بدأ المعسكر الاسرائيلي المعارض لخطة "فك الارتباط" القاضية بالانسحاب الاسرائيلي من غزة واربع مستوطنات شمال الضفة الغربية، بشن هجوم غير مسبوق على رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون، معتمدا على استراتيجية مزدوجة: تحريض الجيش والشرطة على عدم الامتثال لاوامر قادتهم من جهة، واسلوب "الرفض العنيف" لعملية اجلاء المستوطنين تشمل "طرد" الجنود من التجمعات الاستيطانية وحتى التهديد بنشوب "حرب اهلية" تقسم الدولة العبرية الى قسمين. وكشف معسكر اليمين المتشدد الذي يقوده "مجلس المستوطنات" استراتيجيته هذه خلال لقاءات "خاصة" ضمت عددا من زعماء المستوطنين ووزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز، وايضا في بيان يحرض الجنود على التمرد على اوامر قادتهم والمستوى السياسي وعدم المشاركة في عمليات الاخلاء، وذلك قبل اسابيع قليلة من طرح الخطة على مجلس الوزراء الاسرائيلي لاقرارها. ووصف البيان الذي وقع عليه نحو 200 شخصية من اليمين المتطرف، الانسحاب من قطاع غزة بأنه "جريمة ضد الانسانية"، داعيا المستوطنين الى مقاومة الاخلاء ورفض التعويضات التي وصفها احد زعماء اليمين ايفي ايتام بأنها "مثل جرافات تهدم المستوطنات". وضمت قائمة التواقيع على البيان الذي نشر في صحيفة "هتسوفيه" الصادرة عن احد الاحزاب الاسرائيلية اليمينية المشاركة في حكومة شارون، والد وشقيق وزير المال الاسرائيلي بنيامين نتانياهو وزعماء المستوطنين وضباط احتياط في الجيش الاسرائيلي. وجاء في البيان ايضا ان شارون ينوي "هدم المستوطنات في أرض اسرائيل وتسليمها للعدو واقتلاع سكانها وطردهم بالعنف". وتوجه البيان الى الجنود وافراد الشرطة بالقول: "يجب ان يصغي الجنود والضباط وعناصر الشرطة الى ضميرهم الوطني وعدم المشاركة في عمليات قد يندمون عليها". ويعتبر ما ورد في هذا البيان جزءا صغيرا مما يعد له المستوطنون لمواجهة عملية الاخلاء المقرر ان تبدأ في آذار مارس المقبل وتستمر نحو سنة، اذ كشفت صحيفة "معاريف" العبرية تفاصيل اللقاء الذي جرى بين موفاز وعدد من زعماء المستوطنين الاسبوع الماضي هدد فيها رئيس مجلس مستوطنة "الفي منشيه" اليعزر حاسادي "باطلاق النار على كل من يجرؤ على اخراج ابنتي من قبرها، سواء أكان جنديا او رئيس اركان الجيش". وقال حاسادي للاذاعة الاسرائيلية امس: "اذا تم الاستمرار في هذا البرنامج الخطة من دون طرحها في انتخابات ديموقراطية في اسرائيل، سيحدث امران: الاول عصيان جماعي بين الجنود والضباط، وثانيا نوع من الحرب الاهلية بالتأكيد". وقال زعيم اخر للمستوطنين لموفاز: "خلال اسابيع سنطرد الجنود من مجتمعاتنا". وذكرت الصحيفة ان موفاز حاول من التركيز على "اخراج الجيش من النقاش"، لكنه قوبل بتصريحات "صاعقة" صدرت عن زعماء المستوطنين شملت عبارة "ليس لدينا شك انه خلال سنة ستنشأ حرب أهلية وسيشتعل خلالها كل شيء وسنتوقف عن كوننا أمة واحدة". واتهم احد أقارب نتانياهو شارون بأنه ينتهج اساليب ديكتاتورية وينتهج اساليب مشابهة للنازية. وقال ماتان بن آرتس في تصريح للاذاعة الاسرائيلية انه لم يوقع على البيان الذي نشر امس "لكنني اوقع على ما جاء فيه بأصابعي العشرة"، مضيفا: "آخر من طرد اليهود من بيوتهم كان النازيون وكل من يكرر مثل هذا العمل يعتبر تصرفه نازيا". وكان شارون واجه خلال مهرجان "شبيبة حزب ليكود" مساء اول من امس انتقادت حادة من بعض المشاركين، اذ رفعت لافتات طالبته بالاستقالة فيما وقع شجار عنيف بين مؤيديه ومعارضيه. من جهته، اعتبر وزير القضاء الاسرائيلي يوسيف لبيد تهديدات المستوطنين والحاخامات بأنها تحمل "بذور التمرد". وقال في تصريحات انه "لا يمكن ان نقف مكتوفي الايدي والتحريض اخذ يتحول الى تهديدات ملموسة تحمل بذور التمرد". ووصف دعوات المستوطنين الى "الرفض العنيف" لاخلاء المستوطنات بأنه "تحريض لحرب أهلية". وفي رده على تصريحات لبيد، ذكره النائب المتطرف ارييه الداد بالعودة الى تصريحات دعا فيها شارون الجنود الى عدم اطاعة أوامر ضباطهم في حال تعلقت باخلاء مستوطنات اثناء وجوده في المعارضة قبل عشرة اعوام. اتصالات اميركية مع المستوطنين في غضون ذلك، التقى السفير الاميركي في اسرائيل دان كيرتزر ممثلين عن المستوطنين وبحث معهم في مسألة الانسحاب من غزة، في اول مؤشر الى وجود اتصالات بين اميركا والمستوطنين. وفي تطور لافت، اتصل سكان سديروت التي تتعرض للقصف بمديرية الاتصال وطالبوا شملهم بالاخلاء بالشروط المادية المعروضة على المستوطنين.