أكد الأمين العام ل"هيئة الاغاثة الإسلامية العالمية" في المملكة العربية السعودية الدكتور عدنان خليل باشا ان الاتهامات المرفوعة ضد الهيئة أمام المحاكم الأميركية للاشتباه في علاقتها بالارهاب هي "افتراءات ساقتها جهات مغرضة"، مؤكداً ان الهيئة "تحظى بدعم وتشجيع كبيرين ... من قبل الدولة والمواطنين" وان أعمالها "لن تتوقف". وفي ما يأتي نص الحوار: أين وصلت قضية الاتهامات المرفوعة ضد هيئة الإغاثة الإسلامية أمام المحاكم الأميركية، وهل يمكن ان تنتهي بوقف نشاط الهيئة على غرار ما حدث مع "مؤسسة الحرمين الخيرية"؟ - يمكن الجزم بأن هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية وبحكم أعمالها الإنسانية التي شهدها كل العالم تنأى تماماً عن الافتراءات التي ساقتها ضدها بعض الجهات المغرضة وتبتعد تماماً عن كل ما هو مرتبط بالإرهاب. ويمكن لأي متابع لإنجازاتها ونشاطاتها وبرامجها الإغاثية أن يدرك بأنها تعمل وفق برامج وضوابط محددة تعنى بمساعدة المنكوبين في حالات المحن. والهيئة ردت على تلك الاتهامات بما تحقق لها على أرض الواقع من إنجازات متعددة في مجال الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية والتنموية. وعلى رغم الثقة الغالية التي نالتها من المتبرعين الكرام فإنها حرصت على تقديم تبرعاتها من خلال قنوات معروفة، إضافة إلى إيجاد تنسيق مستمر مع سفارات المملكة في مختلف الدول. كما أوجدت جسوراً من التفاهم والتواصل والتعاون مع المنظمات الإنسانية المحلية والإقليمية والدولية مثل برنامج الغذاء العالمي والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين والمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة واليونسكو واليونيسف وغيرها. وهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية بريئة من أي اتهامات مغرضة وهو ما أوضحه المحامي الأميركي الذي يمثل الهيئة في الدعوى المرفوعة في الولاياتالمتحدة حيث أكد أنه لا يوجد أي دليل يدين الهيئة ويثبت شيئاً حول ارتباطها بالإرهاب أو دعم الإرهاب بعدما اطّلع على النظام المالي ودقة سير الإجراءات المالية في الهيئة، وبالتالي أوضح للجميع أن النظام المالي والرقابي لا يمكن أن يسمح بتسرب أي أموال لأي جهات إرهابية. هل كانت الهيئة تتعاون مع منظمات ومؤسسات إغاثية تدعم تنظيم "القاعدة" بطريقة غير مباشرة؟ - مواقف الهيئة في مجال تقديم المساعدات واضحة تماماً، وهي من المواقف النبيلة التي تعد من "الثوابت" التي لا يمكن أن تتزعزع أو تنهار أمام أي عاصفة. وكلنا نذكر الدعوة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين في المؤتمر الذي عقدته مجموعة ال77 والصين في هافانا عندما دعا الى الاهتمام بقضايا المجتمعات الفقيرة والعمل للقضاء على الجوع والجهل والمرض. ومثل هذا الاهتمام بهذه الفئات المحرومة نابع من أصالة بلادنا وشعبها الذي ترعرع على حب الخير وعمله لا سيما أن المملكة أسهمت بدور ريادي في دفع عجلة التنمية في البلدان النامية، وكان لبلادنا وللهيئات الخيرية فيها دور كبير في مجال المبادرات الخيرية بدوافع إنسانية بحتة مستمدة من دين قويم وحضارة عريقة، وبالتالي لا يمكن لمثل هذه الهيئة أن تتعاون مع أية جهات لا تدعو لقيم الخير والإحسان التي تحرص الهيئة على ترسيخها في المجتمعات الإنسانية. أما العون المادي فالهيئة ملتزمة فقط تمويل برامجها ومشاريعها التابعة لها وفق آليات للصرف مقننة وعبر قنوات المصارف الرسمية لمكاتبها الخارجية مباشرة ومن دون وسيط. بدأت الهيئة اتخاذ وسائل جديدة للعمل الإغاثي على ضوء المتغيرات الدولية بالتبرع من طريق الأسهم. هل ترون أنها ناجحة وأكثر تنظيماً للمساعدات الإغاثية أكثر من السابق؟ - هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية ومنذ أن بزغ نجمها تعمل وفق برامج واستراتيجيات تصب كلها في مجال العمل الإنساني حيث تقوم بإرسال وفودها وقوافلها الإغاثية لتوزيع مساعداتها لمستحقيها ومن دون تمييز لعوامل الجنس أو اللون أو المعتقد. والهيئة تتخذ في سبيل تحقيق أهدافها أي وسيلة لا تتنافى مع الشريعة الإسلامية في جمع التبرعات، فهي تتلقى ما يبذله أهل الخير من ولاة الأمر ورجال الأعمال والمواطنين من ذوي الهمم العالية من التبرعات بجانب حض المسلمين على التطوع بالجهود والتبرع بالمال، وما التبرع من طريق الأسهم الا وسيلة جديدة لتنظيم التبرعات وهي لا تزال في مهدها ويتوقع لها النجاح إن شاء الله. هل تعانون من توقف التبرعات في الفترة الحالية مما يهدد بوقف العمل الإغاثي وعدم القدرة على المواصلة؟ - تحظى هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية بدعم وتشجيع كبيرين من ولاة الأمر في بلادنا وتلقى العون والمؤازرة من الدولة والمواطنين على حد سواء، مما مكنها من السير قدماً نحو تحقيق غاياتها النبيلة والوصول إلى كل المناطق المتأثرة بالكوارث من حروب أهلية وصراعات طائفية وفيضانات وزلازل ومجاعات وجفاف وقحط، كما حظيت الهيئة بثقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز لتوزيع عشرات الآلاف من أطنان التمور على ملايين الفقراء والمحتاجين. والهيئة تلقى كل رعاية واهتمام من كافل المسؤولين بالدولة من الأمراء والعلماء والوزراء وكل محبي الخير من قطاعات الشعب السعودي كافة، مما جعل هذا الصرح الذي تحتضنه المملكة ينشر ظلال الخير والعطاء في أكثر من 90 دولة من دول العالم ويقدم أقصى خدماته الإغاثية لكل الشرائح المنكوبة. وانطلاقاً من ذلك فإن أعمال الهيئة لن تتوقف بحول الله تعالى، بل إن مسيرتها وعطاءها يتواصلان بإذن الله تعالى في سائر حالات المحن والملمات. فالخير ممدود إليها من أصحاب القلوب الرحيمة ولا يمكن وصف هذه الحال بالشح أو توقف التبرعات. من كان يقف وراء قرار الحكومة الموريتانية بإغلاق مكتبكم في نواكشوط؟ - كل ما في الأمر أن السلطات الموريتانية ألغت الاتفاقية الموقعة بين الهيئة وبينها من جانب واحد ومن دون إبداء أسباب ذلك على رغم أن مكتبنا هناك، وبحسب الاتفاقية، كان يقوم بأعمال وأنشطة إغاثية مرتبطة بالخدمات التنموية والصحية والاجتماعية والتعليمية وتقديم الإغاثة العاجلة. هل كل ما يقدم من تبرعات مالية من الهيئة يخضع لرقابة الجهات المعنية في السعودية مثل مؤسسة النقد السعودي؟ - هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية وكرافد من روافد الخير السعودي لها ضوابط وبالتالي فإنها تحترم كل القوانين وتستهدي بإرشادات الدولة في كل مسارها. وبجانب ذلك فإن لها قنوات معروفة وهي موازنات برامجها ومشاريعها الإغاثية والتنموية والاجتماعية والتعليمية والصحية، ووسائل ايصالها هي: 1- عبر المصارف الرسمية سواء في المملكة أو في الدول المستفيدة. 