قلل الأمين العالم لهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية الدكتور عدنان خليل باشا من تأثير التهم الموجهة إلى منظمته في أميركا، واعتبرها بلا دليل، وغير قادرة على إعاقة عمل الهيئة، التي قال إن أنظمتها المالية «محصنة ضد الاختراق». وأكد في حوار مع «الحياة» أن «الهيئة» بنت شبكة حصينة من الرقابة المالية على وارداتها ومصروفاتها، يستحيل معها صرف أي فلس في غير ما خطط له. وعدد قنوات عدة قال إن الموازنات تمر عبرها، قبل أن تعتمد. وفي محاولة للكشف عن أبرز عناصر الصدقية التي تختص بها منظمته، كشف باشا أن «الهيئة» تحظى بشراكات من العيار الثقيل، مع منظمات أممية مرموقة، تتبع الأممالمتحدة. إضافة إلى أن عملها في كل دول العالم لا يخالف قوانين الدول التي وجدت فيها لخدمة أهلها. وكان باشا في تركيزه على هذه الجزئية يشير إلى نقاط الضعف التي أخذت على عدد من المؤسسات الخيرية بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، إذ اتهمت بأن أنظمتها المالية غير «متينة»، بما يعصمها من «لصوص الإرهاب». في ما يأتي نص حوار معه. ما هي مواقف الهيئة تجاه الاتهامات الأميركية بإلصاقها لصفة (الإرهاب) وهل أدت تلك الاتهامات إلى تشويه صورة (الهيئة)؟ - على رغم أن هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية سبق أن برأت نفسها من هذه الاتهامات فإن موقف المحامي الأميركي الذي يمثل الهيئة حيال هذه الدعوى يؤكد تماماً تلك البراءة وعدم وقوعها في هذا (المستنقع)، إذ أكد المحامي الأميركي أنه لا يوجد أي دليل يدين الهيئة ويثبت شيئاً حول ارتباطها بالإرهاب أو دعمه، وكان المحامي وقبل أن يدعي بذلك، اطلع على النظام المالي والرقابي ودقة سير الإجراءات المالية في الهيئة وبالتالي أوضح أن هذا النظام ليس فيه أي منفذ لتسرب الأموال لأية جهات إرهابية. الهيئة بدورها أو بمقدورها أن تجزم تماماً وبحكم أعمالها الإنسانية التي شهدها كل العالم أنها تنأى عن تلك الافتراءات التي ساقتها بعض الجهات المغرضة كما أن إنجازاتها ونشاطاتها وبرامجها الإغاثية تؤكد أنها تعمل وفق برامج وضوابط محددة وأن كل همها وتوقها هو الوصول إلى مواقع المنكوبين وإغداق مساعداتها في كل حالات المحن أو الملمات أو في تلك الظروف الصعبة التي تحيط برقاب المكدودين والملهوفين. هل أثرت الهجمة الإعلامية الشرسة على العمل الإغاثي الإسلامي على المتبرعين للعمل الخيري وما البدائل لديكم للحصول على التمويل لمشاريعكم التنموية والإغاثية؟ - يمكن الجزم بأن هيئة الإغاثة بحكم أعمالها الإنسانية التي شهدها كل العالم تنأى تماماً عن الافتراءات التي ساقتها بعض الجهات المغرضة وتبتعد تماماً عن كل ما هو مرتبط ب ( الإرهاب) ويمكن لأي متابع لإنجازاتها ونشاطاتها وبرامجها الإغاثية أن يدرك بأنها تعمل وفق برامج وضوابط محددة تعنى بمساعدة المنكوبين في حالات المحن من دون أي شيء آخر. والهيئة تقديراً منها للثقة الغالية التي نالتها من المتبرعين الكرام فإنها حرصت على تمويل مشاريعها مباشرة من دون وسيط وتعتمد بعد الله عز وجل على إسهامات الخيرين من أبناء المملكة ممن يثقون في كفاءة الهيئة ومهنيتها العالية في الغوث الإنساني وإعادة الإعمار والتنمية من دون تمييز أو منّ أو أذى، هذا إضافة إلى أن الهيئة بدأت ولله الحمد تقطف ثمار ريادتها في مشاريع الأوقاف التي أطلقتها بنجاح وغدت جزءاً مقدراً لتمويل مشاريعها الخيرية والإغاثية من ريع الأوقاف. كما بنت جسوراً من التفاهم والتواصل والتعاون مع المنظمات