جدد رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري اعلانه ان حكومته "ستستقيل قبل نهاية أيلول سبتمبر الجاري"، واصفاً ذلك ب"الطبيعي". وأشار الى ان "البرلمان يقرر ما اذا كنت سأشكل الحكومة المقبلة ام لا، لكنني سأستقيل قبل نهاية الشهر". وتجنب الحريري الحديث عن القرار الدولي الرقم 1559 من دون ان يقلل من تأثيره، املاً بأن "يتمكن لبنان من تخطي المشكلات والتحديات وان ينجح في مواجهتها من خلال الحوار ودعم اصدقائنا في العالم"، نافياً "ان يكون لبنان في عزلة دولية" ومؤكداً "انه منفتح على كل البلدان في العالم". وطالب اسرائيل بالتزام مقررات الأممالمتحدة والانسحاب من الأراضي العربية "لتحقيق السلام من أجل احفادنا وأحفادها". ولاقت مواقف الحريري الذي كان يتحدث في برشلونه عقب تسلمه جائزة برنامج الأممالمتحدة ل"المستوطنات البشرية" تقديراً لجهوده في "اعادة اعمار لبنان" على هامش افتتاح المنتدى العالمي الحضري الثاني الذي يشارك فيه الآلاف، صدى ايجابياً وبخاصة من ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان والأمينة العامة التنفيذية للجنة الاقتصادية لغرب آسيا اسكوا ميرفت التلاوي التي اعتبرت ان "على اسرائيل ان ترد على هذا النداء". وألقيت في افتتاح المنتدى كلمات عدة أشار معظمها الى تجربة لبنان ودور الحريري. ومن أبرز المتحدثين الأمينة التنفيذية لبرنامج الأممالمتحدة للاسكان "هابيتات" آنا تباي جوكا وتلاوي وكذلك رئيس المنتدى رئيس بلدية برشلونة خوان كلوس الذي وألقت تلاوي كلمة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الذي اعتبر ان "العولمة تستمر في تقريب البلدان والشعوب بعضها من بعض"، مشدداً على "وجوب ان تتحول مدن العالم الى أمثلة حقيقية للشمولية والمساواة". ثم تحدثت تلاوي بصفتها أمينة تنفيذية ل"اسكوا" عن بيروت مشبهة اياها ب"فيينا. وعبرت عن صدمتها ب"التغيير الذي شهدته"، معتبرة ذلك "أعجوبة حقيقية او معجزة". وأوضحت انها رشحته للجائزة لأنه "أظهر للعالم ان لدى الشرق الأوسط أفكاراً تنموية ايجابية وليس فقط حروب وقت". وقالت تاباجوكا ان "لبنان، مثال معبر عن مجتمع تمكن من تجاوز خلافاته وان يمضي نحو المستقبل". وقالت: "من وجهة نظر الأممالمتحدة فان مشكلات لبنان لم تحل كلها، لكن المجتمع اللبناني قرر ان يمضي قدماً، ولا بد من تحيتهم عليها". وأشارت الى ان "ما رأيته فاق توقعاتي، والحريري والشعب اللبناني يستحقان هذه الجائزة". ثم تحدث الحريري بعدما عرض شريط وثائقي عن الحرب واعادة الاعمار، معرباً عن "الفخر والاعتزاز بالوقوف أمام هذا الجمهور الذي يمثل الاممالمتحدة، التي تمثل طموحات العالم مجتمعاً بالسلام والأمن والتعاون" وعن "السرور باستلام الجائزة لأنها للشعب اللبناني وجميع مسؤوليه وتكريما لتضحياته، واختيار برشلونة لما تمثله من رمز للشراكة بين دول المتوسط وخصوصاً نحن في الشرق الاوسط مع أوروبا عبر العملية التي تحمل اسمها". وشكر لعائلته وخصوصاً زوجته السيدة نازك التي دمعت في الاحتفال "مشاركتهم الفرحة بعدما شاركوني الصعوبات". واعتبر "ان الجائزة هي لأخوة لبنان وأصدقائه العرب المؤمنين به. ونحن ممتنون لسورية التي لما تمكنّا من الوصول الى الاستقرار من دون مساعدتها، وللمملكة العربية السعودية والكويت وجميع الاخوة العرب". وشكر لفرنسا ولكثير من الدول الاوروبية "فهمهم ان أهمية لبنان هي رسالته في التسامح والتعايش للعالم برمته، وفي حماية الديموقراطية". وتحدث عن ظروف بداية عملية اعادة الاعمار و"اخترنا ان نعيد بناء كل شيء في وقت واحد وكل شيء كان أولوية"، موضحاً ان "العملية مرت في مرحلتين: الأولى شهدت بداية عملية المصالحة وانتهت بالتوصل الى اتفاق الطائف. والثانيةُ، بدأت في سنة 1993 عندما شكّلنا حكومتنا الأولى وتمثل التحدي في القيام بعمليات الإعمار الشامل للبلادِ كلِّها اذ نصّت وثيقةُ الوفاق الوطني في الطائف على الإنماء المتوازن". وقال: "نجحنا في تحقيق الأهداف الأساسية للخطة لكن ذلك لا يعني ان مهمتنا اكتملت فما زال أمامنا الكثير لجعل الإنماء المتوازن متوازناً اذ لا تزال هناك مناطق تعاني من عدم تكافؤ الفرص في الكثير من الخدمات" . وتحدث عن الوضع الاقليمي فرأى "انه يبعثُ على الأسى والخوف ليس على النمو والازدهار فقط" بل وعلى الاستقرار أيضاً". وقال: "ان مهمتنا اليوم هي استئصال اليأس وجعل السلام حقيقة في فلسطينوالعراق لتعود الثقة وليس التوجس عنوان علاقتنا ورباطنا. نحن نريد سلاماً ودولةً مستقلةً للفلسطينيين، ونريد الأراضيَ اللبنانيةَ والسوريةَ المحتلةَ حرَّةً. ونريدُ أن يعودَ العراقُ حراً مستقلاً وموحَّداً. نريد السلام لكل شعوب الشرق الأوسط، وليس فقط للعرب بل لإسرائيل والعرب، ونود العيش بسلام من أجل أولادنا وأحفادنا وأولاد إسرائيل وأحفادها. نود أن تحصل الأمور على قدم المساواة". وتابع الحريري: "نعتقد بأن الفرصة قائمة دائماً أمام اسرائيل إذا أرادت حقيقة العيش بسلام مع جيرانها، وكل ما تحتاج إليه هو احترام قرارات مجلس الأمن والانسحاب من الأراضي الفلسطينيةواللبنانية والسورية والسماح للفلسطينيين بالعيش في دولة فلسطينية مستقلة كأي بلدٍ آخر في المنطقة". ودعا الى "وقف الضغوط على شعوبنا ودولنا لتستطيع العملَ في شكلٍ طبيعي من أجل النمو والتقدم". وشكر للأمم المتحدة باسم الدولة اللبنانية وباسمه هذه الجائزة، و"أُوجِّه باسمِكم نداءً لإنقاذ حضارات القدس وبيت لحم ورام الله وغزَّة وبغداد والموصل والنَجَف". واعتبر ان منح الاممالمتحدة هذه الجائزة للبنان "يعني ان بابها سيبقى دائمًا مشرعاً للدول التي تسعى لتحسين حياتها وحياة شعوبها، وستبقى دائماً أساساً في حياتنا، وعبر الحوار والانفتاح والتفاهم سننجح في جعل العالم والأممالمتحدة يفهمون قضايانا أكثر وينظرون في آرائنا ويعتمدونها". وأشار الى دور المغتربين اللبنانيين في اعادة الاعمار، والى التجربة الصعبة التي مر بها اللبنانيون، مؤكداً "انهم يصرون على العيش معاً وليس في استطاعة أحد ان يفرقهم أياً يكن السبب لأن الثمن كان باهظاً جداً ولم يأت العنف والقتل والدمار بنتيجة، ولم يؤد الا الى مزيد من الهجرة وليس من مصلحة أحد ان يتكرر ذلك".