندرية - نيويورك" أو أفلام اخرى، او نقرأ عن اكثر الافلام تحقيقاً للايرادات هذا العام في الدول العربية، وتحديداً مصر، قد تكتشف تشابه الذائقة السينمائية لدى معظم المشاهدين العرب مهما طالت المسافات بينهم. في البحرين، وتحديداً في الاسابيع القليلة الماضية، كان نادراً ان تجد من أحب السينما الشاملة او سينما السيرة الذاتية، كتلك الموجودة في فيلم شاهين، وكثيرون أغرموا بكوميديا "عوكل"، وملاحم هوليوود المكررة ك"الملك آرثر". والكثيرون ايضاً تبع الضجة الاعلامية التي سبقت فيلم مايكل مور "فهرنهايت 9/11"، لكنه لم يتبع ضجة "اسكندرية / نيويورك" على رغم اعتبار البعض اياه أجمل وأبسط ما حقق شاهين خلال السنوات الاخيرة - هل يكون هو سبباً في ذلك؟ بالطبع لم يكن لصناع السينما دور في ما اختار الجمهور، فقد كان الاخير صاحب قراره. واذا كان هناك من بحث عن الضحك في الافلام العربية، فالشباب المهووسون في هوليوود نبذوا كل ما هو عربي، تماماً كاسكندر في فيلم شاهين الذي نبذ أباه ايضاً بكونه عربياً. "يستحيل ان أشاهد فيلماً عربياً، ولا أظن ان العرب يعرفون صناعة السينما"، يقول ناصر السيف 24 عاماً. فيما يرى زميله ماجد الرشيد 23 عاماً انه "لا يوجد فيلم عربي يستحق عناء المشاهدة، وأتمنى ان أكون مخطئاً، لكنني لن أجرب مشاهدة فيلم عربي"! بقي ان نذكر ان من شاهد في البحرين "عوكل" او "الملك آرثر"، ولم يشاهد "اسكندرية / نيويورك" فقد فوت فرصة التفريق بين الافلام الممولة عربياً أو هوليوودياً، والافلام التي ساهمت الاموال الفرنسية في انتاجها، وربما يكون فوت فرصة التعرف الى ممثلين عربيين حقيقيين كأحمد يحيى ويسرا اللوزي اللذين برع شاهين في ادارتهما وقدمهما، كعادته، هدية كنجمين جديدين للسينما المصرية.