الإنسانية المحلية والإقليمية والدولية مثل برنامج «الغذاء العالمي» و«المفوضية العليا لشؤون اللاجئين» و«المجلس الاقتصادي والاجتماعي» التابع للأمم المتحدة و«اليونسكو» و«اليونيسيف» ووكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى «الأونروا». هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية متأكدة تماماً بأنها بعيدة ولله الحمد عن كل الشبهات، ويشهد لها بذلك القاصي والداني. هل تعيق البيروقراطية أعمال الهيئة في بعض الدول؟ - الهيئة أصبحت تمتلك خبرة واسعة لأكثر من عقدين من الزمان في التعامل مع الأحداث كافة، وتجتهد كثيراً في تذليل كل الصعاب، ولها قدرات هائلة في توصيل حاجات المنكوبين في حالات الكوارث، وأصبحت بهذه القدرات نموذجاً يحتذى من قبل بعض المنظمات والمؤسسات الخيرية العالمية، وهي من أوائل المنظمات الخيرية التي وصلت إلى محل كوارث مثل تسونامي وزلازل اندونيسيا والجفاف في النيجر والصومال، بل إن هناك مناطق أخرى مثخنة بالجروح وصلتها الهيئة قبل أي جهة أخرى من العالم ممّا جعل بعض الجهات العالمية التي تعمل في هذه الحقول تستعين بالهيئة في حالات كثيرة، وبالتالي فإن الهيئة وبهذه السلوكيات الحضارية استطاعت أن تتعامل بحرفية مع مظاهر البيروقراطية، خصوصاً وأن كثيراً من دول العالم تفهمت بقدر كبير دور الهيئة وجهودها في مجال الخدمات الإنسانية، فخففت من إجراءاتها البيروقراطية في التعامل معها. وماذا عن التعاون والشراكة بين الهيئة والمنظمات العالمية؟ - وقعت الهيئة عدداً من اتفاقات الشراكة والتعاون لتنفيذ مشاريع إغاثية وتنموية في عدد من الدول التي تعاني من الفقر والكوارث. ما هي أبرز هذه الشراكات؟ - التعاون مع المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتعاون مع برنامج الغذاء العالمي في كينيا وتنزانيا وموزمبيق وسيراليون والسودان، والتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو)، والتعاون مع منظمة الأممالمتحدة لرعاية الطفولة، وكذلك مع منظمة الصحة العالمية في تنفيذ ثلاث دورات تدريبية للقابلات غير المؤهلات. ما أنواع الرقابة التي تتم على الإجراءات المالية للهيئة؟ - هناك إجراءات مالية تتخذها الهيئة لضمان وصول التبرعات للمستفيدين تتلخص في إعداد برامج مدرجة في موازنة مدروسة ومعتمدة من اللجنة التنفيذية لمجلس إدارة الهيئة، ثم مصادقة واعتماد مجلس إدارة الهيئة، ومرور عملية الصرف على ثلاث جهات رقابية قبل الصرف وبعده، وتتمثل في (المراقب المالي قبل الصرف. جهاز المراقب الداخلي، ويتبع رئيس مجلس الإدارة. مكتب المحاسب القانوني الذي تعينه الجمعية العامة للهيئة)، إرسال التبرعات بحوالات بنكية أو شيكات عبر البنوك الرسمية سواء بالمملكة أو في الدول المستفيدة. وجود دليل محاسبي موحّد لجميع المكاتب المحلية والخارجية لإحكام الرقابة على دورة الصرف والتحصيل وإحكام الدورة المحاسبية والمستندية بالمكاتب. تعيين مكاتب محاسبة قانونية محلية لمكاتب الهيئة الخارجية لتدقيق ومراجعة حساباتها وتزويد الجهات الرسمية في الدول التي تعمل فيها بصورة منها. التزام مكاتب الهيئة بتقديم خطة عملها ونوعية مشاريعها وبرامجها للجهات الحكومية بالدول المستفيدة عند الطلب. إعداد تقارير دورية بناء على الزيارات الميدانية لمعرفة الوضع المالي والإداري للمكتب من خلال المتابعة المستمرة من إدارة المتابعة المالية والإدارية. مطالبة المكاتب الخارجية بتسديد الدفعات السابقة والتأكد من التزامها وتقيدها بالموازنة المعتمدة والتحقق من أن جميع المبالغ صرفت في الأوجه المخصصة لها. تقديم تقارير مدعمة بالصور الثابتة والمتحركة للمتبرع الكريم تبين وتبرز التزام الهيئة بتنفيذ شروطه. كيف يتم تقديم الإعانات والمساعدات الخيرية خارج المملكة وكيف يتم اختيار المشروع الذي يقدم له العون؟ - بالنسبة للمساعدات هناك موازنة محددة للصرف على الكوارث لأنها أشياء غيبية وعند حدوثها يتم الصرف مبدئياً بصفة عاجلة من الزكاة، ثم الشروع في تنفيذ حملة إغاثية، يصرف عليها، كما يصرف على التنمية المستدامة أو الإغاثة الوقائية، ويتمثل ذلك في مساعدة الأفراد أو الأسر أو المجتمعات عن طريق مشاريع يستمر نفعها، اما اختيار المشروع فيتم عبر مسح ميداني للحاجات وتقدير كلفتها الاقتصادية، وتواجد المثل من عدمه في المنطقة المستهدفة ودراسة الجدوى من قيامه، ومن ثم بحث الجوانب المالية والقانونية واللوجستية مع الجهات المعنية بالأمر في الدولة المعنية، ثم مراجعة الملف من الرعاية المختصة بالأمانة العامة، تمهيداً لإعداد ملف تسويق المشروع في مكاتب الهيئة فإذا اكتملت هذه الخطوات أدرج في الموازنة المقترحة ولا يتم التنفيذ إلا بعد اعتماد مجلس إدارة الهيئة لموازنة المشروع. ما دور الهيئة التي تترأسون أمانتها العامة في إغاثة اللاجئين عالمياً؟ - تتمثل معظم حاجات اللاجئين في توفير المأوى، إذ يفقد الكثير منهم مساكنهم أو بيوتهم، فلابد من توفير المأوى على شكل خيام، وتقدم لهم الهيئة أيضاً مواد غذائية متنوعة، كما تقدم الهيئة خدمات صحية لهؤلاء المنكوبين في مثل هذه المحن والملمات، خصوصاً وأن مثل هذه الكوارث بأنواعها تسبب أمراضاً متعددة مثل الكوليرا والملاريا والدوسنتاريا والبلهارسيا والتايفود. ما هي مساهمات الهيئة في حل مشكلات المياه، وفي توفير الغذاء للفقراء والمحتاجين؟ - تقوم هيئة الإغاثة الإسلامية بدور كبير في توفير مياه الشرب والري في كثير من المناطق التي ضربتها موجة الجفاف والقحط، لاسيما وأن تلك المناطق المقفرة تقع في جوف الصحاري وتفتقر لأبسط مقومات الحياة، إلى جانب بعدها ونأيها وافتقارها لكل الوسائل المتاحة للمواصلات، إذ إن قوافل الهيئة التي ارتادت تلك المناطق لعمل مسوحات ميدانية استعانت بالدواب في سبيل الوصول إليها ولاقت الكثير من المعاناة لكنها نذرت نفسها في سبيل العمل الإنساني. وتمكنت هذه الجهود التي بذلتها في هذا الصدد والتي تمثلت في حفر العديد من الآبار الارتوازية والسطحية في توفير كميات كبيرة من المياه، كما أنها إلى جانب الشرب حولت معظم المساحات القاحلة إلى مساحات خضراء أينع فيها الزرع والضرع ما وفر الكثير من المحصولات الزراعية. لقد قامت هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية بحفر وتجهيز (5745) بئراً ارتوازية وسطحية في (37) دولة من دول قارات آسيا وأفريقيا واستفاد منها نحو(مليوني) مواطن من أبناء تلك الدول. ما أبرز جوانب الأنشطة الداخلية المقدمة من الهيئة؟ - هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية تهتم اهتماماً خاصاً بكل فئات المحتاجين داخل المملكة، وهذا الاهتمام يفوق أي اهتمام آخر، خصوصاً من يحتاج منهم للمساعدة العاجلة، وتسعى الهيئة بقدر إمكاناتها للوصول إليهم في مناطقهم، وقدمت لهم مساعداتها العينية والنقدية منذ عام 1412ه وحتى الآن بلغ مجموعها أكثر من (168) مليون ريال، أنفقت على مساعدات متنوعة، بينها كفالة (348) طالباً وطالبة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكفالة ( 13.000 ) يتيماً ويتيمة.