يعيش الصيادلة في بغداد، بسبب الاوضاع الامنية الراهنة، حالة خوف وقلق مستمرين، سبَّبا الخشية من تعرض صيدلياتهم للسرقة او تعرضهم شخصياً للاختطاف او بعضهم لمحاولات اغتيال غير واضحة الأهداف. وتبدو الصيدلانيات العراقيات في حال اكثر مأسوية مع اضطرار غالبيتهن الى اغلاق صيدلياتهن او تركها لادارة ازواجهن من غير اختصاصات الطب او الصيدلة. وتقول الصيدلانية نور هادي: "يدير زوجي وهو مهندس كيماوي الصيدلية التي املكها. فأنا اخشى اللصوص ومخاطر الطريق، وبات الصيادلة يقفلون صيدلياتهم قبل مغيب الشمس لا سيما مع الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي". ويشير الصيدلاني يوسف سلمان الذي يحمل مسدساً شخصياً في جيبه تحسباً لاي طارئ، الى ان الظلام يغمر الحي باكمله عند انقطاع التيار الكهربائي ما يحوِّل المكان الذي تقع فيه صيدليته الى مرتع سهل للعصابات، مؤكداً انه لم يسلم شخصياً من تعرضه للسلب حاله كحال المحال التجارية المجاورة التي تعرض اصحابها الى سرقة دخلهم وبضاعتهم. شريحة عاطلة ومع استمرار سوء الأوضاع الامنية، يخشى الصيادلة من تحولهم الى شريحة عاطلة من العمل اذ يخشى معظم الخريجين الجدد فتح صيدليات. ويقول ايمن سعدون الذي تخرج حديثاً: "يرفض ابي فتح صيدلية خاصة بي ما دفعني الى العمل في التجارة". اما في ما يخص النساء، فانهن في معظم الاحوال يعملن صباحاً فقط". وتقول سما سهيل: "اضطر زوجي الى التخلص من كل ما يشغله مساءً ليبقى معي حاملاً مسدساً فأنا اخشى استخدامه". ويقول احمد علي ابراهيم، نقيب الصيادلة العراقيين ل"الحياة": "من المحتمل ان يتحول الصيادلة الى شريحة عاطلة من العمل في مجتمع بحاجة لهم بشدة". ويضيف: "التخويف والترهيب والضغوطات التي يتعرض لها الصيادلة من جهات مجهولة ستدفع بهم الى ترك صيدلياتهم حفاظاً على ارواحهم". ويستطرد بالقول: "وقوع اكثر من محاولة اغتيال طاولت صيادلة مشهود لهم بالكفاية من دون تعرض صيدلياتهم للسرقة، كحادثة اغتيال امال صالح والصيدلانية سوسن محمد حسن تزيد خطورة الامر"، مطالباً الجهات المسؤولة بملاحقة الارهابيين "لأن الصيدليات مؤسسات صحية تقدم خدمات للناس". من جهة اخرى، يلقي العديد من الصيادلة في العراق باللائمة على غياب الرقابة والتي جعلت كل من هب ودب يمارس بيع الادوية على الرصيف او في محال لا تمت بصلة الى الدواء. ويقول الصيدلاني موفق عادل: "الطارئون على مهنة الصيدلة سببوا تراجعاً في الاقبال على الصيدليات المتخصصة، اذ تباع غالبية الادوية وأكثرها مهربة من المستشفيات الحكومية باسعار رخيصة على الارصفة"، مشيراً الى ان البعض "أدخل الى صيدليته سلعاً اخرى لا تمت بصلة الى الدواء في محاولة لتحقيق ربح معقول وتفادي الخسارة".