2- وعبر موازنة مدروسة ومعتمدة من قبل اللجنة التنفيذية لمجلس إدارة الهيئة ثم مصادقة واعتماد مجلس إدارة الهيئة. 3- وعبر مكاتب الهيئة في الخارج أو سفارات المملكة في الدول المستفيدة باستثناء الدول التي لا يوجد بها مكاتب للهيئة أو سفارات للمملكة فيتم الصرف وفي أضيق الحدود بواسطة جمعيات موثوق فيها وذلك في ما يخص تنفيذ مشروع إفطار صائم. 4- وعبر ثلاث جهات رقابية قبل الصرف وبعده وتتمثل في جهاز المراقب الداخلي ويتبع رئيس مجلس الإدارة والمراقب المالي قبل الصرف، ومكتب المحاسب القانوني الذي تحدده اللجنة التنفيذية في مجلس إدارة الهيئة ثم يوافق عليه مجلس الإدارة. 5- وعبر دليل محاسبي موحد لجميع المكاتب المحلية والخارجية لإحكام الرقابة على دورة الصرف والتحصيل وإحكام الدورة المحاسبية والمستندية بالمكاتب مما لا يتيح مجالاً للاجتهاد مع متابعة المكاتب من خلال إرسالهم ميزان مراجعة شهري يوضح حركة الحسابات بالمكتب. 6- وعبر مراجعة ورقابة بمكاتب الهيئة الخارجية حيث يخضع معظمها لمكاتب محاسبين قانونيين محليين تتولى المراجعة والتدقيق لحساباتها وتعطي صورة منها للجهات الرسمية في تلك الدول. 7- بعد تقديم الهيئة لخطة عملها ونوعية مشاريعها وبرامجها للجهات الحكومية بالدول المستفيدة عند الطلب. 8- بعد ورود تقارير دورية والقيام بزيارات ميدانية لمعرفة الوضع المالي والإداري للمكتب من قبل إدارة المتابعة المالية والإدارية. 9- بعد تسديد المكاتب الخارجية للدفعات السابقة والتأكد من التزاماتها وتقيدها بالموازنة المعتمدة والتحقق من أن جميع المبالغ قد صرفت في الأوجه المخصصة لها. هل ترى أن الاتهامات الأميركية موجهة فقط تجاه العمل الإسلامي أم أنها تتجاوز إلى الحكومات والمسؤولين في الدولة أيضاً. - لم تتلق الهيئة رسمياً من أي جهة كانت أي دليل مادي ضدها ولا يمكن للهيئة أن تجمع بين جهودها الإنسانية والخيرية ودعم المنظمات الإجرامية. فاليد الحانية التي تمسح على رأس اليتيم وتكفكف دموع الفقير لا يمكن أن تسهم في إشاعة الخوف والذعر بين الآمنين مهما كانت دياناتهم. هل تعتقد أن ارتباط الهيئة باسم المملكة لعب دوراً في تعبئة الاتهامات الغربية ضدها بحكم مواقفها الدولية الراسخة؟ - ارتبط عطاء هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية ونشاطها وعالميتها باسم المملكة العربية السعودية وحرصت على تأكيد ذلك الارتباط من خلال مطبوعاتها التي تصدر باللغات الأجنبية المختلفة وأوراق العمل التي تقدمها في المحافل الدولية ومؤتمرات الأممالمتحدة الإغاثية، وذلك لإبراز دور المملكة الرائد في حقول العمل الإغاثي والخيري. ولا شك في أن هذا الارتباط أعطى الهيئة قوة للاستمرار في أعمالها الخيرية ذلك لأن المملكة وبما حباها الله من خيرات لها القدرة في تقديم عطائها الإنساني وبالتالي فان هذا العطاء الجزيل أدركه الداني والقاصي، والهيئة أيضاً تعد عضواً فعالاً في المنظومات الإغاثية العالمية ولها سمعتها الطيبة ومكانتها الدولية المرموقة. نفت الهيئة مسؤولياتها عمّا يردده بعض أهالي بعض المعتقلين في غوانتانامو من أنهم كانوا يعملون في الهيئة للمساعدة الإغاثية؟ - الكثيرون يعتقدون بأن هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية هي الهيئة الوحيدة التي تحمل هذا الاسم في العالم الإسلامي. هناك هيئات كثيرة لها الاسم نفسه، وإن كان هناك اختلاف بسيط، إلا أن شهرة الهيئة وأعمالها الكبيرة وانتشارها الواسع جعلت بعضهم يعتقد بأن كل نشاط اغاثي تم تحت مظلة الهيئة واسمها وموافقتها. ونظراً لاتساع رقعة العالم الإسلامي واحتياج معظم مناطقه للغوث اختلط على بعضهم النشاط الإغاثي المقنن الذي تقوم به هيئة الإغاثة وفق قواعد صارمة وما اجتهد فيه البعض الآخرون والمنظمات الصغيرة والأفراد وهذا ما حصل بالضبط. هل تعتقدون أن الوقت حان لتكون هناك طرق بديلة لمواجهة الهجوم الأميركي ليس بالدفاع بل بالهجوم أيضاً أو كيف ترون الحل من وجهة نظركم؟ - مادامت الهيئة متأكدة تماماً من براءتها من أي افتراء وبعدها عن أي اتهام فإنها ستقوم بأداء رسالتها الإنسانية من دون النظر أو الالتفات لأية جهة تشكك في أعمالها. كما أنها ستمضي في تحقيق أهدافها الإنسانية والمتمثلة في مجال الخدمات التنموية والصحية والاجتماعية والتعليمية. لم يكن لكم أي نشاط مساعدات خارجية في العراق أو إقليم دارفور غرب السودان. هل يعني هذا توقفكم عن العمل الإغاثي الخارجي أم أن الهيئة باتت فقيرة بعد توقف الدعم عنها؟ - منذ أن برزت مشكلة الحرب في العراق فإن الهيئة وكعادتها في كل حالات المحن والكوارث والملمات استعدت لمجابهة هذه الأزمة ورفعت درجة استعداداتها للحد الأقصى حتى تستطيع أن تواجه الأزمة بصورة فعالة، لا سيما أنها من خلال تجاربها السابقة تدرك تماماً بأن مثل هذه الحرب الطاحنة لها آثار سلبية وخيمة وبالتالي فإن الهيئة ومن خلال مكاتبها الداخلية خصوصاً في مناطق الشرقية والشمالية وتبوك استعدت لتقديم الغوث للمنكوبين وهي أيضاً ومن خلال مكتبها في كردستان العراق وبفروعه الثلاثة في دهوك والسليمانية وكركوك وكذلك في مكتب عمان بذلت جهوداً كبيرة لتوفير احتياجات المنكوبين من مواد غذائية وخيام وأدوية وملابس وأحذية وغيرها. وذهب وفد من الهيئة إلى بغداد لتقديم كمية كبيرة من المواد الإغاثية تبلغ قيمتها 700 ألف ريال كمرحلة أولى من المساعدات التي خصصت لمساعدة الأشقاء العراقيين. وكانت المعونات الإنسانية التي جمعتها الهيئة لمساندة الشعب العراقي كثيرة ومتنوعة، منها خدمات علاجية وصحية بأشكالها المتعددة وخدمات اجتماعية وغذائية وإيوائية للمشردين. وأرسلت الهيئة 10 شاحنات من الأدوية والمستلزمات والأدوات الطبية والمواد الغذائية وبكلفة إجمالية قدرها مليون دولار بالتعاون مع الهلال الأحمر الأردني وذلك لدعم الكثير من الجهات الطبية في أنحاء متفرقة من العاصمة العراقية مثل مستشفى الهلال الأحمر ومستشفى مدينة الطب ومستشفى الأطفال الرئيسي ومستشفى الأطفال بالكرخ ومستشفى ابن الهيثم. أما بالنسبة الى مساعدة المنكوبين في دارفور، ففتحت الهيئة مكتباً جديداً في تلك المنطقة وبموازنة قدرها مليون ريال بغية تقديم عونها المستمر لأولئك النازحين وكانت قد رصدت في البداية نصف مليون ريال لتأمين المواد الغذائية لهؤلاء المتضررين.