سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ثلاث سنوات على تفجيرات نيويورك وواشنطن . مفكرون وكتاب عرب يقرأون ظاهرة 11 أيلول وأثرها على الثقافة العربية . صراع بين رؤيتين ... اصبح اميركياً ضد الارهاب 3 من 5
كان احتدام الصراع بين الرؤيتين العلمانية والدينية في منطقتنا إحدى أهم النتائج الثقافية التي ترتبت على الحادي عشر من ايلول سبتمبر 2001. وهناك مفارقة مدهشة في هذا السياق ألا وهي أن الخطاب الاميركي الذي اختزل الصراع العالمي بعد هذه الواقعة في الصراع ضد الارهاب، وجعل من ملاحقته أسامة بن لادن، ومنظمة "القاعدة" دراما عصرنا، هو نفسه الخطاب المسيحي - الصهيوني الذي يصوغه المحافظون الجدد والذي يقسم العالم بين خير وشر ويتحدث عن الرؤيا ويرى الاسلام عدواً. ارتبطت العلمانية بالحداثة والمواطنة، وما زالت منطقتنا التي لم تعرف الثورتين الصناعية والديموقراطية تتعثر حتى الدخول الى الحداثة، وتنشئ معادلات خاصة بها بين الوفرة التي راكمها الضغط الى بقاء النظم الاستبدادية، وما زال المواطن الفرد عاجزاً عن التحرر من قبضة الجماعة التي تنزع منه حرمته واستقلاله وتمنحه الحماية. لكنّ هذه المعادلة انفجرت بعد الحادي عشر من ايلول، وأصبحت النظم عاجزة حتى عن تقديم الحماية. وبقي الصراع بين الرؤيتين الدينية والعلمانية للعالم قائماً مع عدم التكافؤ بين طرفيه لمصلحة الرؤية الدينية التي ارتبطت بمشروع الإسلام السياسي للعودة الى الماضي. واستفادت من المناخ العالمي بقدرة هذا المشروع على استثمار الازمة الاجتماعية الاقتصادية الشاملة، وبرز كطرف اساس في معركة التحرر ضد الاستعمار العسكري المباشر في فلسطينوالعراق. وزادت ايضاً قدرته على النفاذ الى خلايا المجتمع. وينعكس الصراع بين الرؤيتين الدينية والعلمانية انعكاساً مباشراً على كل قضايا تحررنا الرئيسة من قضية تحرير المرأة الى حرية الفكر والاعتقاد الى تجديد الخطاب الديني. ويدور الصراع على كل هذه المستويات ويشغل حيزاً اساسياً من الخطابات الثقافية الرئيسة الاربعة: الديني والليبرالي والاشتراكي والقومي. وإن كنا سنميز ظهوراً اولياً لخطاب تحرير جديد يتأسس على ثقافة المقاومة ضد الاستعمار بعد احتلال العراق يسعى لتمييز نفسه عن الخطاب الديني السائد وهو ما سيدعم الرؤية العلمانية وإن على المدى الطويل ولا تزدهر الا في ظل الحريات العامة والديموقراطية. كاتبة مصرية