دخلت العلاقات بين المغرب وجنوب افريقيا أزمة قطيعة بعد سحب الرباط سفيرها في بريتوريا طلال الغفراني أول من امس احتجاجاً على اعتراف جنوب افريقيا ب"الجمهورية الصحراوية" الذي دخل حيز التنفيذ أول من امس، وقال بيان رسمي ان المغرب قرر دعوة سفيره "للتشاور وتقويم القرار المنحاز والمفاجئ وغير الملائم"، في حين أعرب المغرب في بيان للخارجية عن "أسفه وخيبة أمله إزاء السياسة الخارجية التي تنتهجها حكومة جنوب افريقيا". ورأت الرباط ان قرار بريتوريا "منحاز ومفاجئ وغير ملائم"، مؤكدة انه "يتناقض وجهود الأممالمتحدة من أجل ايجاد تسوية عادلة وواقعية ومقبولة من الأطراف المعنية بالنزاع كافة"، وانه "لأسباب غير مفهومة، اتخذت أخيراً مبادرة لتشجيع الجهود الدولية من خلال اقتراحها استضافة اجتماع في بريتوريا" في اشارة الى اقتراح عبرت عنه لدى مشاركة وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى في اجتماع وزراء خارجية دول عدم الانحياز الشهر الماضي في جنوب افريقيا. وكذلك زيارة وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى الى جنوب افريقيا صيف العام الجاري لحضها على إعادة النظر في قرار الاعتراف ب"الجمهورية الصحراوية". وعزت مصادر رسمية عدم انعقاد اجتماع بريتوريا الى تزامنه والجولة التي كان بدأها الى المغرب الوسيط الدولي الجديد المكلف نزاع الصحراء الفارو دي سوتو في 6 و7 الجاري. لكن المسؤول الدولي الذي زار الجزائر أول من امس ومخيمات بوليساريو قبل ذلك، نقل عنه بعد اجتماعه الى وزير الخارجية الجزائري عبدالعزيز بلخادم ان زيارته الى المنطقة هدفها "البحث عن حل سياسي مقبول من الطرفين يستند الى تقرير المصير". وكان مقرراً ان يكمل جولته في منطقة الشمال الافريقي بزيارة موريتانيا امس. ويأتي اعتراف جنوب افريقيا ب"الجمهورية الصحراوية" في ضوء التحركات الفرنسية والاسبانية لعقد مؤتمر رباعي يجمعهما الى جانب المغرب والجزائر برعاية الأممالمتحدة، لايجاد حل سياسي للنزاع. في حين يعرض العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال زيارته الى نيويورك في العشرين من الشهر الجاري أمام الأممالمتحدة خطة متكاملة عن "صيغة الحكم الذاتي الموسع في اقليم الصحراء". ويعتقد المغاربة ان موقف جنوب افريقيا تم بتنسيق كامل مع الجزائر هدفه التشويش على المبادرة المغربية الجديدة، كما انه يخلق واقعاً جديداً أمام دول الاتحاد الافريقي الذي كان المغرب يعول على دعمها صيغة الحل السياسي في اطار السيادة المغربية، خصوصاً في ضوء نتائج جولة العاهل المغربي الى كل من الغابون والسنغال والنيجر والكاميرون وبوركينا فاسو. ما يعني وفق المصادر ذاتها ان ملامح صراع جديد بين افريقيا الفرانكفونية وافريقيا الانغلو - ساكسونية بدأت على خلفية الموقف من نزاع الصحراء. ويقول المغاربة ان حوالى 35 دولة من افريقيا وآسيا واميركا اللاتينية علقت اعترافها ب"الجمهورية الصحراوية" في السنوات الأخيرة. وان مفهوم دعم تقرير المصير يتناقض واستباق موقف السكان المعنيين، لكن منظمة الوحدة الافريقية سبق لها الاعتراف ب"الجمهورية الصحراوية" في تشرين الثاني نوفمبر 1984 ما حدا بالمغرب الى تعليق عضويته في المنظمة، الا انه لم يلتحق بالاتحاد الافريقي البديل بسبب استمرار وجود بوليساريو. وثمة من يذهب الى تأكيد ان استقالة الوسيط الدولي السابق جيمس بيكر لها تداعيات على الموقف، على رغم ان الرباط حققت اختراقاً ملحوظاً من خلال تحسين علاقاتها مع اسبانيا اثر مجيء الاشتراكي خوسي زباتيروا الذي قام مسؤولون في حكومته بمساع وفاقية لحل نزاع الصحراء.