دخلت العلاقات الديبلوماسية بين الرباطوبريتوريا حال من التوتر بعد يوم من اعلان الاخيرة الاعتراف ب"الجمهورية الصحراوية" واستداعاء المغرب سفيره لدى جنوب افريقيا للتشاور. ونقل عن بيان لوزارة الخارجية المغربية أنّ الرباط تلقّت قرار بريتوريا الذي اعتبرته "مفاجئاً ومخيباً"، فيما قال رئيس جنوب إفريقيا ثابو مبيكي أمس، انه يؤيد فكرة تقرير مصير الشعب الصحراوي ويعتبر عدم تسوية قضية الصحراء الغربية بعد عقود من الصراع "عاراً كبيراً". راجع الصفحة 6 ووصف ديبلوماسي مغربي مخضرم خطوة جنوب افريقيا، في وقت يواصل الوسيط الدولي في نزاع الصحراء ألفارو دي سوتو زيارة الى منطقة الشمال الافريقي، بأنه يتجاوز مبادرة كانت حكومة بريتوريا نفسها تعتزمها لجمع الأطراف المعنية الى مائدة مفاوضات في الأسبوع الأول من الشهر الجاري، ويؤثر في جهود الأممالمتحدة عشية مناقشة ملف الصحراء في الأممالمتحدة. وقال ان جنوب افريقيا التي شهدت علاقاتها مع المغرب تحسناً مطرداً في الشهور الأخيرة بلغ الإعداد لإبرام اتفاقات اقتصادية وتجارية مهمة تطول الطاقة والتنقيب عن المعادن، لم تكن لتقدم على خطوة الاعتراف ب"الجمهورية الصحراوية" لولا اعتبارات اقليمية ودولية. وسبق لها في الأسابيع الأخيرة ان ابلغت الرباط بعزمها على اتخاذ موقف من نزاع الصحراء، لكن زيارة سرية لوزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى في آب اغسطس الماضي ارجأت ذلك، ما يفسر مضمون موقف الخارجية المغربية الصادر أول من أمس الذي تحدث عن الموقف "المنحاز والمفاجئ وغير الملائم"، ووصفه وزير الاتصال الاعلام المغربي الناطق باسم الحكومة نبيل بن عبدالله بأنه "يناقض مبدأ تقرير المصير الذي يفترض ان يستند الى ارادة السكان في التعبير". ورد المغرب بسحب سفيره الديبلوماسي طلال الغفراني من جنوب افريقيا أول من امس في اشارة الى احتمال قطع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين أو تعليقها في أدنى تقدير. بيد ان أبرز تداعيات موقف جنوب افريقيا الذي يدعم بوليساريو في "الاتحاد الافريقي" تكمن في محاولة قطع الطريق على اكثر من مبادرة تقودها عواصم افريقية صديقة للمغرب لتأمين انخراطه في الاتحاد الافريقي، وهو ما ترهنه الرباط بتعليق عضوية "الجمهورية الصحراوية". وكانت دول افريقية مثل السنغال والكاميرون والغابون بصدد بلورة مبادرة في هذا السياق، كما جرت اتصالات بين المغرب وليبيا التي توسط المغرب في خلافاتها مع موريتانيا حول الموضوع ذاته، خصوصاً في ضوء انتساب المغرب الى تجمع بلدان الساحل والصحراء الذي أسسه الزعيم الليبي معمر القذافي. وتعتبر الرباط ان خطوة بريتوريا جاءت بإلحاح جزائري أرفق في الآونة الاخيرة ببعض الصفقات التجارية والتسليحية. كما ان وزيرة الخارجية الجنوب افريقية متعاطفة مع الجزائر حيث أقامت بضع سنوات ايام الحكم العنصري، وهي لعبت دوراً اساسياً في القرار الاخير. ولفت بعض المصادر الى ان بريتوريا ابدت مراراً رغبتها في الاعتراف ب "الجمهورية الصحراوية" وارجأت ذلك لاتاحة الفرصة للحلول المطروحة، إلا ان قرارها جاء ايضاً على خلفية "تصفية حسابات" مع المغرب الذي استطاع استقطاب أصوات جميع الاعضاء الافارقة في التصويت لاستضافته مونديال كرة القدم سنة 2010 الذي فازت فيه جنوب افريقيا بفارق صوت واحد. ومع ان المصادر قللت من أهمية هذا الاعتبار تفسيراً لقرار بريتوريا، إلا أن حدود التفريق بين السياسة والرياضة في تظاهرات كهذه قد لا تكون قائمة. مبادرة جديدة الى ذلك توقعت المصادر ان يعرض العاهل المغربي الملك محمد السادس مطلع الاسبوع المقبل مبادرة جديدة لحل نزاع الصحراء على الاممالمتحدة التي سيزورها في العشرين من الشهر الجاري. وتستند المبادرة الى دعم كل من مدريد وباريس. وارجأ الملك في الايام الاخيرة زيارة للمحافظات الصحراوية الى ما بعد عودته من نيويورك، في حين قطع اعتراف جنوب افريقيا ب"الجمهورية الصحراوية" ما تبقى من حبال الود بين الرباطوالجزائر. اذ يرى أكثر من مراقب مغربي ان الديبلوماسية الجزائرية لها يد في ذلك الاعتراف. وكان جدل حاد جرى بين وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى ونظيره الجزائري عبدالعزيز بلخادم خلال مؤتمر دول عدم الانحياز في جنوب افريقيا. وفهم المغرب دعم بريتوريا لتوصية جزائرية على أنه عنوان تنسيق بالغ بين البلدين.